دخل نتنياهو في الأسابيع الأخيرة في مواجهة متواصلة مع قيادة قطر، التي تتوسط بين إسرائيل وحماس في المفاوضات حول صفقة جديدة لتبادل المخطوفين. كرر نتنياهو هجومه علناً على الإمارة الخليجية لأنها لا تفعل بما فيه الكفاية للدفع قدماً بإطلاق سراح الـ 134 مخطوفاً إسرائيلياً المحتجزين في قطاع غزة. في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أول أمس في القدس بمشاركة رؤساء الجاليات اليهودية في أمريكا، الأعضاء في لجنة الرؤساء، قدم فيه إيماءات بأن طاقم المفاوضات القطري يمكنه أن يفعل أكثر مما يفعل لضغط على حماس، وحتى إنه يتحمل المسؤولية عن تأخير إطلاق سراح المخطوفين.
سواء دار الحديث عن تقديرات حقيقية أم عن محاولة تكتيكية لزيادة الضغط على حماس، فأقوال نتنياهو أغضبت القائمين على قناة المفاوضات الأكثر أهمية مع المنظمة الإرهابية في غزة. المتحدث بلسان وزارة الخارجية في قطر، ماجد الأنصاري، اتهم أمس نتنياهو بمحاولة “إطالة الحرب” عن طريق المماطلة في المفاوضات، وقبل بضعة أسابيع قدر بأن نتنياهو يعمل على إفشال الصفقة لأسباب سياسية.
نتنياهو، الذي لا يكثر من إلقاء الخطابات في أحداث علنية منذ 7 أكتوبر، وقف أول أمس في متحف التسامح في القدس لتقديم الاحترام لأعضاء لجنة الرؤساء. وتوجه للحضور في القاعة، وطلب منهم زيادة الضغط على قطر كي تستخدم تأثيرها على حماس لإطلاق سراح المخطوفين. “استخدام الضغط لا يجب أن يكون على حماس فقط، بل على الذين يمكنهم الضغط على حماس، وقطر في المقام الأول”، قال نتنياهو. “لدى قطر إمكانية ضغط على حماس أكثر من الآخرين. فهي تستضيف قادة حماس والمنظمة تعتمد عليهم اقتصادياً”.
ورداً على خطاب ألقاه نتنياهو في المؤتمر، قال المتحدث بلسان وزارة خارجية قطر: “أرفض بشدة اتهامات فارغة من رئيس حكومة إسرائيل، التي تفيد بأن جهود قطر لإعادة إعمار القطاع ومساعدته تستهدف تمويل حماس”. وأكد الأنصاري أن نتنياهو يعرف جيداً بأن هذه الجهود “تم تنسيقها بشكل كامل مع إسرائيل والولايات المتحدة ومصر والأمم المتحدة والأطراف ذات الصلة بهذا الأمر”. وأضاف: “دعوة نتنياهو الموجهة لقطر من أجل الضغط على حماس لإطلاق سراح المخطوفين، هي محاولة لإطالة زمن القتال لأسباب واضحة للجميع”.
حسب أقوال الأنصاري، فإن الدوحة تدعو نتنياهو إلى “التركيز على المفاوضات التي تخدم الدفع قدماً بالأمن في المنطقة، وإنهاء المأساة المتواصلة جراء الحرب بدلاً من الانشغال بمثل هذه التصريحات في كل مرة تتساوق فيها هذه التصريحات مع أجندته السياسية الضيقة”.
التشاجر العلني لم يبدأ في هذا الأسبوع؛ ففي نهاية كانون الثاني نشرت “أخبار 12” تسجيلات سرية لنتنياهو في لقاء مع عائلات المخطوفين، قال فيها إنه لا يثق بوساطة قطر. “قطر لا تختلف جوهرياً عن الأمم المتحدة، أو عن الصليب الأحمر. وبمعنى ما، هي أكثر إشكالية. لا أوهام عندي بخصوصها”. حسب قوله، فإن سبب استعانته بوساطة الدوحة أن “لديها أداة ضغط على حماس. لماذا لها أداة ضغط؟ لأنها تموّلها”، وأضاف بأنه يتجنب بشكل متعمد شكر قطر على جهود الوساطة.
وأوضح الأنصاري لوسائل الإعلام أن الدوحة “أصيبت بالصدمة من التصريحات التي نسبت لنتنياهو في وسائل الإعلام. فهي تصريحات غير مسؤولة، وتحطم الجهود المبذولة لإنقاذ الحياة. وإذا كانت أقواله صحيحة، فهي تفشل الوساطة في صفقة كبيرة تستهدف خدمة حياته السياسية بدلاً من إعطاء الأولوية لإنقاذ حياة الأبرياء”.
مصادر مطلعة على شبكة العلاقات بين إسرائيل وقطر، قدرت أن المواجهة استهدفت مساعدة نتنياهو على تقليص ضغط الجمهور الإسرائيلي عليه، بسبب تأخير الصفقة. الأنصاري ومصادر أخرى مقربة من طاقم قطر، أشارت إلى أن المواجهة العلنية لا تمس بالمفاوضات من أجل الصفقة أو التزام الدولتين بمسار الوساطة التي تقوم بها قطر.
يونتان ليس
هآرتس 20/2/2024