هجَّ من صقيع العدم الزائف
العدم الماثل أمام العيون
المرمي على ضفاف الحياة اليومية
العدم الذي يمشي في الطرقات
ويكذب في احتفالات السلطان
العدم القاعد وجهاً لوجه مع شاشته الغبية
يكتب ولا يعرف الكلام
يرتدي الصمت خوفاً من نطق الحقيقة
العدم الزائف يخاف العدم الأصيل
ليس سوى الموت مصير يحمل البشر
على الاحتفال بالعدم.
قالها النافي نفسه في الغابة السوداء
الذي قضى في كوخه الغشبي ساخراً:
ألا بؤس العدم الزائف اللاهث وراء المبتذل.
ركبت أجنحة أقلامي وغبت
في الجمال غبت
وفي الحق غابا كما غاب ابن الفارض بحبيبه.
أيها القلم النبيل،
ولا أحد سواك يهندس الوجود وبيته
بيته الذي استباحته التحوت
الفخورة بألقابها
لا تنكسر حتى لو أدماك الحزن
على الأرواح والكلم
فحبرك أمطار القلب ونداه
أيها المسكون بالوليد أبداً
الغيوم السوداء التي تلبد سمائي
لا، لم تغادرها الشمس
كي تمنحها أحوال ألوانها،
الليل ينبلج أيضاً ويتنفس
يحمل أنواره ويقرع أبواب
الساهرين مع الهموم
أيتها النجوم التي أغوت كانط بالفرح
أيتها الجميلة القتيلة والمرمية خلف ظلام الأثرياء
وبؤس الفقراء
وحجب الأغبياء
وأنوار النداءات العاهرة
وحدي أتلصص عليك لأرى عريك الفتان
وأنرجس الوجود كي أبقي على روحه الحية
سارية في الأشياء،
أنا الصانع لما يغري
وأسمع النداء من أعالي القمم:
دع الآلام في صدرك صامتة تتأمل ذاتها
وتمضي إلى مستقرها الأخير في أعماقك
كي تزهر بساتين أوراقك
ولا تقع الشبهة بكبريائك
متسولاً عند باب الشفقة،
دع النفس تعج بضجيج متع التأفف
رافعة رأسها
وتملأ بيت الذاكرة بما يليق بسيرة النهر
أيها الكون والفلك والمدار والقمر والنجم
أيتها الشمس والشجرة والزهرة والنسمة،
أيها النبع والجدول والمطر والندى والبحر والنهر،
أيتها القمة والغيمة والصاعقة والعاصفة،
أيها الحب
يا كل هذا لا تغادر أرواحنا.
يا باخوس أيها الخائن النبيل:
جرار الخمر فارغة
والكروم يأكلها الجفاف،
يا كل هذا الغياب الأليم
أتسمع صوت عقلي وترى جمار قلبي؟
شاعر فلسطيني