الرباط- “القدس العربي”:
وضعت الوكالة الوطنية للمياه والغابات، حدا للخوف الذي انتشر عقب تداول أنباء تفيد بهجومات متتالية لـ”أسد الأطلس” على فتاة وقطيع أغنام في مناطق غابوية في كل من خنيفرة والماس بالأطلس المتوسط.
الوكالة المذكورة وبعد أيام من توالي الأخبار والتحليلات والتفسيرات على مواقع التواصل الاجتماعي ومعها منابر إخبارية الكترونية، استبعدت فرضية هجمات “أسد الأطلس” على السكان في تلك المناطق، وذلك بعد القيام بحملة تمشيط واسعة بالتعاون مع الدرك الملكي.
قبل الوصول إلى الاطمئنان، عاش السكان في مدينة خنيفرة وخاصة مناطقها الريفية، على إيقاع الأخبار التي تداولها المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي وتلك التي ساقتها مواقع إخبارية مغربية في إطار تتبعها للموضوع.
وكانت لشهادة فتاة (راعية غنم) الأثر القوي في انتشار فرضية وجود هجوم أسد الأطلس، وهي تؤكد لمن حرص على تصويرها في مقاطع فيديو، تعرضها لاعتداء أثناء إنجاز مهمتها في رعي الأغنام، ووفق تصريحاتها فقد تعرضت لعضة على مستوى الركبة وقاومته بضربه بالعصا مما مكنها من النجاة حسب قولها.
بعض عشاق “البوز” لم يصدقوا أنهم عثروا على وليمة رقمية دسمة تصلح لمأدبة من الفيديوهات والتدوينات وخلق الإثارة وتحقيق أكبر عدد من المشاهدات، وهو ما كان فعلا حيث توالت مقاطع فيديو تظهر أسداً لا علاقة له بالأطلس وهو يتجول في منطقة غابوية لا تشبه مناطق الغابات في الأطلس المتوسط المغربي، ناهيك عن الصور “فتوشوب” التي كانت مثل المكسرات يتناولها كل من أراد الخوض في هذا الموضوع.
مهنيا، قام طاقم برنامج وثائقي شهير في المغرب يسمى “أمودو” بالتحري عن الموضوع عقب تداول هذه الأنباء، وزار ميدانيا المنطقة التي قيل إن أسد الأطلس هاجم فيها الفتاة الراعية والتقى هذه الأخيرة، في سبيل الوصول إلى آثار تؤكد أو تنفي الأخبار المتداولة، وهو ما حرصت الوكالة الوطنية للمياه والغابات في بيان لها، على توضيحه، حين أكدت أن التحريات والأبحاث الميدانية مكنت من معاينة آثار الأقدام المكتشفة بهذه المناطق والتعرف عليها، وهي تعود وفق المختصين لـ”عائلة الكلبيات ربما لأحد الكلاب أو لذئب شمال إفريقيا”.
وبالنسبة للهجوم المزعوم على خروف، أفادت الوكالة بأن التشريح أبرز أن علامات العضة لا تتطابق مع علامات عضة الأسد، على اعتبار أنها صغيرة نسبيًا، مما يستبعد فرضية القطيات الكبيرة، ويرجح إلى حد ما فرضية الكلبيات.
وسخرت الوكالة والدرك الملكي طائرات مسيرة للقيام بعملية التمشيط، التي شملت مناطق تعود لقبائل في إقليم خنيفرة، وبغابات تيفوغالين وبقشمير في منطقة والماس، وهي المناطق التي شملتها المزاعم السابقة حول وجود هجمات لأسد الأطلس.
حملة التمشيط انتهت إلى عدم العثور أو ملاحظة أية أدلة على وجود أسد الأطلس، كما تم البحث عن وجود آثار لهذا الحيوان وجمع معلومات من الساكنة بهذا الخصوص للقيام بتحليلها من قبل المختصين.
وزيادة في طمأنة الرأي العام، أكدت الوكالة أنها ستواصل “عمليات التمشيط الميداني، بحيث تظل يقظة ومنتبهة للتدخل والتفاعل مع أية مشاهدة لهذا الحيوان أو إخبار بذلك”.
قبل بيان الوكالة المعنية بالإشراف على الغابات، كانت مجالس ريفية في إقليم خنيفرة، وهي معنية بشكل مباشرة بهذه الأخبار، قد نفت بدورها ما تم تداوله مشددة على أن ذلك مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة، ونفت بـ”شكل كلي” ما يعتقد أنه هجوم “أسد الأطلس” على فتاة راعية غنم.
“أسد الأطلس” الذي صنع الحدث خلال الأيام الماضية، يوجد حاليا في حديقة الحيوانات بالعاصمة الرباط، وهو من سلالات الأسود التي انقرضت في البرية في بدايات القرن العشرين بسبب الصيد الجائر وتدمير مناطق استيطانها.
وتضم حديقة الحيوانات في الرباط مجموعة مهمة من هذا الأسد من أجل الحفاظ عليه من الانقراض الكلي، وسمي بـ”أسد الأطلس” نسبة إلى جبال الأطلس التي استوطنها، حيث كان يعيش في الجبال عكس باقي أسود إفريقيا التي تعيش في السهوب.
وما يميز أسد الأطلس، فروته الداكنة الممتدة وراء الكتفين وحتى البطن، إضافة إلى قوة عضلاته وخفته الناتجة عن التسلق والصيد المستمرين في الأعالي، كما أنه يعتبر من أكبر سلالات الأسود إجمالا، حيث تزن الذكور ما بين 400 و600 رطل (180 إلى 270 كيلوغراما) والإناث بين 220 و400 رطل (100 إلى 180 كيلوغراما).