‘علي بنام بنفس طريقتك يا ابراهيم، بحط ايديه تحت راسه . وسلمى زيك بتحوس وهي بتحكي عالتلفون’. هكذا توجهت زوجة الأسير الفلسطيني ابراهيم حامد إلى الكاميرا، تحدثها وكأنها زوجها الذي أبعده الأسر عن أسرته ، لينفذ حكما مدته أربعة وخمسين مؤبدا.
من أكثر التقارير الصحفية تأثيرا وقوة ذلك الذي بثته قناة فلسطين، عبر برنامج ‘لأجلكم’ الذي تقدمه الاعلامية منال سيف، ويخرجه محمد عمرو، وللبرنامج بقية من حديث سأعرج عليه بعد قليل.
لكنني لا أود أن أضيع احساسي المأخوذ بالكامل مع التقرير التلفزيوني الذي أعدته زميلتي وصديقتي الاعلامية سناء مفلح، مراسلة تلفزيون فلسطين في عمان. ربما لأن موضوع الأسرى يحتل هذه الأيام واجهة الاهتمامات الصحفية المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ما أدى إلى تداعي الأخبار والتقارير والشهادات الحية، حول وضع الأسرى في السجون الاسرائيلية، والتي تكللت بملحمة سامر العيساوي المتفردة في البطولة.
طفلان كبيران على كل شيء
في التقرير نشاهد عائلة ابراهيم حامد الصغيرة، في منزلهم في احدى ضواحي عمان، يعيشون كما أي عائلة فقدت أو تفتقد لرب الأسرة، وتستدعي ملامحه مع أذكار الصباح والمساء. لا يكاد ينفك لسان الواحد فيهم عن ذكر اسم الوالد الحبيب، كل على هواه. ففي حين يتعمد علي الابن البكر مخاطبته ب’يابا’ دلالة على رجولة مبكرة وشكيمة قوية، لا تتناسب كثيرا مع لمحات حنونة واشارات طفولية ترسلها عيناه الى والده، عبر عدسة الكاميرا، نرى سلمى وهي تخاطب كل نقاط ضعف أبيها ‘بابا ‘، وتحثه على الاستمساك بالأمل، حتى يأتي اليوم الذي يشاركها فيها غرفتها، التي تقول إنها كبيرة جدا، وتتسع لكليهما مع خزانة خاصة لكل واحد منهما!
يا الله لكم تجرع هذا الشعب من كأس الحزن، ويا الله لكم جرع العالم إكسيره الخاص في الحياة! وإلا ما التفسير العلمي والمنطقي لأسرة لم تلتق بمعيلها منذ عام 2003، حين أبعدت الأم الى الأردن، ولا زالت تشرح له تفاصيل التفاصيل عن يومياتها العادية جدا؟ ‘رح أشارك بمسابقة كتابة المقال، عمتي اجت زارتنا وبتسلم عليك، خلصنا امتحانات الشهر الأول وسمعت سورة ص، أنا يابا صحابي محترمين’!
حرب على ‘من أجلكم ‘!
وعودة لبرنامج ‘من أجلكم’ الذي سمعت أن قضايا مسجلة ضده من قبل مؤسسات اسرائيلية، فأنا على يقين أنه من أكثر البرامج مشاهدة وشعبية في التلفزيون الفلسطيني الفضائي، بين مختلف الأطياف والشرائح الفلسطينية. لأنه يعتبر صلة الوصل الوحيدة تقريبا ما بين الأسرى وأهلهم، الذين تنتقل اليهم كاميرا البرنامج في قراهم ومحافظاتهم، يصورون للأسرى ما آلت اليه ذكرياتهم التي توقفت منذ عشرات السنين . في الحلقة السابقة توقفت عند إعادة جنازة والد الأسير تامر جعارة، التي بثها البرنامج بناء على رغبة الأسير . والإعادة سببها هو عدم تمكن جعارة من مشاهدة الجنازة، في حلقة سبقت بسبب قطع الكهرباء عن السجن، مع بداية بث البرنامج!
المؤسف أن الحرب على ‘من أجلكم ‘ ثنائية التسديد، واحدة مفهومة وتعودنا عليها، والأخرى محلية وطنية سيادية غير مفهومة، ولا مقبولة! فالبرنامج الذي كان يستمر لساعتين تلفزيونين تقريبا، قلص إلى أربعين دقيقة سريعة بخيلة ضاغطة، لا تتسع لقراءة عُشر الرسائل، ولا بث التقارير واللقاءات المناسبة. ففي نفس الحلقة حاولت منال أن تتصل بوزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، لتتحدث معه حول اضراب الأسرى الأردنيين، وكان لقاء سريعا مقتضبا لا يسمن ولا يغني من جوع . ثم حاولت أن تشير إلى قضية الطفل أحمد الجوابرة، الذي حوكم بالإقامة الجبرية في منزله، وأيضا لم تسعفها دقائق البث المضغوطة. فاضطرت أن تعتذر للجميع : ‘معلش هيك الأوامر’!!
‘موقعة البيض ‘ لابراهيم عيسى
في مكان وزمان آخرين، وعلى الرغم أنني ربما من أكثر المتابعين العرب، لمقالات وكتابات الاعلامي المصري ابراهيم عيسى، والذي تفوق على التوقعات الأدبية والفكرية كافة، التي استبقت نشر روايته ‘مولانا ‘، بل رائعته ورائعة الأدب العربي الحديث.
ورغم أنني أحب أسلوبه وطريقة طرحه، وجرأته التي عودنا عليها من أيام العهد القديم، وهذا ليس أمرا مستجدا كما يدعي أعداؤه، بدليل الأثمان الباهظة التي دفعها من عمره ومستقبله وحريته وقوت عياله .
انما أختلف معه جذريا في طريقة عرض غضبته واستخفافه بمشروع النهضة، التي عبر عنها في حلقة يوم الأحد الفائت، على قناة ‘القاهرة والناس’ وعبر برنامجه اليومي ‘هنا القاهرة ‘، بمناسبة عيد شم النسيم، حين قام بالقاء البيض على الكاميرا، مرددا ضحكات وقهقهات و’كوكو كوكو للجماعة اللي بيكرهوكو، النهضة وراكم وراكم، والبيض قدامكم قدامكم، بيض النهضة الأخواني’!
أتفهم تماما أن ما يقدمه وما كان قد قدمه عيسى، على مدى عشرات السنوات، هو نوع من الطرح الاعلامي الساخر الناقد، الذي ينطلق من نزعات الاعلامي الشخصية، ورؤيته الذاتية لمجمل الأمور السياسية والاجتماعية .
لكن ذلك لا يعفي ابراهيم عيسى من النقد، للجوئه إلى أسلوب بعيد كل البعد عن المدارس الاعلامية المعروفة. فماذا يمكن أن نستفيد نحن كمتابعين لبرنامجه الشهير، من حركة القاء البيض على الكاميرا، بشكل يستفز مشاعر الملايين الذين يحترمون قيمة النعمة، ويقدرون أن هناك ملايين آخرين ‘في عرض’ كرتونة بيض واحدة ‘!
لا أعتقد بأن أخوة لنا في مصر العزيزة يجدون على موائدهم الكثير من البيض حتى يتبرع الزميل بتكسيره على الهواء مباشرة.
بوعزيزي والتعري
وعلى ‘خطى’ المدعوة علياء المهدي، قامت أمينة تايلر الناشطة في منظمة ‘فيمن’، بنشر صورها عارية لتعبر عن حريتها الشخصية، حسب تقرير تلفزيوني عرضته مؤخرا قناة فرانس 24 .
والحقيقة وأقولها وأنا أضحك، ما علاقة التعبير عن الحرية الشخصية بالتعري في الشوارع وتوثيق الأمر عبر صور الفيس بوك؟ طبعا التقرير لم يغفل الوضع السياسي في تونس، مسقط رأس الآنسة المحترمة تايلر، وارتباط ما تفعله بالصراع ما بين الشقين الليبرالي والإسلامي، على خلفية رياح التغيير التي انطلقت من تونس.
وكأن المرحوم البوعزيزي، كان قد قدم نفسه قربانا محترقا على مذبح الحرية، لتنشط الست أمينة وغيرها من ‘الأمينات ‘ وتتحرر من ملابسها التي طالما قيدتها أبان العهد البائد!! وطبعا بالنسبة لليبراليين فعلوا نفس ما فعلوه رفاقهم في مصر، من انكار لهذا التصرف الشاذ والتنصل من ارتباط أمينة بهم .
ولكن، ولأن الصراع الآن صراع صور أكثر من كونه صراع فكر وبرامج، فعلى الأغلب أن تعري أمينة كما كان تعري علياء ‘ما شاء الله على الأسماء’، سيشتت البوصلة من جديد.
كاتبة من الأردن
أنا مع الأخت الكاتبة ( حنان ) …أنّ ما فعله الإعلامي ( ابراهيم عيسى )
( عمل طائش سخيف ) …وأستغرب كيف يصدر من إعلامي كبير
وله سمعته ومريديه …؟؟؟
وعلى رأي الأخت حنان : في ناس مشتهيين ( البيض ) ولكن مش قادرين
يشتروه …؟؟؟
لو كان ( ابراهيم عيسى ) يحترم نفسه ويحترم قلمه ويحترم المشاهدين :
عليه تقديم ( إعتذار ) …وبعدها …عفا الله عما سلف ونعتبرها ( كبوة حصان ) .
شكرا .
سيدتي العزيزة تعليقك عن ظاهرة التعري في تونس (ان صحت تسميتها بظاهرة فالشاذ يحفظ ولا يقاس عليه) جاء متأخرا بعض الشيء..على كل الفتاة التي تعرت في تونس تتعالج حاليا في مصحة نفسية و حتى لو لم تكن مريضة نفسية فهي لا تمثلني ولا تمثل كل التونسيات حتى تعنوني مقالك ب”التعري في تونس”..ففي تونس الحبييبة أمهات فاضلات صابرات لم أر في حياتي مثلهن في كل الأقطار التي زرتها هن من أنجبن رجالا طردوا الاستعمار أولى و دحروا بن علي ثانية.