سكان من قرية برقة تحدثوا للصحيفة عن الهجوم الذي أطلق فيه المستوطنون النار وقتلوا ابن القرية قصي معطان، مساء الجمعة. وقالوا إنه قد سبق إطلاق النار مواجهة مع المستوطنين تضمنت رشق الحجارة. وقالوا أيضاً إن المتهم الرئيسي في قتل معطان أصيب برأسه فقط بعد إطلاق النار. وقال أحدهم إن المستوطنين تقدموا نحو السكان “وبدأوا يطلقون النار بشكل عشوائي”.
“رشقوا علينا الحجارة، وعندها رشقناهم أيضاً. بعد ذلك، أطلقوا علينا النار وهربنا”، قال حسن بركات، الذي كان في المرعى عند وصول المستوطنين. عندما هرب الرعاة الفلسطينيون، قال الشهود، تقدم المستوطنون نحو أراضي القرية ووصلوا على بعد مسافة 500 متر من بيوتها.
بدأت الحادثة في السادسة والنصف مساء، وعندها تم تلقي رسالة في مجموعة “أبناء برقة” عبر “الواتساب”، حذر فيها سكان القرية من وصول المستوطنين إلى الأراضي الزراعية من جهة البؤرة الاستيطانية “عوز تسيون”. وصل أحمد، وهو أحد سكان برقة، إلى المكان في سيارته كي يبحث عن الأغنام التي تفرقت أثناء الحادثة. “أوقفت سيارتي، فأحرقها المستوطنون”، وأضاف: “لم أتمكن من فعل أي شيء لأنهم أطلقوا النار حينها. السيارة والهاتف ضاعا. بقايا السيارة المحروقة ما زالت حتى يوم أمس على الطريق الترابية التي كانت -حسب الشهادات- بؤرة الصراع.
أحد الرعاة كبار السن، الذي كان في المكان قال بأن المستوطنين سرقوا حماره أثناء الاضطرابات. “كلفني نحو ألف شيكل”، قال. في اليوم التالي للحادثة، قال إنه شاهد حماره مربوطاً في بؤرة “عوز تسيون” المجاورة. وقال سكان القرية إنه قبل بضعة أيام من ذلك، ترك أحد الرعاة الذي اعتاد المكوث في الخيمة التي بدأ فيها الاعتداء، المكان بعد أن اقترب المستوطنون منه بالتراكتورات وطردوه.
رائد رشيد، وهو أحد سكان برقة (70 سنة)، وصل إلى المكان عقب الرسالة التي تخبر عن وصول المستوطنين. “بعد الظهر وصلتنا أنباء بوجود مستوطنين في الأرض. صعدنا إلى أعلى. في البداية جعلناهم يهربون، لكن بعد ذلك حضر المزيد منهم. كانوا يحملون حجارة ومقاليع. بدأوا برشق الحجارة من الجانبين”، قال. “تقدموا نحونا وبدأوا يطلقون النار بشكل عشوائي. عندها أصبت بحجر في رأسي”، أضاف رشيد، وأشار إلى الضمادة على رأسه. وقد تم نقله من هناك إلى المستشفى وغادره مساء. حسب أقوال الشهود، كان المكان يضم عشرات الفلسطينيين وبضع عشرات من المستوطنين في لحظة ذروة المواجهة.
أبو حلم، وهو أحد سكان القرية والذي كان حاضراً في مكان الحادثة، قال إنه اتصل بإدارة التنسيق والارتباط الفلسطينية، المسؤولة عن الاتصال مع قوات الأمن الإسرائيلية، سبع مرات، بدءاً من الساعة 19:30. تأخر الجيش، وصل بعد ساعة على إطلاق النار على قصي، كما قال السكان.
شقيق قصي، هو الوحيد من بين الشهود الذي تحدث مع “هآرتس”، والتي شاهد اللحظة الدقيقة التي أطلق فيها المستوطنون النار على قصي. وحسب قوله، وصل إلى المكان في الساعة 19:50 حين كان قصي حاضراً في المكان. ووقف مع عدد من الأشخاص على قطعة أرض مرتفعة، على بعد بضع عشرات من الأمتار عن المستوطنين الذين كانوا يقفون على طريق ترابية. “مكثت هناك خمس دقائق تقريباً، وعندها قلت له هيا نعود. رجعت إلى الوراء، وقال لي هيا نذهب واستدار، وعندها أصابه الرصاص من الخلف. سمعته يقول: أي”. وحسب أقوال شقيقه، أطلق عليه مستوطنون النار، الأول كان يحمل مسدساً، والآخر كانت معه بندقية ام 16، وقد نزلا قبل فترة قصيرة من سيارة “تندر” من نوع “تويوتا”.
اثنان من الشهود، اللذان تحدثا مع “هآرتس”، قالا إن المتهم الرئيسي بإطلاق النار، يحيئيل اندور، أصيب في رأسه بعد إطلاقه النار على قصي، لأن الكثير من الفلسطينيين جاؤوا إلى المكان في هذه المرحلة، وتقدموا نحو المستوطنين وأصبحت المواجهة بين الطرفين عنيفة أكثر. في هذه المرحلة، أطلق المستوطنون النار أيضاً على عدد من الفلسطينيين وأصابوهم. منظمة “حنونو”، التي تمثل المعتقلين، قالت إن اندور أصيب قبل ذلك، وعندها أطلق النار. مع ذلك، محاميه لم يطرح هذا الادعاء في جلسة تمديد اعتقاله التي عقدت أول أمس في المحكمة. وحسب قوله، فإن اندور أطلق النار في الهواء بداية، وبعد ذلك شاهد يهوداً وهم ملقون على الأرض، جراء رشق الحجارة عليهم.
بعد يوم على الحادثة، قالت الشرطة بأنها لا تعرف من الذي كان من قبل، لأنها لم تحقق مع اندور بعد (حتى مساء أمس). أول أمس، قالت الشرطة في الجلسة إنها لم تحقق مع أي فلسطيني حتى الآن. وكل ما تعرفه الصحيفة عن ذلك هو صحيح حتى أمس.
الرجال من أبناء عائلة قصي، أقاموا العزاء في مدرسة برقة، والنساء في بيت العائلة. الأب، جمال، قال للصحيفة بأن قصي كان يعمل في الزراعة بصورة موسمية. العائلة تزرع القمح والزيتون. وعمل في الأوقات الأخرى في البناء في الضفة. لم ينه الثانوية، لكنه خطط لإنهائها هذه السنة. “الاحتلال قطع أحلامه”، قال عبد المنعم، عم الأب الذي اعتاد قصي على مناداته بجدي، لأن جده متوفي. “كان يأمل في إنهاء تعليمه وبناء حياته مثل الجميع. كان يحب الحياة ويحب الأشخاص من أبناء جيله ومن هم أكبر منه، وكان الجميع يحبونه”.
لقصي ستة أخوة، أصغرهم أخت عمرها خمس سنوات. “أخته الصغيرة تسأل عنه حتى الآن”، قال الأب جمال، وأجهش بالبكاء. “أتمنى أن تكون هناك استنتاجات حقيقية للتحقيق”، قال في رده على سؤال إذا كان يعلق الآمال على السلطات الإسرائيلية. وعندما سئل لماذا لم يرسل الجثة للتشريح في إسرائيل، قال: “أرادوا إرسالها إلى “أبو كبير”، لكننا أردنا دفنها”. إحدى الصعوبات التي أشارت إليها الشرطة من البداية هي أنها لا تملك جثة قصي، وأنه لم يتم تشريحها، وهو ما يصعب، من ناحية قانونية، إعطاء إجابة عن سبب موته.
قرية برقة محاطة بعدد من البؤر الاستيطانية المتطرفة جداً، منها “عوز تسيون” غرباً والقريبة من المكان الذي قتل فيه قصي، ومستوطنة “رمات ميغرون” جنوباً التي يعيش فيها أحد المتهمين بعملية القتل، اليشع ييرد. غير بعيد من هناك تجثم بؤرة استيطانية جديدة باسم “سديه يونتان”. وحسب أقوال السكان أيضاً، توسعت بؤرة “عوز تسيون” بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. وهكذا، حاولت الإدارة المدنية إنفاذ القانون في “عوز تسيون” و”رمات ميغرون” في الأشهر الأخيرة، وتم رفض ذلك من قبل إدارة الاستيطان التابعة لسموتريتش.
ييرد نفسه يعرفه سكان القرية جيداً. أثناء زيارة المكان أرونا صورته عدة مرات. “قبل خمسة أشهر، مشيت على الأقدام، وعلى بعد نحو 300 متر من شرق القرية جاء بسيارة وبدأ يشتمني. هذا هو”، قال همام، وهو عم القتيل. وقال شخص آخر، عباس، إن لدى سكان البؤر الاستيطانية حوامة، تعودوا على الإبلاغ عن أعمال الزراعة التي يقوم بها سكان القرية. “إذا ذهب أحد لفلاحة أرضه بتراكتور أو جرافة، حتى على بعد 50 متراً عن القرية، يقومون بتصويره ويستدعون الجيش الذي يقول لنا إن هذا محظور علينا”، قال. أشخاص آخرون من سكان القرية قالوا إن المستوطنين سرقوا أراضيهم التي كانوا يحرثونها، ودمروا السلاسل الحجرية التي أقمناها. “إذا ذهبت لرعي الأغنام، يأتون ويعتدون علي”، قال شخص آخر كان في خيمة العزاء.
وقال سكان القرية إن مجموعة “الواتساب” التي أقاموها تبلغ عن هجمات المستوطنين أو اقتحامهم للأراضي الزراعية، وعندها يصل السكان إلى المكان كجزء مما يسمى “الفزعة”، وهي تعزيز أو نداء للمساعدة أثناء الحرب. أحمد، أحد سكان القرية، وصل إلى مكان الحادثة في اليوم الذي قتل فيه قصي. وقال إنه على الرغم من الأحداث المتكررة، فإن القرية تخلو من أي مجموعة للحراسة – كما نشر بأن عدداً من القرى حاولت تنظيم ذلك بعد اعتداء المستوطنين على حوارة. “يتم هذا بشكل شخصي. دون تنظيم”، قال.
رائد، الذي أصيب في رأسه يوم الجمعة، قال: “أنا عامل، جميعنا عمال. لا نملك الأموال للقيام بشيء مثل الحراسة. وعندما يدعوننا للمساعدة، نأتي. هذه أراضينا. ألا نذهب إليها؟ علينا الدفاع عن أراضينا.
هاجر شيزاف
هآرتس 7/8/2023