هل اقترب الاشتباك العسكري المباشر بين الجيش التركي والنظام السوري في إدلب؟

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول-“القدس العربي”: تتزايد بشكل خطير فرص الاشتباك العسكري المباشر بين الجيش التركي وقوات النظام السوري في شمالي سوريا الذي تنتشر فيه قوات تركية، لا سيما عقب القصف المتكرر لنقاط المراقبة التركية المنتشرة في إدلب ومحيطها بموجب التوافقات السياسية والعسكرية مع روسيا.

وينتشر الجيش التركي في 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها من أرياف اللاذقية وحماة وحلب بموجب اتفاق خفض التصعيد مع روسيا وإيران وتفاهمات أستانة وما لحقها من تفاهمات في سوتشي، كما ينتشر الجيش التركي في المناطق التي سيطر عليها في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون.

وعقب أربع ضربات متتالية تقلتها نقاط المراقبة التركية في محيط إدلب خلال الشهر الأخير فقط، تعرضت نقطة المراقبة العسكرية التركية رقم 10 والواقعة في منطقة شير مغار بريف حماة إلى ضربة خامسة تعتبر الأكبر ضد التواجد التركي في شمالي سوريا، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية أن النقطة تلقت 35 قذيفة هاون بشكل مركز ما أدى إلى إصابة 3 جنود وتدمير معدات عسكرية، فيما أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء سوريون النقطة وقد اشتعلت فيها النيران من شدة القصف.

وعلى عكس الهجمات السابقة التي كانت عبارة عن سقوط عدد محدود من القذائف وصفت في كثير من الأحيان أنها قذائف عشوائية وسقطت بالخطأ في منطقة اشتباكات، فإن الهجوم الأخير حمل من الأدلة الكافية للجزم بأنه هجوم محدد ومقصود وكاد أن يوقع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الجنود الأتراك.

وكانت قوات النظام السوري، استهدفت محيط نقطة المراقبة التركية (رقم 10) بقذائف صاروخية في الثامن من الشهر الجاري، و29 نيسان/ابريل و4 و12 أيار/مايو الماضيين، وهي تعتبر أقرب نقطة تصل إليها قوات النظام السوري براً عقب تقدمها الأخير في ريف حماة، وسط تقديرات بأن النظام يهدف للضغط على أنقرة عسكرياً لسحب قواتها من تلك المنطقة لكي يتسنى له مواصلة تقدمه البري.

ولأول مرة، لم يتردد المستويان السياسي والعسكري في تركيا باتهام النظام السوري بشكل مباشر بالمسؤولية عن تنفيذ هذا الهجوم والتأكيد على أنه وقع “بشكل مقصود” مطلقين سلسلة من التهديدات بالرد عسكرياً على النظام في حال كرر الهجوم على نقاط المراقبة التركية في سوريا.

هذه التطورات اعتبر بمثابة تحول خطير في قواعد الاشتباك بين القوى العسكرية النافذة في شمال سوريا المتشابك، وفتح الباب أمام احتمالات حقيقية لتطور الأمر إلى اشتباك عسكري مباشر ولو محدود بين تركيا والنظام في ظل تصاعد التوتر وتعقد المعادلات السياسية والعسكرية.

وما رفع من خطوة الموقف، الخلافات التركية الروسية المتصاعدة حول إدلب حول طبيعة الحل العسكري في إدلب، ومستقبل الحل السياسي في عموم سوريا، واعتقاد تركيا الراسخ بأن النظام لا يجرؤ على القيام بأي خطوة عسكرية ضد القوات التركية بدون غطاء أو تغاض روسي.

وفي أبرز تجليات الخلاف التركي الروسي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عقب الهجوم الأخير على القاعدة التركية أن طائرات حربية روسية نفذت غارات “ضد إرهابيين بناء على إحداثيات منحتها تركيا للجيش الروسي” وقالت إن إرهابيين هم من هاجموا القاعدة التركية، وذلك في إشارة إلى هيئة تحرير الشام في إدلب.

ولكن على الفور، أصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً موازياً نفت فيه صحة الادعاءات الروسية، وأكدت أن تركيا لم تمنح الجيش الروسي أي إحداثيات ليتم قصفها في إدلب. يأتي ذلك في ظل غضب روسي سوري متصاعد من تركيا ظهر على شكل خلافات علنية في الأسابيع الأخيرة.

وبدرجة أساسية فشلت روسيا حتى اليوم في الضغط على تركيا لتمرير لجنة إعادة صياغة الدستور بالشكل التي تريده موسكو وبالتالي أحبط مساعيها لتحقيق أي انجاز سياسي مفترض في الأزمة السورية، كما ما زالت تركيا ترفض الموافقة على عمل عسكري مستقل أو مشترك مع روسيا ضد هيئة تحرير الشام في إدلب.

ومع تفجر موجة الاشتباكات الأخيرة في إدلب وريف حماة، تحدثت مصادر في المعارضة السورية عن تقديم تركيا دعما عسكريا نوعيا للفصائل السورية مكنها من الصمود بشكل أكبر أمام محاولات النظام للتقدم براً ولاحقاً المبادرة بالهجوم على مواقع النظام والقواعد الروسية، والحديث عن استفادة المعارضة من خطط عسكرية قدمها الجانب التركي.

والخميس، فشلت روسيا مجدداً في اقناع تركيا بضبط الفصائل السورية للموافقة على وقف إطلاق نار في إدلب ضمن المعايير الروسية، وفشلت محاولتان روسيتان لوقف إطلاق النار بدون تقديم التعهدات اللازمة إلى تركيا، كل ذلك راكم الخلافات وفتح الباب واسعاً أمام احتمالات التصعيد بين تركيا من جهة والنظام وروسيا من جهة أخرى.

وعقب يوم واحد من تأكيد وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أن الهجوم على القاعدة التركية نفذه النظام السوري بشكل متعمد وهدد بالرد عليه في حال مواصلته الهجوم، أكد، الجمعة، أن روسيا “لا عذر” لها لعدم وقف الضغط على النظام السوري من أجل وقف ضرباته في شمال غرب سوريا.

وقال في مقابلة تلفزيونية “من هم ضامنو النظام في إدلب وسوريا بشكل عام؟ روسيا وإيران. لا نقبل العذر القائل: لا يمكننا أن نجعل النظام يصغي لنا”. وأضاف “منذ البداية قلنا إننا ضامنو المعارضة. لم تحدث أي مشكلة مع المعارضة المعتدلة”.

التهديد بالرد على النظام أطلقه أيضاً الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي شدد في مؤتمر صحافي، الجمعة، على أن مواصلة الاعتداء على مدينة إدلب السورية “جريمة لا تُغتفر” وقال: “لا يمكننا السكوت عن قصف النظام المدن السورية بقنابل الفوسفور، كما أن تركيا لن تصمت أمام استمرار مهاجمة نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب” تاركاً الباب مفتوحاً أمام احتمالات التصعيد غير معروف العواقب في حال كرر النظام السوري بالفعل قصفه لنقطة المراقبة التركية.

ويقول مسؤولون أتراك إن أنقرة لا ترغب على الإطلاق في الدخول في اشتباك عسكري مباشر مع النظام، كما أنها لا ترغب في وصول الخلاف لمستويات أكبر مع روسيا، لكنهم أكدوا على أن الجيش التركي لن يتردد في الرد على النظام في حال كرر هجومه على نقاط المراقبة التركية التي باتت واقعة في وسط الاشتباكات وتعيق التقدم البري للنظام السوري، الأمر الذي يجعل من إمكانية تكرار الحادثة أمراً وارداً وبقوة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية