الناصرة- “القدس العربي”:
تشكل تجربة الأسير المضرب عن الطعام منذ 100 يوم ملحمة لافتة في معركة “الأمعاء الخاوية” كما يسيمها الفلسطينيون وهي حلقة في مسلسل طويل بدأ قبل عقود مع ولادة المقاومة. وترى الحركة الأسيرة الفلسطينية أن الإضراب عن الطعام من أجل كرامتهم وحقوقهم وقضية شعبهم آخر وسيلة ممكن اللجوء لها ضمن الوسائل القليلة المتاحة لمن هم خلف القضبان وهي “معركة الجود بالنفس” كما يسميها أحد الأسرى الفلسطينيين، رائد الحلبي.
هذا اليوم يتجاوز الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس 100 يوم من الإضراب عن الطعام وبات الخطر الداهم الفوري على حياته حقيقيا جدا، إذ فقد القدرة على السمع تقريبا ولا يقوى على تحريك أطرافه إلا بصعوبة بالغة. على خلفية ذلك تدعو لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48 إلى تصعيد التكافل معه وأعلنت عن اعتصام يومي قبالة مستشفى “كابلان” الإسرائيلي الذي يرقد فيه في مدينة “رحوفوت” (بلدة زرنوقا الفلسطينية المهجّرة) وتدعو للمشاركة في وقفة إسناد لـ”الأسير البطل” في اعتصام كل مساء بدءا من الساعة الخامسة.
وتكشف دراسة لمؤسسة الدراسات الفلسطينية للأسير المحرر رائد الحلبي نفسه أن الإضراب عن الطعام عملية معقدة تحتاج لدراسة ويقظة وذكاء في إدارة المواجهة مع السجان.
ويقول كاتب الدراسة رائد الحلبي وهو بنفسه أسير محرر إن تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية شهد طوال عقود الثورة الفلسطينية، العشرات من معارك الإضراب المفتوح عن الطعام، سواء أكانت تلك المعارك الجماعية التي انخرطت وشاركت فيها جميع أطياف الحركة الأسيرة الفلسطينية وحققت انتصارات مرموقة، وشكلت نموذجاً للعطاء اللامحدود للأسرى، أم الإضرابات الفردية التي حققت أيضاً انتصارات رغم ما تثيره من حالة جدل داخل سجون الاحتلال في صفوف الأسرى أو خارجها بين الهيئات التي تتابع ملف الأسرى.
ويشير الحلبي لرغبته هنا بنقل صورة لمعنى وحقيقة وفحوى مقولة إن الأسرى قد قرروا خوض معركة الإضراب المفتوح عن الطعام كسبيل أخير وليس أول لتحقيق مطالبهم الحقوقية الشرعية وفق الشرائع الدولية، ويتابع: “هنا أقول: “سبيلاً أخيراً” لأن أسرانا داخل السجون يدركون كل الإدراك ماذا تعني تفصيلات معركة الإضراب عن الطعام، من معركة تحمّل وصبر وعطاء قد تصل، وقد وصلت في مرات عديدة حد الجود بالنفس والاستشهاد. لذلك فإن قرار الإضراب عن الطعام ليس قراراً عفوياً بل هو قرار يحتاج إلى دقة في كل تفصيلاته، وإلى تحشيد نفسي ومعنوي وجسدي”. كما يشير لحيوية شرح أسباب الإضراب لجميع الأسرى المشاركين في المعركة، مع إصدار كم كبير من التعليمات التي يجب على الأسرى المضربين التزامها، وعلى رأسها قرارات لجنة الحوار التي يشكلها الأسرى قبل خوض المعركة، كونها اللجنة المسؤولة عن قيادة الإضراب وبته وإصدار القرارات خلال المعركة”.
التمهيد للإضراب
وأوضح أنه قبل أيام من خوض المعركة، تبدأ قيادة الإضراب المعتمدة من الفصائل المشاركة والأسرى بتوزيع التعميمات الداخلية على قواعدها، بهدف التحشيد وتفسير الأسباب التي تقف خلف قرار الإضراب، والتي تكون في الغالب فشل اللجان الحوارية في الحصول على بعض الحقوق عبر قنوات الحوار الاعتيادية التي تمثل مصلحة السجون الاحتلالية. ثم يبدأ التحشيد والتعليمات وعملية تقسيم الأدوار بين الأسرى المشاركين في الإضراب، والأسرى الذين يشكلون هيئات طوارئ مساندة لمعركة الإضراب، وهي هيئات يجب أن تكون جاهزة لتعزيز قاعدة المضربين عن الطعام فور الحاجة إليها.
معركة الجود بالنفس.. آخر أسلحة الأسير الفلسطيني في وجه الطغيان والحرمان
كما يوضح أن التواصل يبدأ مع الجهات والهيئات القانونية والإنسانية التي تهتم بشؤون الأسرى لضمان تحشيد التضامن المحلي والعربي والدولي مع الإضراب، وتستمر هذه الخطوات حتى ليلة إعلان خوض صراع الإضراب عن الطعام.
بعنفوان المقاتل، وبسمة المغامر، وثقة الواثق
ومن تجربته قال الحلبي إنه في ليلة خوض المعركة، يجلس كل أسير مشارك في الإضراب مع نفسه، يفكر في أحبابه وضرورة صموده في هذه الخطوة، يصارع كل الشكوك التي قد تراوده بشأن مدى تحمله الإضراب مهما يطول، فهو إنسان ولديه قدرات وعواطف ونقاط ضعف ونقاط قوة، ليحسم أمره بأن التزام الإضراب ضرورة لا تراجع عنها، وأن الصمود حتى النهاية هو الطريق الوحيد لإنجاز أهداف الإضراب ولنيل الحقوق.
وأضاف: “يكتب بعضهم وصيته، فهو يعرف أن ضمانة الانتصار غير محسومة، ويدرك كل الإدراك أن العدو ليس سهلاً، وأن حياة الأسرى لا تساوي لديه شيئاً، وما يكسر الاحتلال هو فقط الإرادات الصلبة. يفكر الأسير في خطوة الإضراب، يقلق على من يحب، ويقلق بشأن سير الخطوة، فيحسم قراره، يشارك بعنفوان المقاتل، وبسمة المغامر، وثقة الواثق”.
بدء الصراع
وبرأيه تنطلق المعركة، ويبدأ الصراع منذ اللحظة الأولى من تنكيل متعمّد بحق الأسرى المضربين عن الطعام من جانب الجلاد، ومن تفتيشات ومداهمات تعسفية، وتنقلات بين السجون بهدف إرهاق الأسرى عبر كثرة تنقلهم بـ”البوسطات” ما بين أقسام العزل الموزعة على السجون كافة.
ويرجح أن أول خطوة يقوم بها الجلاد هي عزل قيادة الإضراب لمنع أي اتصال وتواصل مع باقي الأسرى، لافتا إلى أن عملية التشكيك من جانب الجلاد بمدى نجاح هذه الخطوة تبدأ فورا في محاولة منه لكسر الإضراب منذ البداية، إلا أن هناك تعليمات مع الأسرى بعدم التواصل مع الجلاد إلا من خلال لجنة قيادة الإضراب.
ويتابع الحلبي مستفيدا من تجربة الأسر: “بعد أيام قليلة من الإضراب يغيب الشعور بالجوع ويبدأ التعب الجسدي يتغلغل في أجساد الأسرى فيتسامرون ليتغلبوا على الشعور بالتعب، وفعلاً يتغلبون عليه من خلال إيمانهم بقناعاتهم، وثقتهم بأن قيادتهم لن تبيعهم في المعركة وأن حركة الشارع الفلسطيني معهم. ورغم التراجع الوطني الشامل فإن الأسرى في معاركهم لا يملكون حق الانسحاب منها كما يملكه أي مناضل خارج السجون، إذ إن المعركة مستمرة بإضراب أو من دون إضراب”.
ويشير لتكاثر التفتيشات الليلية وازدياد ضغط الجلاد لكسر الخطوة، منوها أنه هنا لا يريد الخوض في تقييم تجربة إضراب معين أو الإنجازات التي يحققها الإضراب ويقول إن هناك دائماً خطوة تتكرر في كل إضراب، وهي أن إعلان انتهاء الإضراب بغض النظر عن نتائجه لا يحدث إلا من خلال قرار تصدره لجنة قيادة الإضراب، إذ إن التنظيم والانضباط والتزام الأسرى المضربين الكامل يكون أجمل من الانتصار نفسه.
نهاية الإضراب
ويوضح أن الإضراب ينتهي ويعود كل أسير إلى غرفته في السجن الذي يقبع فيه، وتبدأ الأحاديث عن تفصيلات الإضراب وتقييم الخطوة ويصبح الزمن الصعب الذي مر على المضربين خلال المعركة عبارة عن نهفات وضحكات تستذكر بشكل فكاهي. ويقول إن ما يلفت النظر هو أن الأسرى جميعهم يدركون خطورة هذه الخطوة إلا أنهم على استعداد دائم للجود بالنفس إذا ما اقتضت الحاجة إلى ذلك وفق وعي كامل بأن هذا القرار ليس عفوياً ولا ينبغي له أن يكون عفوياً، كما أن الاستعداد والجهوزية النفسية ليسا عفويين بل يُبنيان على قواعد ضرورة تحصيل الحقوق.
عزل الأسرى
ويستذكر الحلبي من تجربته أنه خلال إضراب 2011 حين تم عزل ما يقارب التسعين أسيراً في قسم عزل في سجن “أوهلي كيدار” في بئر السبع، حيث كان القسم لا يحتوي على شيء سوى البطانيات والفرشات المتواضعة، وكانت إدارة السجن تجري التفتيشات الليلية المفاجئة لإرهاق الأسرى وكسر إضرابهم، ناهيك عن محاولة بث الشائعات بأن الشارع الفلسطيني غير متضامن مع حالة الإضراب، وألا أحد يكترث لقضية الأسرى في محاولة للطعن بالثقة في القاعدة الجماهيرية والشعبية. ويضيف: “بل والأكثر خطورة من ذلك محاولة إدارة السجون التشكيك في مدى صدقية وإخلاص لجنة قيادة الإضراب فيما يتعلق بالإضراب نفسه تحديداً بعد عزل اللجنة عن الكل الاعتقالي”.
صفقة تبادل الأسرى
ويتنبه الحلبي أن ما زاد في تعقيدات الموقف هو تنفيذ صفقة تبادل الأسرى (وفاء الأحرار) خلال الإضراب وخروج أسرى مضربين عن الطعام ضمن صفقة التبادل من داخل قسم العزل، وكان هذا الموقف قد تكلله عمق المشاعر الثورية ما بين أسير مضرب عن طعام وأسير سيتحرر وهو أيضاً مضرب عن الطعام، ليعاهدوا البقية بمواصلة معركة الإضراب حتى ما بعد الإفراج، هو عهد المواصلة والوفاء. وينبه أيضا أن سلطات السجون الإسرائيلية تحاول إثارة المخاوف في صفوف الأسرى سعياً لكسر الإضراب، وفي الوقت ذاته كانت تتفاوض مع لجنة قيادة الإضراب من دون علم أحد فلا إمكان للتواصل بين الأسرى المضربين وقيادة الإضراب، ومع استمرار المراوغة.
حبس الأجساد فقط
ويقول إنها لاقت رداً لم تتوقعه من الأسرى المعزولين في سجن أوهلي كيدار، وهو أنه في حال تم الاستمرار في التشكيك بقيادة الإضراب سيقوم الأسرى بالإضراب أيضاً عن الماء، مطالبين بحضور ممثلهم فوراً إلى القسم بهدف التواصل معه، وفي هذه الحالة لم يكن أمام إدارة السجون سوى الرضوخ وتكثيف قنوات الحوار إلى أن توصلت إلى اتفاق مبدئي مع قيادة الإضراب.
ويتابع: “لم ينه الأسرى إضرابهم إلا بقرار مباشر بحضور لجنة القيادة، وهنا كانت الصدمة الصاعقة التي تلقتها إدارة السجون بكل هيئاتها، وهي أنهم قد يحبسون أجساد الفلسطينيين لكنهم لا يستطيعون حبس أو قمع إرادتنا”.
وبرأيه توصلت إدارة السجن إلى الاستنتاج بأن الغلبة هي للأسرى فلم ولن يسمحوا بمرور كل تلك الألاعيب والمناورات لكسر إرادتهم، منوها إلى أن الجود بالنفس لا يمكن أن يعجز عن كسر عصى الجلاد لأن الأسرى يملكون إرادتهم الحرة رغم أنهم خلف القضبان والجدران، يملكون وعيا وصلابة موقف ووحدة كلمة لإحقاق حقوقهم المشروعة.
ويشار إلى أن رائد الحلبي أسير محرر من القدس في السادسة والثلاثين من عمره، اعتقل عدة مرات وقد أمضى ثلاث سنوات ونصف سنة في سجون الاحتلال، منها سنتان إلى جانب إخوته الثلاثة، ولا يزال أحدهم في الأسر وهو الأسير نائل الحلبي. ورائد الحلبي حائز شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت.
الإضراب الأول
ويستذكر الأسير المحرر مدير جمعية لدعم الأسرى منير منصور من بلدة مجد الكروم داخل أراضي 48 أن الأسرى الفلسطينيين شرعوا باكرا في استخدام أسلوب الإضراب وقد شارك بنفسه ربما بأول إضراب جماعي عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية عام 1974.
ويوضح منصور لـ”القدس العربي” أن الأسرى في سجن الرملة وقتها أضربوا عن الطعام احتجاجا على محاولة إجبارهم على العمل في إعداد “شباك” للتظليل على دبابات إسرائيلية. ويتابع: “وقتها كانت ظروف الأسر أكثر قسوة فقد تعرض الأسرى لحرمان كامل فيما كانت الحركة الأسيرة الفلسطينية في بداياتها وبداية تنظيمها، ووقتها جرت مواجهة بيننا وبين السلطات الإسرائيلية حول توصيفنا هل نحن أسرى أم مجرمون أم جنائيون فتعاملت معنا بقسوة وبسياسة “فرق تسد”، منوها إلى أن الإضراب في سبعينيات القرن الماضي كان متقطعا ورافقته إضرابات عن الزيارة والحلاقة والوقوف في طابور الصباح والخروج لما يعرف بـ”الفورة” أي للخروج لساحة السجن لمدة وجيزة يوميا بهدف تشويش مجرى الحياة داخل السجن الإسرائيلي”.
ماء وملح
كما شارك منير منصور في إضراب 1992 الذي انطلق من سجن عسقلان وانتشر لبقية السجون بمشاركة 12 ألف أسير فلسطيني أضربوا عن الطعام 21 يوما.
وعن تجربة الإضراب عن الطعام روى منير منصور الذي أفرج عنه في صفقة تبادل لاحقا: “الإضراب عن الطعام هو الامتناع عن تناول أي غذاء عدا الماء والملح. الأيام الأصعب هي الثلاثة الأولى لأسباب جسمانية ونفسية، حيث يتعرض المضرب عن الطعام لصداع شديد وبحالة غثيان ريثما يبدأ الجسد يعتاد على المعدة الفارغة وبعد اليوم الثالث تبدأ مرحلة الضعف والهزال والارتخاء وعندها لا يقوى على النزول من سريره”.
ويستذكر منير منصور أن سلطات الاحتلال تدخلت في اليوم الخامس عشر وحاولت كسر الإضراب عن الطعام بالإطعام القسري للمضربين وخلال ذلك استشهد أسير من جبل المكبّر في القدس. ويشير منير منصور إلى أن الإضراب عن الطعام على الطريقة الإيرلندية يعني عدم تناول أي شيء حتى الماء والملح مما يعني دخول طريق الاستشهاد، منوها إلى أن الحركة الأسيرة الفلسطينية لم تتبن هذا النمط النضالي بسبب اختلاف طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي طويل الأمد عن الصراع في إيرلندا.
وأكد منير منصور استشهاد عدد من الأسرى الفلسطينيين خلال إضرابه عن الطعام في الماضي، منوها لحساسية وضع الأسير المضرب عن الطعام ماهر الأخرس الذي تجاوز إضرابه عن الطعام الـ100 يوم وهو أطول فترة إضراب عن الطعام وأكبر ملحمة نضالية يخوضها أسير فلسطيني من هذه الناحية.
هل هي معركة الأسير الاخرس وحده المضرب عن الطعام قرابة ماية يوم ، اين التضامن فعليا ، ام ان القاء الخطابات من قبل بطون امتلأت بشتى الطعام يعتبرون انفسهم محاهدين ومتضامنين ،
التضامن مع الاخرس يتطلب قوافل من مئات المتضامنين. يضزبون عن الطعام ليشاركو الاخرس في محنته ويمدوه بالصبر والعزيمة ويكون ذلك امام المحافل الدولية والمقرات الرسمية للدول الاجنية ، وبذلك يسمعون العالم بعدالة القضية ،. ، الاخرس ليس بحاجة الى من يقف وراء الميكروفونات. ليلقي خطابا
او يصدر تصريحا. ، بعد ان امتلأ جوفه بما لذ وطاب ، ايها الاسير ليكن الله في عونك ، انهم يتاجرون بقضيتك ،،،
للمرة العشرين اين هم قراء القدس العربي الغراء ؟ ساندوا اخوكم الاسير و في محنته لنتفق و نقول بصوت واحد فك الله اسره ما لنا غيرك يا رب والله حرام