هآرتس: هكذا تشتري الإمارات مصر

حجم الخط
10

“القدس العربي”: يتناول زيفي باريل، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مسألة التأثير الإماراتي على تشكيل الجيل القادم من المصريين من خلال المناهج المدرسية. ويرى أن أبوظبي قد تكون قادرة على تشكيل نخبة مصرية جديدة من خلال المدارس.

يشير باريل إلى أنه قبل عدة أسابيع، كانت هناك تقارير في مصر عن شكاوى من قبل المواطنين من أن الكثير من الدورات المدرسية لأطفالهم، بما في ذلك دروس في الدين والتاريخ والجغرافيا، كانت تستند إلى مناهج مقبولة من قبل الإمارات وليس من قبل مصر نفسها. وأن بعض الآباء أشاروا إلى أخطاء في الوقائع أو ما قالوا إنه “تشويه للتاريخ”، وهو ما قد يعني أن أطفالهم “لا يعرفون وطنهم بشكل صحيح”.

حذر أعضاء البرلمان والصحافيون الذين تلقوا الشكاوى من القلق من أن هذه قد تكون مؤامرة حكومية إماراتية لتشكيل هوية الجيل القادم من المصريين

وحذر أعضاء البرلمان والصحافيون الذين تلقوا الشكاوى من القلق من أن هذه قد تكون مؤامرة حكومية إماراتية لتشكيل هوية الجيل القادم من المصريين.

يقول باريل إن شكاوى أولياء الأمور تضمنت قلقا أعمق من سيطرة الإمارات على نظام التعليم المصري بطريقة يمكن أن تغير المجتمع المصري. ويشير إلى أنه في عام 2015، بعد حوالي عام من تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة، التزمت الإمارات- التي أيدت الإطاحة بسلف السيسي، محمد مرسي- بتزويد مصر بـ 100 مدرسة جديدة.

في ذلك الوقت، بدت الهدية بمثابة بادرة صداقة تجاه الحليف الذي انضم إلى التحالف العربي الذي أطلقته السعودية في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، والذي ضم البحرين والإمارات والسودان. ولكن بخلاف الهدية، التي لم يُنظر إليها في مصر على أنها أي شيء يتجاوز الاستثمار النقدي السخي الذي تنطوي عليه، كانت أبوظبي تنظر إلى المدارس الخاصة في مصر كجزء من استثماراتها المربحة.

بعد حوالي عام من تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة، التزمت الإمارات التي أيدت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي بتزويد مصر بـ 100 مدرسة جديدة

ينتقل التحليل إلى عام 2018، حين بدأت “جيمس للتعليم”، أكبر شركة استشارات وإدارة تعليمية خاصة في العالم، الانخراط في الأعمال التجارية داخل مصر بالشراكة مع شركة “هيرميس” المصرية.

ويلفت باريل إلى شراء مركز الشركة في الإمارات حصة تبلغ 50% في أربع مدارس في مصر، وهي خطوة كانت تمثل انتهاكا للقانون المصري الذي يقيد الملكية الأجنبية للمدارس الخاصة داخل الدولة في حدود 20%.

بعد ذلك بعامين، في أبريل/ نيسان 2020، أعلنت الشركة أنها تعتزم استثمار 300 مليون دولار في بناء 30 مدرسة خاصة على مدى عامين، بطاقة استيعابية تتراوح بين 25 إلى 30 ألف طالب. وتقدم الشركة خدمات إضافية مثل: الزي المدرسي، والوجبات الغذائية، وتدريب المعلمين.

ومع أن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، الذي نشر البيانات، يشير إلى أن عدد المدارس الخاصة التي تنوي الإمارات الاستثمار فيها صغير نسبيا مقارنة بإجمالي عدد المدارس الخاصة في مصر. إلا أن المركز حذر أيضا من أن مثل هذا الاستثمار الضخم في مثل هذا العدد الصغير من المدارس يمكن أن يخلق نخبة تعليمية من أجل الربح، مما قد يضر بالنظام المدرسي الحكومي والبنية الاجتماعية في مصر، خاصة عند مقارنته باستثمار الحكومة في التعليم.

مثل هذا الاستثمار الضخم في مثل هذا العدد الصغير من المدارس يمكن أن يخلق نخبة تعليمية من أجل الربح، مما قد يضر بالنظام المدرسي الحكومي والبنية الاجتماعية في مصر

تتضح هذه المخاوف أكثر عند المقارنة بين حجم الاستثمار الإماراتي ونظيره الحكومي في قطاع التعليم. فوفقا للبنك الدولي، فإن حوالي 94% من ميزانية التعليم المصرية تذهب لدفع الرواتب، و5% تنفق على الاحتياجات أخرى، وبذلك لا يتبقى سوى حوالي 1% فقط للاستثمار في تطوير التعليم.

ليس هذا فقط، بل إن المقارنات التي تستند إلى العدد الإجمالي للمدارس الخاصة المصرية تشوه الصورة الحقيقية، على حد وصف زيفي باريل؛ لأن عدد المدارس التي ترعاها الإمارات ينبغي مقارنته بإجمالي عدد المدارس الخاصة الدولية، الذي يبلغ 217 مدرسة. هذا يعني أن الـ30 مدرسة التي تستثمر فيها الإمارات تشكل حوالي 14% من إجمالي المدارس الخاصة الدولية في مصر.

يشير باريل في تحليله إلى أن الرسوم الدراسية في هذه المدارس باهظة بالمعايير المصرية؛ ففي إحدى المدارس البريطانية الخاصة في مصر، تبلغ الرسوم الدراسية السنوية حوالي 4500 دولار للصف الأول، وتصل إلى 8800 دولار للصف الثاني عشر.

وإذا كان متوسط الأجور في مصر يبلغ حوالي 625 دولارا أمريكيا، ويعيش أكثر من ثلث المواطنين في هذا البلد البالغ عدد سكانه 105 ملايين نسمة عند خط الفقر، فإن شريحة صغيرة فقط من الأثرياء هي التي يمكنها تحمُّل هذه الرسوم الدراسية.

يلفت التحليل إلى أن ارتياد المدارس الدولية أصبح رمزا للمكانة الاجتماعية، مثل ركوب السيارة الفاخرة، أو سكنى المنزل الكائن في الحي المرموق؛ ويرجع ذلك جزئيا إلى أن هذا النمط المعيشيّ يضمن لأبناء الأثرياء مستقبلًا اقتصاديا زاهرا، بعدما يستكملون تعليمهم العالي في الخارج.

يدعم هذا التوجه حقيقة أن أرباب العمل يفضلون خريجي هذه المدارس، ويدفعون لهم رواتب أكبر بكثير مما يدفعونه لخريجي الجامعات الحكومية. وهذا بدوره سيخلق فئة من المهنيين والمديرين والمسؤولين الحكوميين القادرين على تخطي معظم الشباب الآخرين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الانخراط في هذا المسار الدراسي، عالي الجودة وباهظ التكلفة، الذي تموله دورلة الإمارات.

الخصخصة

يقول باريل إن التعليم ليس القطاع المصري الوحيد الذي تضخ فيه الإمارات أموالها. إذ أعلنت أبوظبي مؤخرا عن خطط لخصخصة شركتين مملوكتين للجيش المصري. إحداها شركة نفطية، والأخرى شركة “صافي” للمياه المعدنية، وهي الأكبر من نوعها في البلاد.

تعد خصخصة شركات القطاع المدني المملوكة للجيش جزءا من التزام مصر تجاه صندوق النقد الدولي لإشراك القطاع الخاص في الاقتصاد إلى حد أكبر وتقليل مشاركة الجيش في العمليات المدنية. في المرحلة الأولية، ستطرح مصر الشركات على الشركات المصرية والأجنبية، على أن يتبعها لاحقا طرح عام بالبورصة. وبحسب التقارير الواردة من مصر، من المتوقع أن تعطى الأولوية للشركات من دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب المصالح الدبلوماسية المشتركة بين البلدين.

القطاع الصحي

 يشير التحليل أيضا إلى أن الإمارتيون يمتلكون 15 مستشفى، بالإضافة إلى أكثر من 900 مختبر بعشرات الفروع في مختلف أنحاء البلاد. هذا بالإضافة إلى تحكمها في قطاع إنتاج الأدوية داخل السوق المصري الذي تبلغ قيمته حوالي 45 مليار دولار. ومنبع القلق هنا أن هذه الاستثمارات الواسعة في القطاع الطبي، خاصة في مجال الأدوية، يمكن أن يبطل الرقابة على أسعار الأدوية، ويؤدي إلى زيادات كبيرة في الأسعار، الأمر الذي من شأنه أن يمثل ضربة قوية للفقراء.

أعرب أعضاء البرلمان المصري عن قلقهم من أن تعمل الشركات الإماراتية كستار يخفي نشاط الشركات الإسرائيلية التي ترغب في اقتحام هذا السوق المربح

كما أعرب أعضاء البرلمان المصري عن قلقهم من أن تعمل الشركات الإماراتية كستار يخفي نشاط الشركات الإسرائيلية التي ترغب في اقتحام هذا السوق المربح. وحذرت عضوة لجنة الصحة بالبرلمان، إيناس عبد الحليم، من خطورة مشاركة أطراف مشبوهة في هذه الاستثمارات. صحيح أنها لم تذكر اسم إسرائيل تحديدا، لكن زيفي باريل يقول: إن تلميحها كان واضحا بما يكفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد الجزائر ي:

    الامرات صارت الشيطان الاكبر

  2. يقول سعيد/الأردن:

    هذه أعمال تخريب تقوم بها الإمارات نيابة أو مسيره بأيد صهيونيه في مصر بمساعدة عميل الصهاينه السيسي خلص الله شعب مصر من شره…

  3. يقول سامى عبد القادر:

    الإمارات لم تشترِ مصر, ولكن مُغتصب حكم مصر السفاح السيسى باعها للإمارات … والفارق شاسع بين الحالتين, على بؤس وكآبة كلتاهما
    .
    منذ اغتصب السفاح السيسى حكم مصر, لم يكن أمام عينيه إلا ثلاثة مآرب رئيسية;
    أولاً: السجود التام والتنفيذ الفورى لكل مطالب الكيان الصهيونى (وقد فعل ذلك بهمة منقطعة النظير)
    .
    ثانياً: … التنكيل الشرس بالشعب المصرى, اعتقالاَ وإخفاءاً وتعذيباً وقتلاً ونهباً للأموال والممتلكات (وقد فعل ذلك بإجرام تحسده عليه أعتى عصابات التاريخ وأشدها وحشية ودموية)
    .
    ثالثاً: نهب وشفط أكبر قدر ممكن من المليارات من خارج وداخل مصر, وعلى رأسه “أرز” أنصاف الدول, التى هى -ويالبجاحته- عزبتى آل زايد وآل سعود … وطبعاً عمولات السلاح الرهيبة … وصناديق تحيا مصر وتحيا انتصار … حتى حلق الحاجة زينب الفقيرة لطشه السيسى ثم هدم بيتها فوق رأسها!!! (وقد فعل كل لك بنهم وشبق شديد, حتى أن اللص العالمى مبارك بدا بجواره وكأنه من مستحقى الصدقة)!!
    .
    وقد استشف المتآمر الأكبر ابن زايد رغبة السفاح السيسى الفظيعة لتحقيق هذه المآرب المجرمة الخائنة الثلاثة بأى ثمن, فكان شراء مصر وشراء ذمم أكابر مجرميها الذين يحتلونها من أيسر ما يكون … ولا عزاء لأبناء مصر الأمناء الكرام فى فقيدتنا مصر … وإنا لله وإنا إليه راجعون

  4. يقول ابوعمر:

    ..يعني أن المصريين في قبضة عيال زايد…ضاعت مصر

  5. يقول ابو عصام:

    فاكر نفسه ابن زايد دولة عظمى ،يريد ان يشتري الناس بفلوسه ،كان غيره عنده اكثر منه وذهب بلا رجعة.شكله نسي القذافي ومن على شاكلته كم دفعوا رشاوي وعند الجد وانتهاء صلاحيتهم للتآمر لم يسأل احد عنهم؟!..

  6. يقول ابو رامى:

    لعنهم الله جميعا

  7. يقول ابو عصام:

    دفعوا رشاوي وعند الجد وانتهاء صلاحيتهم للتآمر لم يسأل احد عنهم؟!..

  8. يقول ابو باسل:

    الجميع يعلم أن الإمارات هي الملاذ الآمن لكل الجرائم المالية في العالم فهي المركز الاول لتبييض الاموال عالميا والجميع يعلم ذلك .لذلك تجد هذه التدفقات المالية التي ترد إليها .والتي تحتاج إلى استثمارها .
    لقد أدركت الامارات أنها لا تستطيع استثمار هذه الأموال في دول العالم المتقدم . فاتجهت للاستثمار في دول مثل مصر وغيرها من الدول التي تعيش ازمات اقتصادية صعبة ولا تمانع الامارات بتقديم الرشاوى لكبار القوم في سبيل .الوصول إلى أهدافها لهذا نجد هذه الاتحواذات على أصول الثروات للدول والحكومات .

  9. يقول jamal:

    هكذا كانت مصر في اواخر ايام الملكيه
    عاجلا ام اجلا سيأمم كل شيئ في مصر ويعود لأصله
    ويطلع ابن زايد من المولد بلا حمص
    المدارس وتعليم لن يأثر شيئ بالمصرين فهم اكثر يعرفوا ويحبوا وطنهم ولو ظلموا به

  10. يقول نايف المصاروه. الأردن:

    اقتبس…

    أعرب أعضاء البرلمان المصري عن قلقهم من أن تعمل الشركات الإماراتية كستار يخفي نشاط الشركات الإسرائيلية التي ترغب في اقتحام هذا السوق الربح.

    السؤال أين الشعب المصري.. الحر..
    أين أحرار مصر..
    هل ماتت مصر بعد غياب الإخوان..

إشترك في قائمتنا البريدية