هذا السؤال قد يكون صادما للعديد من القراء، وقد يعتبر امعانا في الخيال البعيد عن الواقع، ولكن شبح السفينة من وراء الضباب لا يخدع أي بحار ماهر. تواجه الولايات المتحدة الامريكية في عهد إدارة أوباما اصعب اوقاتها منذ الحرب الاهلية الامريكية، التي أسست ما يسمى بالولايات المتحدة الامريكية، فقد انهكت الحروب المتتابعة منذ الحرب الباردة الجسد الأمريكي ضمن كل المستويات، سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية، وعلى الرغم من احتفال المنظرين الأمريكيين بسقوط الدب السوفييتي، الا انهم استمروا في استخدام نفس معطيات الحرب الباردة، وقد توجت الحروب الامريكية الفاشلة بما يسمى ‘الحرب على الإرهاب’، من خلال احتلال أفغانستان والعراق وتغذية الصراعات الحديثة الناشئة في العالم الناطق بالعربية، مثل ليبيا ومصر وسورية، والحرب على الإرهاب في افريقيا. تخبط الإدارة الامريكية الحالية نتيجة تركة بوش الابن الثقيلة، وانتخاب رئيس امريكي ليس لديه دوائر نفوذ كبيرة تدعمه، ضمن اللوبيات الاقتصادية والسياسية داخل أمريكا، والمتتبع لتاريخ الامبراطوريات العالمية يلاحظ توفر كل الشروط الواجبة لتفكك الإمبراطورية الامريكية، حيث ان الرواد الأوائل الذين اسسوا الولايات المتحدة الامريكية نسجوا منظومة قيم إنسانية لم يمر بها تاريخ البشرية، جعلت الولايات المتحدة الامريكية نقطة جذب لكل الباحثين عن الحرية والتألق والابداع، وبعد ازدهار هذه الإمبراطورية العظمى دخلت في حروب عدة استنزفت مشروعها القيمي قبل قدراتها العسكرية والاقتصادية، وفي عهد الرئيس بوش الابن سيطرت ثلة من المتعصبين المؤدلجين على صنع القرار الأمريكي، واستندت الى رؤى تباعدت عن القيم الامريكية الاصلية، وتدحرجت كرة الثلج ضمن منظومة الدوافع الدينية الأسطورية، والشعور بالنشوة والتفوق، كما ان الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والجمهوري دخلا الى مرحلة الشيخوخة واصبحا غير قادرين على إدارة دفة البلاد نحو تطلعات الأجيال الشابة في أمريكا والعالم، بالإضافة الى التأثير المرتد للعولمة، خاصة في تجلياتها الاتصالية، وعلى الرغم من ان البعض يرى ان العولمة هي امركة العالم، ولكن هذه الامركة ابدا لن تكون هي أمريكا المعروفة سلفا، حيث معادلة 1+1= 3 تمثل الوصفة المرتدة لتمزيق الجسد الأمريكي من الداخل. النظرة الفاحصة للعلاقات الدولية تبين ان معايير القوة في العالم تتشكل ضمن بنية مختلفة، وهي بنية العالم اقل قوى، حيث توزيع القوى الدولية الجديدة سيقود الى إعادة رسم القوى الدولية، بحيث تكون ضمن معادلة (سالب) للجميع، وسيدخل العالم في العقد القادم في حالة فوضى دامية نتيجة أزمات الغذاء والطاقة وتقلص دفة القوى الدولية التي تدير اللعبة، وربما يمكن القول ان ازمة اقفال الحكومة الامريكية الحالية تعتبر مؤشرا قويا على بداية التفتت للإمبراطورية الامريكية، وقد يسخر البعض او يستغرب من خلال القول كيف يمكن ان تتلاشى قوى عظمى جبارة تمتلك اساطيل عملاقة وهيمنة دولية؟ والاجابة يمكن كشفها ضمن تاريخ الإمبراطورية الرومانية والفارسية والإسلامية والسوفييتية، السؤال كيف سيكون شكل العالم الحالي عند بداية الظهور الفعلي لتلاشي الإمبراطورية الامريكية؟ وهل سيكون باراك أوباما عبدالله الصغير او غورباتشوف الجديد؟ وربما يكون للحديث بقية لو كان في العمر بعض منها.