هل انتهى شهر العسل لبطل أوروبا؟

عندما عُين الألماني توماس توخيل مدرباً لتشلسي الانكليزي في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، فان قلة توقعت نجاحاته المذهلة على مدار الشهور الاربعة التالية والتي توجها في النهاية بالفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخ النادي اللندني.
كل شيء لمسه المدرب الألماني تحول إلى ذهب منذ اللحظة الأولى، فغير خطة سلفه فرانك لامبارد العقيمة إلى محكمة 3-4-3 تناسبت مع قدرات لاعبيه، ونجح عبرها في جعل الفريق صعب المراس والهزيمة، بل بات من الصعب تسجيل أي هدف ضده، حتى أن منذ قدومه مدرباً حافظ الفريق على نظافة شباكه في 15 من أصل 24 مباراة في الدوري، ليدب الرعب في قلوب الأندية الانكليزية والاوروبية على حد سواء. لكن هذا الموسم، ورغم انه عالج ما اعتبر نقطة ضعفه في النصف الثاني من الموسم الماضي، بعدم قدرته على تسجيل الاهداف بسلاسة وخيبة هدافه تيمو فيرنر في تخليص الفرص، بضمه أحد أكثر مهاجمي القارة العجوز رعبا للمدافعين، بسبب قوته الجسدية الهائلة وقدرته التهديفية، وهو النجم البلجيكي روميلو لوكاكو، حيث اعتقد كثيرون أنه الآن أصبح فريقاً متكاملاً لن يهتز.
ورغم البداية القوية هذا الموسم في الدوري بتحقيق 4 انتصارات في أول 5 مباريات، ولم يدخل مرماه سوى هدف واحد، الا ان بعدها بدأت الشقوق تظهر في أماكن وعلى أشكال مختلفة، بل دبت الشكوك في قلوب أنصاره في الأيام الأخيرة، بعد خيبة الخسارة في الدوري على أرضه أمام حامل اللقب مانشستر سيتي، الذي هزمه تشلسي الموسم الماضي 3 مرات على التوالي في غضون أسابيع قليلة في ثلاث مسابقات مختلفة، بينها نهائي دوري كلأبكطلالأبطال أوروبا، وقبلها فاز بشق الانفس على الوسطي أستون فيلا في كأس المحترفين بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1، لكن ما حصل ليلة الأربعاء الماضي بالهزيمة أمام «المكافح» يوفنتوس في تورينو 0-1، أثار أكثر من علامة استفهام على أسباب الهزيمة بصورة مروعة أمام فريق حقق بداية كارثية في الدوري الايطالي واستقبل الكثير من الاهداف، خصوصا كون تشلسي لم يسدد على مرمى الخصم سوى مرة واحدة من 16 فرصة سنحت له، وفي مباراة استحوذ فيها على الكرة بنسبة 73%، علما أنه على أرضه أمام السيتي أيضا لم يسدد أي كرة على مرمى الخصم.
هل انتهى فعلا شهر العسل للمدرب توخيل الذي حظي باشادات واسعة في الشهور الماضية وضعته ضمن نخبة المدربين وعباقرة المفكرين؟ ربما الآن سنكتشف معدنه الحقيقي خصوصاً أنه بعثر المقولة المأثورة في مختلف الثقافات وهي «لا تحاول اصلاح شيء غير مكسور»، عندما حاول المس بخطته المحكمة القائمة على تغطية كل أرجاء الملعب ضمن ضغط لاعبيه المركز بدءاً من ثلاثي قلوب الدفاع، نهاية بثلاثي الهجوم، ليكتم أنفاس المنافسين، لكن رغم اعتبار ضم لوكاكو حلا لمعضلة التهديف التي واجهته الموسم الماضي، الا انه أفسد دور ثلاثي الهجوم الذي افتقد لرأس الحربة الموسم الماضي بتهميش تامي أبراهام وأوليفييه جيرو، والاعتماد على المهاجم الوهمي، الذي كان سر نجاح خطته بعلم توخيل أو بدونه، كون عدم مركزية المهاجم، والتحرك الدائم والعشوائي لثلاثي الهجوم هو الذي قاد إلى ارتباك مدافعي الخصوم بسبب عدم وجود من يراقبونه او يحدون من خطورته، بل قادهم في بعض الأحيان إلى الخروج عن مراكزهم المعتادة والتي خلقت الفجوات والثغرات التي استغلها مهاجمو تشلسي في كثير من الأحيان. لكن اليوم ومع وجود لوكاكو كرأس حربة صريح ومتمركز، بات من السهل مراقبته والحد من خطورته عبر التكتل عليه مثلما فعل مدافعو يوفنتوس في تورينو ليلة الأربعاء الماضي. المشكلة الاخرى ان تشلسي لم يعزز بقية خطوطه بالمستوى المطلوب لزيادة العمق، فمع اصابة ريس جيمس على الجهة اليمنى، فان تشلسي افتقد إلى ظهير متقدم طبيعي، رغم محاولات أزبيليكويتا وهودسون أودوي، كما افتقد لبديل لنغولو كانتي الكثير الاصابات، رغم ضم ساؤول من أتلتيكو على سبيل الاعارة، الا انه للغرابة سبب رحيله عن مدريد هو انه لا يريد اللعب في المركز رقم «6» حيث يريد مدربه سيميوني، وتوخيل جلبه ليلعب فقط في هذا المركز. كما كان الاخفاق في انجاز صفقة ضم المدافع كوندي من اشبيلية بعد بيع زوما إلى وستهام اثره السلبي على الخط الدفاعي، مثلما كان الاعتماد المبالغ به على ألونسو على الجهة اليسرى، وتهميش المتوازن تشيلويل.
نعم تعرض تشلسي لهزات في الاسبوعين الاخيرين، وهو قادر على التعويض ان كان في الدوري الممتاز او دوري الأبطال، لكن توخيل يعلم ان شهر العسل انتهى، وان آخر مكان تتمنى فيه مزيداً من الوقت لاصلاح الاخطاء وتفادي الانتكاسات هو في تشلسي وتحت رحمة رومان أبراموفيتش الذي يضع اصبعه دائماً على زناد النار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية