غزة – “القدس العربي”:
على خلاف الكثير من سكان المنطقة، الذين أبدوا خشيتهم من التعرض للأضرار خلال الهجوم الإيراني على إسرائيل، لم يبد سكان قطاع غزة أي مخاوف من هذا الأثر، لمعايشتهم على مدار أكثر من ستة أشهر أجواء حربية أكبر، والتي لم تحل دون متابعة هؤلاء السكان للهجوم الليلي.
ولم تقف أجواء الحرب، وانقطاع التيار الكهربائي، الذي حرمهم من متابعة الحدث مباشرة على القنوات التلفزيونية، عائقا أمام سكان القطاع لمتابعة الحدث.
وتابع الغزيون الحدث أولا بأول على المجموعات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى محطات الإذاعة سواء المحلية أو العالمية.
وأمضى هؤلاء الذين اعتاد غالبيتهم على النوم مبكرا، ليلهم بلا نوم، يتابعون الاخبار إما في منازلهم أو في “مراكز الإيواء”، وخيام النزوح، وراقبوا جيدا المناطق الحدودية الشرقية الجنوبية للقطاع، خاصة وقت وصول الصواريخ الإيرانية لمنطقة النقب.
وحمل أبو زايد مذياعه الذي كان ينقل عبر تردد إحدى المحطات نشرة لقناة “الجزيرة”، وشارك في سماع النشرة عددا من جيرانه الذين تجمعوا حوله لمتابعة الحدث، فيما نظر الجميع إلى سماء المنطقة الشرقية الجنوبية، حين كانت الأخبار تتواتر عن وصول الصواريخ لمنطقة النقب.
وقال هذا الرجل الذي يقطن في جنوب مخيم النصيرات، إنه فضل السهر هذه الليلة، لمتابعة الحدث، وكغيره لم يبد أي خوف من تطورات الموقف على الأرض، وقال “ايش بدو يصير فينا أكثر”، وكان يشير إلى ما يعيشه سكان غزة من حرب دامية تشنها دولة الاحتلال منذ أكثر من ستة أشهر.
وكتب محمد عماد “الكل خايف الا غزة وأهلها”، بالإشارة إلى ما عايشه السكان منذ بدء الحرب.
وكان سكان قطاع غزة، هللوا بأصوات عالية ورددوا تكبيرات وأطلقوا الصافرات، حين شاهدوا سماء المناطق الحدودية وقد أضيئت بالصواريخ الإيرانية، وبتلك التي أطلقتها قوات جيش الاحتلال بكثرة من منظوماتها الجوية، لاعتراض الصواريخ المهاجمة.
وقال أبو زايد إن المشهد أعاد للأذهان تلك اللحظات التي كانت قبل 34 سنة، حين هاجم العراق فترة الرئيس صدام حسين، خلال “حرب الخليج” عدة أهداف إسرائيلية.
وبسبب ضعف جودة خطوط الانترنت في قطاع غزة، وهو أمر راجع لتدمير جيش الاحتلال بشكل متعمد شبكات الاتصالات، احتاج المتابعون وقتا طويلا، لتحميل فيديوهات قصيرة، توثق لحظات سقوط الصواريخ الإيرانية على مناطق في إسرائيل.
وفي مخيم النصيرات، لم يحل الهجوم البري الذي تشنه قوات جيش الاحتلال منذ الأربعاء الماضي على الأطراف الشمالية للمخيم، من متابعة الهجوم الإيراني، والذي ترافق مع شن الجيش عدة غارات على تلك المناطق.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية التي أحدثت أصواتا مرتفعة جدا، العديد من المنازل والأراضي الواقعة في شمال النصيرات، وكان من بينها ما ضرب تلك المنطقة، لحظة وصول الصواريخ الإيرانية لمنطقة النقب.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الكثير من سكان غزة عن تأييد الهجوم الإيراني، فيما أبدى آخرون استياءهم لعدم رؤية هذا الرد فترة الحرب التي يعيشونها، رغم المجازر التي تعرض لها السكان، وأوقعت عشرات آلاف الضحايا، رغم وجود إيران على رأس “محور المقاومة” الذي تنتمي له فصائل المقاومة في غزة، فيما تندر آخرون على دولة الاحتلال في تعليقاتهم.
وكتبت أم ماجد معلقة على ما حدث “فرقعات إعلامية”، وكانت تقلل من حجم القصف الإيراني.
أما أميرة السعد فكتبت “بدأت الحرب ضد إسرائيل”، وقد نقلت في تدوينة لها على “فيسبوك” ما أعلنه الجيش الإيراني عن بدء الهجوم “سنرد على أي طرف يفتح مجاله الجوي أو أراضيه أمام إسرائيل لمهاجمة إيران”.
أما عماد أبو شاويش فكتب “سماء غزة نهار”، من كثرة الصواريخ التي شاهدها السكان لحظة الاستهداف الإيراني لمناطق قريبة تقع في النقب، وكتب أيضا عن الإعلان عن وصول الصواريخ التي انطلقت من إيران “وصلوا”.
أما سامر جمعة فكتب مشيدا بالهجوم “هجوم ايراني هو الأول في التاريخ على الكيان، والعالم كله واقف على رجل، امريكا والدول الغربية شغلت انظمتها الدفاعية لاعتراض الصواريخ حتى بعض الدول العربية”، وأضاف “ايران سواء اختلفنا معها او اتفقنا، في هذه اللحظة ضحت بنفسها باستهداف الكيان والعواقب متتالية والبعض بقلك مسرحية، قل خيراً أو اصمت”.
وكان هذا الشاب يشير في تعليقه إلى توقعه بأن لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، وأن تتصاعد الأحداث في الأيام القادمة.
أما تامر مزيني، فقد علق بتندر على الحدث، وكتب “عاجل، البلوكات التالية، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٢ ، ٣٠٢ ، ٣٠٠ ، ٢٠١، اخلاء فورا باتجاه الممر الآمن على شارع تل ابيب الرئيسي باتجاه مواصي حيفا”، وتابع “الممر الامن من الساعة 1:00 حتى 6″، وختم تدوينته بكلمة “ولعت”.
وكان هذا الشاب يتندر على إسرائيل، التي اعتادت أن تنشر هكذا تحذيرات لسكان قطاع غزة، خلال الهجمات البرية التي كانت تستهدف الكثير من المناطق، حيث كانت تنشر رقم “البلوك”، بعد أن قسمت القطاع لبلوكات كثيرة، وكانت تطلب منهم النزوح القسري تجاه مناطق عدة من بينها مواصي مدينة خان يونس جنوب القطاع، وزعمها فتح “ممرات إنسانية” للنزوح، رغم أنها قامت في كثير من المرات بشن هجمات دامية استهدفت النازحين خلال الفرار من مناطق التوغل البري.