هآرتس: هل تنتظر كل من المستشارة القانونية ورئيسة “العليا” ظهور الخط الأحمر لتوقفا درعي ونتنياهو؟

حجم الخط
0

قامت الكنيست أمس بالخطوة الأولى قبل سن تشريع شخصي وفاسد، ذي هدف واحد، وهو تمكين شخص أدين بثلاث مخالفات جنائية مختلفة من تولي مناصب عليا في إسرائيل. ولكن الإصبع التي ضغطت على الزر الأخضر لا يضمن بالضرورة عودة آريه درعي إلى دوائر القوة. ثمة امرأتان يمكنهما الوقوف أمام هذا السياسي صاحب التجربة، وهما: المستشارة القانونية للحكومية غالي بهراف ميارا، ورئيسة المحكمة العليا استر حيوت، اللتان يرتبط بهما مصير درعي السياسي، وليس وحده فقط.
الحكومة الآخذة في التشكل تهدد بتغيير كل شيء، وإفراغ منصب المستشار القانوني للحكومة من المضمون من أجل إنقاذ نتنياهو من المحاكمة؛ وخصي المحكمة العليا وتحويل القضاة إلى موظفين يرتدون العباءات؛ وإعطاء السلطة التنفيذية قوة لم تمتلكها يوماً ما.
هذه اندفاعة يجب على بهراف ميارا واستر حيوت معرفة كيف ستتعاملان معها. تعيين درعي في منصب وزير الداخلية ووزير الصحة ليس سوى التحدي الأول الذي تضعه الحكومة أمامهما. في القريب ستقدم التماسات للمحكمة العليا ضد هذا التعيين بسبب إدانة رئيس “شاس” بمخالفات جنائية. ستقف استر حيوت على رأس الهيئة التي ستناقش هذه الالتماسات، وهي التي ناقشت هذه القضية في السابق في ظروف مختلفة. في 2015، بعد أكثر من عقدين غاب فيهما عن طاولة الحكومة، عاد إليها درعي بمنصب وزير الاقتصاد. حركة جودة الحكم التمست ضد التعيين بذريعة أنه يتعلق بعدم معقولية كبيرة بسبب إدانة الوزير المكلف بقضايا الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة. المستشار القانوني في حينه، يهودا فينشتاين، أعتقد أن “الحديث يدور عن قرار يثير صعوبات قانونية، لكنه دافع عن التعيين. كان مبرره الرئيسي الوقت الكبير الذي مر منذ الإدانة، وهو مبرر تبنته أيضاً حيوت عندما رفضت الالتماس. “تعيين درعي في منصب وزير هو على حدود المعقول”، كتبت عندما قامت بشرعنته.
بعد بضعة أشهر، أعاد نتنياهو آريه درعي إلى ساحة الجريمة، وزارة الداخلية. وقُدم مرة أخرى التماس ودافع المستشار القانوني في عن القرار مرة أخرى، رغم أنه اعترف بأن تعيين درعي في هذا المنصب الذي تلقى فيه الرشوة “قد يزيد المس بثقة الجمهور بدرجة معينة”. خلافاً لفينشتاين فإن المدعي العام، شاي نيتسان، عارض التعيين. رفضت المحكمة العليا هذا الالتماس واعتبرت التعيين حالة حدودية. ولكن كان من بين القضاة الثلاثة من فكر بطريقة مختلفة. وقال نيل هندل من مكانه في موقف الأقلية بأن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الإدارة السليمة وطهارة المعايير في السلطات المحلية. “طبيعة الجرائم التي أدين بها درعي، لا سيما تلقي الرشوة وخيانة الأمانة، تقوض هذه القيم بشكل واضح وبارز جدا”، قال.
في القريب يتوقع أن تكون المحكمة مطلوبة في ملحمة درعي، بعد أن اعترف وأدين بارتكاب مخالفات ضريبية في صفقة ادعاء. رئيس محكمة الصلح في القدس، شموئيل هربست، الذي صادق على الصفقة، أخذ بجدية استقالة رئيس “شاس” من الكنيست. “كل من يخشى من المتهم وأضراره بالخزينة العامة… يمكنه أن يرتاح ويقول بأن المتهم لن يضر باحتياجات الجمهور التي تكتنفها قضايا اقتصادية، بسبب ابتعاده عن الساحة العامة”، قال. منذ ذلك الحين، يتحدث سلوك درعي عن ذلك.
عندما رفضت رئيسة المحكمة حيوت الالتماس الذي قدم ضد تعيين درعي في 2015 كتبت في القرار بأنه “يجب أخذ الماضي الجنائي للمرشح في الحسبان”، لكن يجب الأخذ في الحسبان “سلوك المرشح منذ ذلك الحين وحتى الآن”، أي عودته إلى السلوك الجيد كما يبدو. بكلمات أخرى، وحسب موقفها، فإن إضافة إدانة لسجل درعي الجنائي، تقرب المحكمة من الاستنتاج بأن التعيين يجتاز حدود المعقولية. وتغيير القواعد في منتصف اللعب عن طريق تشريع شخصي قد يعمل في غير صالح رئيس “شاس”. هناك وزن حاسم في القرار الذي سيعطى لموقف بهراف ميارا، إذا لم تدافع عن التعيين، وهو ليس بالسيناريو المستبعد، فسيجد القضاة صعوبة في رفض الالتماسات.
في المقابل، تميل المحكمة العليا إلى ضبط النفس عندما تتعلق الأمور برأي رئيس الحكومة بالتعيينات. وقضت بأنه سيتم فسخ قراراته فقط في حالات “استثنائية ونادرة”. بعد تقديم الالتماسات، سيكون من المهم معرفة ما إذا المحكمة ستسمح لدرعي بتولي المنصب أم أنها ستأمره بالانتظار إلى حين البت في القضية. رئيس “شاس” من ناحيته يتصرف وكأن إمكانية عدم توليه أي منصب وزير غير موجودة. هو يخطط لإجراءاته في وزارة الصحة، ويتحدث مع خبراء، ويفحص الميزانيات التي سيتم وضعها في يده.
هناك رجال قانون، حتى في وزارة العدل، مستعدون لابتلاع ضفدع تعيين درعي كي لا تستخدم حكومة نتنياهو السادسة سلاحاً غير تقليدي ضد جهاز القضاء، وهو إلغاء ذريعة المعقولية، والمصادقة على فقرة استقواء ضيقة ونقل إجراءات تعيين القضاة والمستشارين القانونيين إلى التحكم المطلق للسياسيين. “نريد العمل مع الحكومة”، شرح للصحيفة بسذاجة أحد المؤيدين لهذه المقاربة.
هذه هي الحالة الذهنية التي يريد نتنياهو خلقها. بهذه الطريقة يمكنه تجسيد طموحاته دون الاضطرار إلى الضغط على الزر الأحمر. خلافاً لشركائه الذين يريدون حدوث الثورة بمرة واحدة، هو يعرف تداعيات ذلك، لا سيما على الصعيد الدولي. هو يفضل السير خطوة خطوة وتجنب مشاهد دراماتيكية مثل المظاهرات أو استقالات قضاة.
هو يفضل إبقاء حراس العتبة في وضع دائم من الخوف، وبهذه الطريقة، كلما أرادوا الضغط على الكابح أو التشويش عليه في “الحكم”، سيعدون حتى المئة. يعرف نتنياهو أن جهاز القضاء في إسرائيل مبني على أسس هشة ويظهر الضعف في الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد في الحكم. هو يفضل ترك الحصن ينهار بصمت.
سياسة الأرض المحروقة خدعة معروفة، وآلية خطيرة تستخدمها القوة بشكل ماهر. لا يوجد أمام هذه الآلية مكان للاعتبارات السياسية أو اختيار المعارك. الطرف المهدَد مطلوب منه العمل في المرة الأولى التي سيتم فيها اجتياز الخط الأخضر. سيتبين قريباً ما إذا كانت بهراف ميارا وحيوت تستطيعان ذلك.
بقلم: غيدي فايس
هآرتس 14/12/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية