لندن ـ «القدس العربي»: حجز المدافع الدولي المغربي نايف أكرد، مكانه ضمن القلة العربية المختارة والمحظوظة باللعب في أعلى مستوى تنافسي في كرة القدم، أو بعبارة أخرى بات أحدث المحترفين العرب في الدوري الإنكليزي الممتاز.
وبات أكرد بعد مباركة انتقاله من رين إلى وستهام يونايتد، مقابل رسوم قُدرت بنحو 30 مليون جنيه إسترليني، أغلى لاعب صناعة عربية محلية في كل العصور، وأغلى صفقة في تاريخ النادي الفرنسي، مناصفة مع الفرنسي عثمان ديمبيلي، وكذا رابع أغلى صفقة في أرشيف النادي اللندني، بتوصية من المدرب الاسكتلندي ديفيد مويز، كجزء من الخطة الجريئة، التي تهدف في المقام الأول الى الحفاظ على قوة المشروع، وجعله أكثر رغبة وطمعا في المنافسة على المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا، وبالتبعية، ستستمر ظاهرة توهج الناطقين بحرف «الضاد» في أعرق ملاعب العالم، منذ أن فعلها رياض محرز في العام 2016، بتحطيم ما تُعرف بالحواجز النفسية، فاتحاً الباب على مصراعيه أمام أبناء عمومته في شمال أفريقيا، لتوثيق «ظاهرة توهج العرب»، جنبا إلى جنب مع ملك الأرقام القياسية والجوائز الفردية محمد صلاح، والسؤال الذي يفرض نفسه وسنحاول الإجابة عليه: هل تستمر هذه الظاهرة بنفس القوة؟ أم هناك مؤشرات لمتغيرات غير سارة؟ وماذا عن صفقة الصيف التي هزت الرأي العام مساء الخميس الماضي.
رحلة كفاح
قبل الحديث عن مستقبل صلاح ومحرز الموسم المقبل، دعونا نُسلط الضوء على رحلة كفاح أسد أطلس المنضم حديثا إلى وستهام، فهو أيضا بدأ الحلم من تحت الصفر، بتدابير سماوية، بدأت بتواجد نجم النادي القنيطري أنور الدين طونيا، في محيط ملعب مباراة كان يشارك فيها نايف، وبمجرد أن اكتشف موهبة الصغير، طلب منه الإسراع بالانضمام إلى مدرسة الكاك، بيد أن حجر العثرة، كان في موقف والدته، التي كانت تعارض بشدة فكرة ممارسة كرة القدم على حساب مستقبله الدراسي، ما جعله يكتفي بالمشاركة في دوريات محلية تحت إشراف المدرب حسين أنفا، إلى أن ساقه القدر عام 2009 الى دخول أكاديمية محمد السادس بعمر 13 عاما، كواحد من 45 لاعبا وقع الاختيار عليهم لتعليمهم قواعد وأبجديات كرة القدم، كان من بينهم مهاجم إشبيلية الحالي يوسف النصيري، المرشح فوق العادة للانضمام إلى وستهام أيضا هذا الصيف، قبل أن يحدث الانفصال عام 2013، بانتقال أكرد إلى الفتح الرياضي، وبعده بعامين ذهب صديقه الصدوق إلى ملقة الإسباني، وسرعان ما خطف نايف الأنظار تحت قيادة المدرب وليد الركراكي، بعد رفض عرض انتقاله إلى بلنسية عام 2014، ليشارك في الطفرة التي أحدثها الركراكي في حقبته مع الفتح الرياضي، بالوصول لنهائي كأس العرش عام 2015 ثم بمعجزة التتويج بلقب الدوري المغربي للمرة الأولى منذ تأسيس الكيان قبل سبعة عقود في نسخة 2016، ليكافأ بعد عامين، بالسماح له بتحقيق حلمه وطموحه بالاحتراف في أوروبا. ورغم أن تجربته الأولى خارج الوطن لم تكن موفقة على الإطلاق، حيث قضى أغلب وقته مع ديجون في صراعه مع لعنة الانتكاسات وتجاهل المدربين، إلا أنه تفنن في استغلال تجربته الثانية الاستثنائية مع رين، ليتحول من مشروع لاعب محلي كان في طريقه إلى العودة إلى الوطن، إلى ذاك المقاتل الأساسي في تشكيلة الفريق المشارك في دوري الأبطال، برفقة إدواردو كامافينغا وباقي رفاقه السابقين في ملعب «راوزهون».
وكان ذلك تزامنا مع التغير الكبير في مسيرته الدولية مع أسود أطلس، أو بالأحرى سنوات تحوله من لاعب واعد مع منتخب المحليين الفائز ببطولة أفريقيا التي أقيمت في المغرب عام 2018، إلى واحد من الركائز الأساسية في المنتخب الأول، ويكفي أنه قبل العام الماضي كان في سجله أربع مشاركات دولية، بينما الآن وصل سجله لـ21 مباراة دولية، ما يعكس ويفسر ولو جزء بسيط من الأسباب التي دفعت المدرب الاسكتلندي مويز لضمه إلى الملعب «الأولمبي»، والحديث عن مؤشر تطوره والصعود الجنوني لأرقامه في آخر موسمين، مثل محمد صلاح في سنوات صعوده مع فيورنتينا وروما في جنة كرة القدم، قبل أن يُعيده الريدز إلى البريميرليغ في العام 2017. الفارق الوحيد في المراكز، حيث ممثلنا الجديد في الدوري الأشهر عالميا، يصنف كصخرة في قلب الدفاع، وفي رواية أخرى مدافع جوكر، بإمكانه اللعب في كل مراكز الخط الخلفي، بنفس الجودة والكفاءة، باستثناء مركز الظهير الأيمن، كونه من أصحاب القدم اليسرى. والأهم، يُقال عنه بالدارجة المصرية «معجون كورة»، في جيناته الأناقة والذكاء الفطري المعروفين عن مدرسة أسياد الدفاع، ويتجلى ذلك في أسلوبه النظيف، الذي يرتكز على فكرة استخلاص الكرة من دون إيذاء الخصم، متسلحا بموهبته القديمة، كمدافع بعقل وقدم لاعب وسط رقم 6، ذاك المركز الذي كان يشغله في عصر الدورات المحلية وأكاديمية محمد السادس، قبل أن يجد نفسه في الدفاع، ويظهر ذلك في جودة الكرة بين قدميه، والدقة الغريبة في تمريراته، التي وصلت لنحو 90 % الموسم الماضي، مقابل 91.4 % في موسمه الأول مع رين. وعلى سيرة التمريرات، أيضا وصلت دقة تمريراته الطولية لـ78.4 % الموسم الماضي، مقابل 75.5 % الموسم قبل الماضي، وقطع مسار التمريرات 54 مرة الموسم الماضي مقابل 39 للموسم قبل الماضي، وغيرها من الإحصائيات، التي تثبت بشكل أو بآخر، أن مويز لم يقامر بالميزانية المتاحة لتعاقدات الميركاتو الصيفي، بل اشترى جوهرة نفيسة قابلة للانفجار في أي لحظة. وقبل هذا وذاك، إمكاناته تكاد تكون مثالية لأفكار وإستراتيجية المدرب البريطاني، بما في ذلك، حل الكرات الثابتة، كما يستفيد يورغن كلوب من براعة فان دايك وقدرته على صنع الفارق من الركلات الركنية والأخطاء غير المباشرة على حدود مربع العمليات، ومن يعرف صاحب الـ26 عاماً منذ الطفولة، يفهم جيدا، أن واحدة من مميزاته، التفوق على المنافسين في حوارات الفضاء في أي مكان في الملعب، فهل سيقدم أفضل ما لديه ويحافظ على ظاهرة توهج العرب في الدوري الإنكليزي؟ نتمنى له كل التوفيق في رحلته مع مطارق شرق العاصمة.
لغز صلاح
بالنسبة لهداف البريميرليغ 3 مرات في آخر 5 مواسم، فما زالت هناك حالة من الغموض حول مستقبله ومصيره مع ليفربول، حتى بعد انتقال ساديو ماني إلى بايرن ميونيخ، وذلك بطبيعة الحال، لتأخر حسم ملف تأمين مستقبله في قلعة «الآنفيلد» إلى ما بعد 2023، وسط شائعات مُحدّثة على رأس الساعة، تؤكد أن الإدارة الأمريكية المستحوذة على النادي، فهمت رسالة السوبر ستار ووكيل أعماله، وهي غياب مفهوم «المرونة» في المعركة التفاوضية، لعل آخرها رواية صحيفة «ميرور»، عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، لاعتقاد الإدارة بأنها بذلت كل ما في وسعها في هذا الملف، فيما ستكون أشبه بالضربة الموجعة لخطط النادي، خسارة علامة تجارية لا تقدر بثمن مثل البطل المصري، بموجب قانون بوسمان في مثل هذه الأيام العام المقبل، لصعوبة الاستغناء عن ماني وصلاح في نافذة واحدة، وأمر كهذا في حد ذاته، يمكن اعتباره سلاحا ذا حدين بالنسبة لصلاح، إما سيواصل نثر سحره وإبداعه تحت قيادة كلوب للموسم السادس على التوالي، وبالتبعية، سيضاعف الضغوط والتكلفة على الإدارة، للإسراع في تلبية مطالبه المادية، لتفادي السيناريو الأسوأ في نهاية الموسم، وإما يتأثر مستواه داخل المستطيل الأخضر بانشغاله بمستقبله ومكان إقامته في المرحلة القادمة، وهذا سيتوقف على إرادة وعزيمة صاحب الـ30 عاما، خاصة بعد تعقد مهمته في الحفاظ على معدله التهديفي الجنوني، بعد الاستثمار في اللاتيني داروين نونييز، بحوالي 100 مليون جنيه إسترليني، ليكون القطعة النادرة للمشروع الجديد، بعد رحيل أسد التيرانغا، والاستعداد لسيناريو تأثر صلاح وفيرمينو بعامل التقدم في السن. ولا ننسى، أن رحيل ماني، لا يصب في مصلحة قائد المنتخب المصري، رغم الغيرة والأنانية بينهما داخل الملعب، وذلك للتقارب والتشابه الكبير في طريقة تفكير وأسلوب لعب الاثنين، غير أن دهاء ساديو وقدرته على الاحتفاظ بالكرة، يعطي فرص عظيمة لصلاح لاستكشاف ثغرات الخصوم، على عكس الوافد الجديد، الذي يلعب بطريقة مختلفة، كمهاجم صندوق، لا يهدر طاقته بعيدا عن مربع العمليات، ولا حتى في صناعة الفرص والأهداف للقادمين من الخلف، ما يعني أنه سينتظر مساعدة صلاح وليس العكس، كما كان الوضع في سنوات الخوالي برفقة فيرمينو وطيب الذكر ماني، وهناك بعض النقاد والمتابعين، يدعمون صحة هذه الرواية، من باب أن كلوب، سيقوم بتعديل أفكاره، كما يفعل بيب غوارديولا من موسم الى آخر، وهذه المرة، سيكون الرهان والتركيز الأكبر على المركز رقم 9، وليس على الأجنحة المهاجمة، في ما ستكون أشبه بالبروفة قبل أن يسلم صلاح وفيرمينو الراية لنونييز وديوغو جوتا ولويس دياز في المستقبل، فهل يرد على هذه الاشاعات ويحافظ على هوايته المفضلة بتحطيم الأرقام القياسية بالقميص الأحمر؟ أم يتأذى بخروج الصديق الغريم؟ دعونا ننتظر ونأمل بأن تسير الأمور كما يخطط لها.
محرز والبقية
على النقيض من التقارير التي كانت تحوم حول مستقبل رياض محرز مع مانشستر سيتي، اتفقت العديد من المصادر الصحافية نهاية الأسبوع الماضي، أنه في طريقه لتجديد عقده لموسم أو اثنين إضافيين للعام المتبقي في عقده الحالي، كمكافأة بعد أرقامه الفردية الاستثنائية، وتأثيره الكبير في احتفاظ الفريق بلقب البريميرليغ للموسم الثاني على التوالي، والثالث منذ قدومه من ليستر سيتي عام 2018. وفي كل الأحوال، أقر النجم الكبير، برغبته في البقاء حتى نهاية عقده، بصرف النظر عما سيحدث في مفاوضات التجديد، ما يعني أنه سيتعين عليه خوض تحدي صلاح الصعب، بالحفاظ على معدل أهدافه المتميز، بعد التوقيع مع جلاد الجلادين إيرلنغ براوت هالاند وشريكه المستقبلي ألفاريز، في ما سيضاعف الضغوط على صاحب الـ31 عاما، للحفاظ على مكانه في تشكيل بيب غوارديولا الأساسي، وتجنب صداع كثرة الجلوس على مقاعد البدلاء، خاصة في معارك سبت وأحد البريميرليغ. والآن وبعد حصوله على عطلة صيفية مثالية، والاستمتاع بوقته في مراكش، من المفترض أن يعود بطاقة إيجابية في معسكر الاستعداد للموسم الجديد، لتكون رسائل استباقية لجديته في قبول التحدي المزدوج، وعدم التفريط في مكانه في القوام الرئيسي والحفاظ على أرقامه في الثلث الأخير من الملعب.
ونفس الأمر ينطبق على المصري محمد النني، الذي يستجم الآن على شواطئ البحر الأحمر، هو أيضا نال ثقة مدرب آرسنال ميكيل آرتيتا، وكُتب له البقاء في قلعة «الإمارات» لموسم آخر، على أمل أن يرد الدين للمدرب الإسباني، ويعطي عصارة خبرته للاعبين الشباب في موسم البحث عن العودة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا. وأيضا حكيم زياش، يحتاج وقفة مع النفس، إما بالبقاء مع تشلسي وإيجاد طريقة ما لإقناع توماس توخيل بتثبيته في التشكيل الأساسي، وإما البحث عن تحد جديد في مكان آخر، ومثله الجزائري سعيد بن رحمة، الذي تطارده الاشاعات بخصوص مستقبله مع المطارق، لتذبذب مستواه بصورة تدعو للدهشة والاستغراب، بينما المفاجأة المنتظرة الموسم المقبل، فهو التونسي حنبعل المجبري، المحتمل أن يكون جزءا من مشروع المدرب الهولندي إيريك تين هاغ، المعروف عنه قدرته الخاصة على تطوير الجواهر الخام، بالطريقة التي صنع بها فريقين لأياكس أمستردام في سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة.
صفقة الصيف
قبل مساء الخميس الماضي، كان البعض يتحدث، أن صفقة ساديو ماني، هي الأهم والأعمق في الميركاتو، وآخرون كانوا يضعون إيرلنغ براوت هالاند في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، وبدرجة أقل صفقتي ريال مدريد تشواميني وأنطونيو روديغر ثم الصفقة الأغلى حتى الآن نونييز، لكن فجأة، أصبح العالم الافتراضي لا يتحدث سوى عن احتمالية انتقال الفضائي كريستيانو رونالدو إلى بايرن ميونيخ، كبديل محتمل للبولندي روبرت ليفاندوسكي، المصمم على الخروج، لتحقيق رغبته وحلمه الأخير في أعلى مستوى تنافسي في اللعبة، بارتداء قميص برشلونة في الموسمين القادمين، وهذا بناء على انفراد صحيفة «آس»، التي زعمت في نفس التقرير، أن صاروخ ماديرا، لا ينوي استكمال عقده مع مانشستر يونايتد، لعدم تقبله فكرة مشاهدة دوري أبطال أوروبا من المنزل، بعد فشل الشياطين الحمر في تأمين أحد المقاعد الإنكليزية الأربعة في الكأس ذات الأذنين، بينما مع العملاق البافاري، سيجد كل ما يبحث عنه، من تطابق الطموح والرغبة في الفوز ببطولته المفضلة، بجانب ممارسة هوايته المفضلة، بعدم التوقف عن تسجيل الأهداف، ليحافظ على مكانه على عرش هدافي اللعبة في كل العصور، ولنا أن نتخيل كم الأهداف التي سيخرج بها الدون من مباراتين أو ثلاثة على مستوى البوندسليغا كل شهر، بجانب حضوره الثابت في سهرات الثلاثاء والأربعاء. قطعا ستكون شراكة مثيرة لرونالدو وبايرن ميونيخ، لا سيما بعد حسم صفقة ساديو ماني بشكل رسمي، لإنهاء معاناة ناغلزمان مع هبوط وتذبذب مستوى كل الأجنحة بدون استثناء، أو كحل إستراتيجي في مركز المهاجم الكاذب لأي ظروف استثنائية، فهل تصدق هذه التقارير ويكون بايرن ميونيخ هو محطة كريستيانو التالية بعد عودته غير الموفقة لناديه السابق في البريميرليغ؟ الأيام وربما الساعات القليلة القادمة ستكشف مزيدا من التفاصيل.