هكذا يستطيع نتنياهو أن يبسط “سيادة واعية” على الضفة

حجم الخط
0

معضلة مسـألة السيادة على غور الأردن ومستوطنات المناطق تضع رئيس الوزراء نتنياهو على مفترق قرار إستراتيجي، هو من أصعب المفترقات وأكثرها مركزية في تاريخ دولة إسرائيل. وفي المفترق الإستراتيجي يكون القرار دوماً مركباً. أما معضلة نتنياهو فأكثر تركيباً بأضعاف.

الجناح اليساري، بتأييد من ضباط وموظفين سابقين، يعرض ضده جملة مخاطر متفرعة لدرجة إلغاء فرضية وجود أي فرصة. أما الجانب اليميني –من زاوية نظر ممثلي مشروع الاستيطان– فيعرض المخاطر الأمنية بل حتى الخوف من خطوة لا مرد لها، تنقل نصف أرض يهودا والسامرة، التي لا تزال باقية بيد إسرائيل والمصنفة مناطق “ج”، إلى السلطة الفلسطينية. وأمام الخلاف مع حاسبي المخاطر من اليسار، يوجد لنتنياهو تأييد جماهيري كافٍ، بما في ذلك تأييد مجموعة متزايدة تعرض موقفاً أمنياً بديلاً. والمعضلة الأصعب هي تلك التي يقدمها ممثلو مشروع الاستيطان.

في معضلة مشابهة، وقف بن غوريون في العام 1937، عندما وافق على خطة التقسيم للجنة “بيل”. وشرح بن غوريون في حينه قائلاً: “إن الدولة اليهودية التي تعرض علينا الآن… ليست الهدف الصهيوني، ولكنها كفيلة بأن تشكل مرحلة حاسمة في الطريق إلى التحقق الأكبر للصهيونية”. وتعبر أقواله هذه عن المنطق الإستراتيجي لبن غوريون الذي عمل على مدى وعي نظرية المراحل، والكفاح الطليعي المتواصل بلا توقف. مشكوك أن يعبر نمط المنطق هذا عن نهج نتنياهو، ويكمن هنا موضوع لاستيضاح عميق.

في الجانب الأمني، بالمقابل، مطلوب استيضاح عملي وفوري، وهو يتركز قبل كل شيء على مسألة السيطرة في محاور الحركة الرئيسة. يعد رئيس الوزراء أن يبقى الجيش الإسرائيلي أثناء تطبيق خطة ترامب، مسؤولاً عن الأمن في المنطقة، وبالتأكيد عن ما يتعلق بمحاور حركة السير الرئيسية. غير أن السيطرة الأمنية بحد ذاتها لا تكفي. فإذا كان المحور في قسم منه تحت سيادة فلسطينية، فلن يكون ممكناً منع بناء كثيف على جانبيه. وستتقيد نجاعة السيطرة الأمنية الإسرائيلية هكذا لدرجة أنها ستصبح متعذرة.

بهذا الفهم، اشترط رئيس الوزراء إسحق رابين التقدم في تنفيذ خطة أوسلو باستكمال محاور التفافية مثل محور النفقين في الطريق إلى “غوش عصيون” ومحور التفافي رام الله. فلم يشق هذان المحوران فقط من أجل التسهيل على سكان “عوفرا” و”غوش عصيون” في طريقهم إلى القدس. فقد خُطا كشرط عملياتي ضروري سمح في “السور الواقي” بحركة قوات الجيش الإسرائيلي بين جبهات العمل في يهودا والسامرة. وعليه، ففي محاور رئيسة مثل المحورين 5 و 35 يحب أن تكون سيطرة إسرائيلية كاملة. هكذا أيضاً بالنسبة لمحور 60 من شمال القدس وجنوبها، والذي يشكل الرابط الحرج بين القدس والمستوطنات التي تحيط بها، من الشمال: “غوش عاليه” – “ارئيل”، ومن الجنوب “غوش كريات أربع”. ودون محور 60 ستكون القدس مسدودة أمام استنفاد دورها الميتروبولي وستبقى كمدينة جبهوية.

إن بسط السيادة، رغم المخاطر، هو بالفعل فرصة تاريخية، يجب تطبيقها بوعي الرؤيا الخالدة في مسيرة لا تنتهي لخلاص الشعب والبلاد.

بقلم: غيرشون هكوهن
إسرائيل اليوم 5/6/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية