هكذا تسقط ورقة التين عن “ديمقراطية إسرائيل”

حجم الخط
0

لماذا الأصوليون نعم والعرب لا؟ لماذا يركضون وراء اغودات يسرائيل ويرفضون القائمة المشتركة؟ إذا كان مؤشر الدخول إلى المجتمع هو الصهيونية والجيش، فهل الأصوليون أكثر صهيونية؟ هل يتجندون في الجيش أكثر؟ إذا كان يصعب علينا التعامل مع القائمة المشتركة، فلماذا لا نتخلى عنها، من الذي يريدها؟ هل من أجل أن تكون ورقة التين بالنسبة لنا؟ هل من أجل تبرير الصفة الديمقراطية التي لا تزال مربوطة بخيط بدولتنا اليهودية؟

هل سنقوم بإخراجهم تماماً من اليهودية والديمقراطية، وعندها نبقى مع حقوق إنسان ومساواة نقية بشكل كامل؟ إنهم بعد كل شيء لن يكونوا شركاء حقيقيين في أي يوم، ولن يتفاخروا أبداً بالضربة النادرة الفظيعة التي أنزلناها على غزة لمرة واحدة. ماذا سنصنع بهم عندها؟ هل سنعطيهم حكماً ذاتياً ثقافياً؟ هل سنسمح لهم بالتحدث بلغتهم؟ أجل، سنفحص ذلك بإيجابية.

كيف يحدث أن “تماماً، دون العرب” يتم استقبالها بصورة طبيعية حتى من قبل أشخاص طيبين ومتسامحين؟ من الذي يجب أن نشكره على هذه المقاطعة؟ ومن الذي يجب أن نثني عليه على هذا الإقصاء؟ الإجابة تكمن في الـ 72 سنة من التعليم الذي غرس تفوقنا مقابل دونيتهم، صدقنا مقابل كذبهم.

بني غانتس وغابي اشكنازي ويئير لبيد وموشيه بوغي يعلون، هم نتاج هذا التعليم. العربي الإسرائيلي بالنسبة لهم هو مواطن مشروط ومطلوب منه مرتين في الأسبوع إثبات ولائه. مبادئ المساواة التي هم أنفسهم يؤمنون بها لا تنطبق عليهم. هم يعدون الناخب بحزب نقي من التعاون مع العرب. وهذا الناخب يستقبل ذلك كأمر مفهوم من تلقاء ذاته.

كذلك الناخب، فهو نتاج نفس التعليم، فهو مستعد لقطع المحيطات من أجل الالتقاء مع ثقافات أخرى، لكنه غير مستعد للسفر مدة عشر دقائق من بيته من أجل الالتقاء مع الثقافة الجارة. هو لا يعرف عنهم أي شيء عدا الحمص. وعندما يتوقفون عن البناء في الموقع الذي هو أمامه يعرف أن هناك عيداً ما لهم.

هو يعارض المقاطعة السياسية، لكنه يتفهمها ويبررها.. لا يعتبر هذا أمراً مبدئياً، بل تكتيكاً، هو واع ويقرأ خرائط الكتل ويفهم الاستطلاعات. وهذا ليس وقت الدلال.. ويقول إن هذه مجرد تصريحات انتخابية، ولكنها ليست مجرد تصريحات، بل نتيجة جهود وطنية استهدفت إبعادنا عن العرب. والمسؤول عن هذه القاعدة هو جهاز التعليم. في البداية يقوم بتحديث المناهج التعلمية، وبعد ذلك يقوم بإخراج كتب التعايش من بين الكتب الموصى بها، وفي نهاية المطاف يقوم بإلغاء لقاءات الأطفال. هذا أمر خطير بالنسبة للأطفال، يتحدثون، وفي نهاية المطاف يصبحون أصدقاء. الصداقة تلغي الكراهية. وعندما لا تكون كراهية فأي دافعية ستكون لهم كجنود من أجل إطلاق النار على الأطفال؟

الـ 20 في المئة منا الذين ليست لهم شرعية للمشاركة فيما يتعلق بمصيرهم، لم تعد بحاجة إلى التبرير. التفسيرات معروفة، بدءاً من “ما هو السيء لديهم هنا” وانتهاء بـ “علاقاتنا الخارجية وأمننا لا يعنيهم”. تخيلوا أنهم في الولايات المتحدة منعوا 12 في المئة من السكان من المشاركة في السياسة الخارجية والأمن في أمريكا لأن هذا أمر لا يعني السود.

“تماماً، دون العرب” تعكس الروح الكاذبة التي خلقناها لأنفسنا بأننا لسنا من هنا على الإطلاق، وأننا “أوروبيين لطيفين” ومختلفين تماماً ومتفوقين تماماً، إلى درجة أن من يتحدثون العربية منا يرفضون أن يكونوا جسراً بين الثقافتين. إنهم لا يريدون أن يماهوا أنفسهم مع ثقافة الآباء، لقد اخترعوا ثقافة خاصة بهم، شرق أوسطية كما يبدو.

كيف حدث أن قيماً عالمية يؤمن بها كل شخص متنور تحولت إلى “يسارية”، وبالتالي مرفوضة. هل سمعتم يوماً بوغي يعلون وهو يتحدث عن “التسامح”؟ أو هل سمعتم لبيد وهم يتحدث عن “حقوق الإنسان”؟ وهل سمعتم في أي يوم شخص من الليكود يمتدح “المساواة”؟ في “أزرق أبيض” يخشون من أن ينجح بيبي في أن يلصق بهم التنور والتقدمية. هذا فقط ما ينقصهم. هم لا يريدون أن يكونوا “متنورين” أو “تقدميين”. أسقطوا هذه عنا وبسرعة، يقولون: لسنا هكذا! إنما نريد أن نكون مثل الجميع، عنصريين وقوميين! ولكن “دون بيبي”!.

العنصرية القديمة والمعروفة، التي تفور فينا طوال الوقت، لن توقفها القائمة المشتركة. فالعنصرية هي عنصرية. ومن يتعالى على العرب يتعالى أيضاً على الآخرين. ومن لا يؤمن بأن الجميع متساوون يؤمن أيضاً بأن هناك أناساً أعلى وأناساً أدنى، وأن هناك أشكنازاً وهناك شرقيين. والآن بقي عليه التقرير من هو أعلى ومن هو أدنى.

بقلم: يوسي كلاين
هآرتس 27/2/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية