هل إسرائيل تنهار؟

حجم الخط
0

الأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها إسرائيل، نتيجة طبيعية ومنطقية للخريطة السياسية المشوهة والمقسمة، التي تحكم هذا الكيان العنصري، وهذه الأزمة التي قد تتحول إلى مواجهة داخلية أعنف وأعمق في المستقبل، تكشف كيف أن دولة الاحتلال ليست كياناً سياسياً طبيعياً، وإنما هي فسيفساء قام من أجل احتلال فلسطين.
القلق العالمي مما يجري داخل إسرائيل، وحالة الجنوح السياسي الذي تشهده دولة الاحتلال، يؤكد أنها تعيش أخطر أيامها وأكثرها صعوبة، وأن هذا الانقسام الداخلي قد يؤدي إلى انهيارها، وهو لا يشبه أي انقسام آخر تواجهه دول العالم، والسبب ببساطة أن دولة الاحتلال لا تشبه أي دولة في العالم، وهي احتلال ليس له مثيل أصلاً في عالم اليوم.
خلال الأيام والأسابيع الماضية، انشغل الكثير من المعلقين العرب على شبكات التواصل في القول إن «اسرائيل تنهار» وسارع كثيرون إلى اعتبار أن هذه مبالغة بسبب أن التظاهرات والانقسامات والصراعات السياسية موجودة في كل دول العالم، ولا تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الدول. لكن الحقيقة أن ما يقوله بعض العرب يعترف به كتاب ومحللون إسرائيليون وساسة سابقون، كما أن حجم الهلع العالمي والقلق مما يجري في إسرائيل يدل بكل تأكيد على أن هذا المشروع يواجه أخطر أيامه.

الأزمة التي تشهدها تل أبيب حالياً تعيد إلى الواجهة العديد من التحليلات السابقة التي كانت قد تحدثت عن أن التناقضات الداخلية في إسرائيل قد تؤدي إلى انهيارها

الكاتب الاسرائيلي في جريدة «هآرتس» العبرية أنشيل أبفيفر كتب في بداية العام الحالي يقول، «إن الحرب الأهلية في إسرائيل أصبحت اليوم أقرب من أي وقت مضى» وأشار إلى أنه «مع استمرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إقرار تشريعاتها القضائية، تحول الحديث بين الإسرائيليين إلى خوف عميق وعناد، إذ يشعر كل من المؤيدين والمعارضين بأن هذه هي اللحظة التي يظفرون فيها ببلادهم أو يخسرونها». ويقول يديديا ستيرن، وهو رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي، الذي أسسته الوكالة اليهودية، «إن إسرائيل اليوم أقرب إلى الحرب الأهلية مقارنة بالوقت الذي أعقب مقتل إسحق رابين، وفك الارتباط من قطاع غزة باعتبارهما حدثين اقتربت فيهما إسرائيل من الحرب الأهلية». أما الصحافي والمراسل في جريدة «يديعوت أحرونوت» تسور شيزاف فكتب يقول قبل أيام، «إن شيئاً ما يتفكك عندنا في إسرائيل» وأضاف، «في المظاهرة الكبرى في مطار بن غوريون يوم الثلاثاء الماضي، روى لي صديق تحدث مع شرطيين من الوحدة الخاصة، أكدا له أن عناصر في جهاز الشرطة يريدون أن يتركوا، لأنه توجد صدوع». وكتب الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» يوسي كوهين مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت» قبل أيام قال فيه، «في سنوات سابقة، شهدت إسرائيل خلافات وأزمات خارجية وداخلية وشروخا ومنازعات، لكننا عرفنا أن إسرائيل ووجودها، هو فوق كل خلاف وشرخ، وعملنا جميعا بموجب ذلك» ملمحاً إلى أن الدولة الإسرائيلية أصبحت اليوم تواجه خطراً وجودياً بسبب الأزمة السياسية الحالية. وتابع كوهين: «في الأيام الأخيرة، يتعاظم في داخلي بقوة إحساس المسؤولية القومية الذي ينبع من كوني ابنا لإسرائيل. إسرائيلي ورجل أمن، وظفت جهودي في العقود الأربعة الأخيرة لتعزيز الأمن وتحصين إسرائيل، قلبي يتألم مما يجري في إسرائيل».
المؤكد أن الأزمة السياسية الداخلية التي تشهدها إسرائيل حالياً ليست عابرة، ورفض التعديلات القضائية التي يريد بها نتنياهو تحصين نفسه وتحصين اليمين المتطرف، ليست سوى أحد الإفرازات الطبيعية لدولة متناقضة وليست متجانسة، قامت على حالة شاذة وهي احتلال أرض الغير، وتفرض وجودها بالقوة المطلقة والعنف المبالغ فيه، ولا يتوحد شعبها وشارعها إلا بافتعال الأزمات مع الفلسطينيين وارتكاب المجازر بحقهم. هذا فضلاً عن أن الدولة الدينية لا يمكن أن تكون علمانية ولا ديمقراطية لأنها ليست دولة لكل مواطنيها. الأزمة التي تشهدها تل أبيب حالياً تعيد إلى الواجهة العديد من التحليلات السابقة التي كانت قد تحدثت عن أن التناقضات الداخلية في إسرائيل قد تؤدي إلى انهيارها، وأن الانقسام المجتمعي والسياسي الداخلي لدى الاسرائيليين الذي يصل إلى درجة الإقصاء العنصري من البعض للبعض لا يُمكن أن يستمر طويلاً.. إنها دولة قامت على الاحتلال، والاحتلال لا يُمكن أن يستمر إلى الأبد.

كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية