لندن ـ «القدس العربي»: ما زال الجنيه المصري وانهياره أمام العملات الأجنبية الأخرى يهيمن على اهتمامات المصريين، حيث تسبب تراجع سعر صرف الجنيه بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار شملت كافة أو أغلب السلع الأساسية، بما فيها السكر والشاي والأرز واللحوم والدواجن وغيرها من المواد التموينية التي لا يخلو منزل في مصر منها.
وخلال الأيام الماضية هيمنت الوسوم «#الجنيه_المصري» و«#السوق_السوداء» وغيرها مما يتعلق بسعر الصرف على قوائم الوسوم الأوسع انتشاراً في مصر، وأبدت أعداد متزايدة من المصريين استياءها وغضبها من ارتفاع الأسعار الحاد، فيما نشر بعض النشطاء مقاطع ينتقدون فيها الأسعار القياسية لبعض السلع الأساسية مثل السكر والزيت وغيرهما.
واشتكى كثير من المصريين من الارتفاع الكبير في الأسعار والذي يأتي قبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان المبارك الذي تزداد فيه حاجة العائلات للمواد الغذائية الأساسية ويزداد الطلب على السلع في الأسواق.
وجاء الارتفاع الكبير في الأسعار بعد أن سجل سعر صرف الدولار مستوى قياسياً جديداً قبل أيام عندما تجاوز مستويات الستين جنيهاً للدولار الأمريكي الواحد في السوق السوداء، فيما لم يعد الدولار متوفراً في البنوك أو القنوات الرسمية وهو ما تسبب بمتاعب كبيرة للتجار وعوائق أمام استيراد الكثير من السلع التي تأتي من الخارج والتي يتم تسديد أثمانها بالدولار الأمريكي.
ونشر ناشط يُدعى ابراهيم مقطعاً من مسلسل درامي مصري قديم ويظهر فيه موظف تم زيادة راتبه الشهري بمقدار نصف جنيه، وكتب معلقاً على المقطع المصور: «مشهد في أحد المسلسلات المصرية، لاحظ فقط قوة الجنيه المصري سابقاً، نصف جنيه علاوة تغير مخططاتك المالية، نسأل الله التوفيق والسداد والتقدم والإزدهار لمصر الحبيبة حكومة وشعباً.. ويرجع الجنيه المصري إلى أفضل مستوياته في القريب العاجل».
أما الناشط لؤي الخطيب فكتب يقول مغرداً على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً): «5.5 مليار دولار دخلت للبنك المركزي بالفعل في الساعات الماضية.. وبكرة هيبقوا 10.5 مليار.. السؤال بقى، كلام مين اتحقق؟ الجواسيس المطاريد ولجانهم، ولا كلامنا احنا؟» في إشارة إلى عودة الجنيه المصري إلى الهبوط بعد أن سجل مستوياته القياسية قبل أيام.
«مش متخيلين حجم الخراب»
فيما كتبت رانيا الخطيب: «بيقولوا هيخفضوا الأسعار من يوم الجمعة الجاية ولو خفضوها 50 في المئة هيرجع حالنا زي من سنة وترجع اللحمة 250 جنيه والفراخ البانيه 160 جنيه والحديد 25 ألف جنيه والنيسان صني 500 ألف جنيه!! هما مش متخيلين حجم الخراب اللي عملوه في البلد في سنة واحدة ده غير اللي قبل كدة.. ومش واثقين فيهم وهنشوف».
أما الدكتور مراد علي فكتب: «منذ عدة أسابيع، تناول الإعلام المصري أخبار عن عشرات المليارات من الدولار التي ستنهال على مصر خلال أيام قليلة. وبالفعل، كان لهذه الإشاعات أثر في ارتفاع سعر الجنيه المصري لعدة أيام، ثم اكتشف الناس أنها أكاذيب.. فحتى متى يُدار الاقتصاد بهذا الأسلوب؟».
وعلق هشام فريد ساخراً من ارتفاع الأسعار الجنوني في مصر: «القبض على ثري مصري متلبساً كان يحتفظ بعدد 2 لتر زيت وكيلو سكر وجبنة وحلاوة وبعض علب الجبنة والتونة داخل بيته».
وأشاد ناشط مصري يُدعى سيد بعودة الأسعار إلى التراجع، وقال: «وداعاً للسوق السوداء.. مشروع رأس الحكمة عمل حاجة مهمة وهي وقف سباق رفع الأسعار، الاسبوع الماضي كانت كرتونة البيض في أوكازيون بـ167 جنيها وكانوا بيقولوا حتروح لـ200 لكن بعد الصفقة انخفضت.. انا عارف ان الأسعار لسة غالية علشان محدش يزايد عليا انا برصد واقع».
وكتبت ناشطة تُدعى ماهيتا تقول: «بدأت مرحلة العد التنازلي لتطبيق الحكومة بضبط الأسعار، من خلال المهلة التي منحتها وزارة التموين والتجارة الداخلية للتجار والشركات والمصنعين حتى 1 مارس، من أجل الالتزام بتدوين وطباعة السعر على المنتجات الغذائية على الأرفف داخل المحال والسوبر ماركت».
أما محجوب فنشر صورة للرئيس الراحل محمد مرسي، وكتب معلقاً: «الدولار بـ7 جنيهات لا كان فيه انهيار السوق السوداء ولا باع رأس الحكمة ولا كان فيه السعر الرسمي للدولار، ولا كيلو السكر بـ50 جنيه ولا أي حوارات.. رحم الله طيب الذكر الدكتور مرسي، رحم الله رئيس مصر محمد مرسي الذي رأيناه يصلي الفجر مع شعبه.. أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟».
وعلق حسن ساليد: «مرتب المصري فيه كام كرتونة بيض وكام كيلو سكر وكام قزازة زيت والمتبقي هيكفي كام مرة أكلة فراخ بلاش لحمة علشان متعبة ومضرة بالصحة وخصوصاً انها بترفع السكر والضغط لفوق الـ400.. الحمد لله اننا احسن من غزة والصومال بعد ما استقبلنا أهل سوريا والعراق والسودان».
وكتب سيد عياد: «كيلو السكر بستين جنيه واللحمة نسينا شكلها» فيما علقت الناشطة حلا بالقول: «المصريين باعوا أرضهم وبلدهم.. هذا الواقع الذي نعيشه ونراه، فلا يأت في المستقبل -لمن سيعيشه- من يقول قاومنا، نحن انبطحنا وطبلنا وعرضنا وصمتنا وفرحنا ببيع البلد مقابل ينزل كيلو السكر اتنين جنيه!! عار مصر وشعبها ستبكي عليه الأجيال دم».
العصيان المدني هو الحل
وعلقت ماريا حسن: «ارتفاع الأسعار في مصر يفضح نظام السيسي وأذرعه الإعلامية» أما ريحانة فكتبت: «أدى ارتفاع الأسعار الجنوني إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.. العصيان المدني هو الحل.. الغلاء وصل فينا لفين، علبة سمنة بــ100 جنيه، قزازة زيت 100 جنيه، حتوصلينا لغاية فين يا بلد؟».
ونشرت المواطنة أم أحمد مقطع فيديو تقول فيه: «حسبي الله ونعم الوكيل عليك ياسيسي، انت نايم إنت واللي مرقصهم معاك. نحن لدينا استعداد كشعب مصري كما انتخبناك أن ننزل إلى الشارع ونقتلعك أنت وحكومتك. ونحن لدينا استعداد ننسجن، وعلى جميع الأحوال احنا متدمرين. والله العظيم تلاتة إلا ترحل وسنبيعك مثلما تبيعنا».
يشار إلى أن الجنيه المصري سجل مستوى قياسياً منخفضاً جديداً قبل أسابيع عندما وصل في السوق السوداء إلى نحو 73 جنيهاً، ثم انخفض إلى نحو 62 جنيها بعدها بأيام قليلة عقب تناقل أنباء غير مؤكدة حينها عن قرب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 10 مليارات دولار، ثم اتفاق آخر مع جهات إماراتية لتنمية مدينة بالساحل الشمالي.
وبعد إعلان الحكومة المصرية عن مشروع تنمية «رأس الحكمة» مع الإمارات، في صفقة من شأنها أن تمنح خزينة الدولة نحو 35 مليار دولار في غضون شهرين وبإجمالي 150 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية، تحسن سعر صرف الجنيه في السوق الموازية ليصل الدولار الواحد إلى نحو 50 جنيها، في حين أن سعره الرسمي الذي يحدده البنك المركزي لا يزال حوالي 31 جنيها.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أقر الشهر الماضي قانوناً يسمح بمحاكمة المتورطين في تجارة العملات الأجنبية واحتكار وتخزين السلع الأساسية أمام القضاء العسكري.
كما أقر قبل أيام حزمة دعم جديدة لمواجهة غلاء المعيشة تشمل زيادة الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور للعاملين والمتقاعدين في أجهزة الدولة، بجانب رفع حد الإعفاء الضريبي للقطاعين العام والخاص بنسبة 33 في المئة.
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، قد أوضحت في وقت سابق أن المفاوضات مع مصر تتعلق بسعر صرف مرن وليس تعويماً كاملاً للجنيه.
ويعني هذا أن مصر لن تقدم على تعويم حر لعملتها -أي ترك سعره يتحدد وفقاً للعرض والطلب- رغم اتساع الفجوة بين سعر الدولار في البنوك الرسمية و سعر الدولار في السوق الموازية والذي وصل إلى حد الضعف تقريباً.
وبذلك، ستلجأ مصر إلى خفض عملتها أو ما يعرف بالتعويم المُدار، وهو أن تتحكم السلطات الرسمية في قيمة العملة بدلاً من تركها لقوى العرض والطلب، بحسب تعريف البنك الدولي.