لندن-“القدس العربي”: دخلت دولة الإمارات على خط القطاع الإعلامي في لبنان بصورة صامتة، حيث تسربت معلومات عن قيام أبو ظبي بتمويل “مشروع إعلامي مهم” داخل لبنان، وذلك بالتزامن مع الأزمة السياسية المتصاعدة منذ سنوات في البلاد والاحتجاجات ضد الحكومة والحراك الذي وصل ذروته في أعقاب الانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ بيروت وأدى إلى مقتل وإصابة المئات إضافة إلى إحداث دمار هائل أشبه بالزلزال.
وتأتي المعلومات عن اهتمام إماراتي بالإعلام في لبنان بالتزامن مع إطلاق جريدة “النهار” موقعاً الكترونياً موجهاً للجمهور العربي تحت اسم “النهار العربي” وهو الموقع الذي رآى النور في الرابع من آب/أغسطس الحالي بالتزامن مع احتفال الصحيفة بمرور 88 عاماً على تأسيسها.
وقال مصدر صحافي في بيروت إنه “يسود الاعتقاد على نطاق واسع في الوسط الإعلامي اللبناني بأن موقع النهار العربي ممول من أبو ظبي” مشيراً إلى أن “دولة الإمارات ما زالت تشعر بعدم نجاح مشاريعها الإعلامية الموجهة للعالم العربي والتي تهدف لتحسين سمعتها، خاصة قناة سكاي نيوز عربية التي تنفق عليها أبو ظبي ملايين الدولارات سنوياً”.
ولفت الإعلامي اللبناني إلى أنَّ موقع “النهار العربي” تبنى سياسة مؤيدة لدولة الإمارات وسياساتها في المنطقة منذ إطلاقه بداية الشهر الحالي، وإن كان يختلف في تناوله عن القنوات والصحف والمواقع المعروفة بأنها تابعة لدولة الإمارات”.
ويأتي إطلاق الموقع الجديد بالتزامن مع موجة تسريحات شهدتها كافة القنوات والصحف والمواقع التابعة لأبو ظبي، حيث استغنت قناة “سكاي نيوز عربية” عن عدد من العاملين فيها، بالتزامن مع تسريح العشرات من تلفزيون أبوظبي وجريدة الاتحاد ومجموعة الإذاعات المحلية المملوكة لحكومة أبو ظبي.
وتساءل تقرير لجريدة “الأخبار” اللبنانية عن سر ظهور الموقع الجديد الذي يحمل اسم “النهار العربي” في الوقت العصيب الذي يمر به الإعلام اللبناني وفي ظل الأزمة المالية التي تعصف بالجميع، في اشارة غير مباشرة إلى أن جريدة “النهار” ربما تكون قد تلقت تمويلاً خارجياً مستقلاً لاطلاق موقعها الجديد والمستقل.
وقالت الأخبار: “هذه الولادة ترافقها في الوسط الإعلامي اللبناني تساؤلات عن الدور والموقع في ظل التغييرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية. والإعلام اللبناني يشهد حالياً، كما هو معروف، أزمة حادة لم يسبق لها مثيل، تهدد وجوده من الأساس، ما أجبر عدداً غير قليل من وسائل الإعلام على دفع نصف راتب للموظفين”.
ومن المعروف أن جريدة “النهار” كانت من أوائل وسائل الإعلام التي عانت من مشاكل مالية، واضطرت سابقاً إلى الاستغناء عن عشرات الموظفين، كذلك عاشت الصحيفة أزمة صعبة قبل أكثر من ثلاث سنوات، حيث لم يتقاضَ الموظفون حينها أية رواتب على مدار عام كامل تقريباً.
وكتبت رئيسة تحرير “النهار العربي” نايلة تويني في أول افتتاحية لها يوم الرابع من آب/أغسطس الحالي: “إن المولود الجديد ليس تجربة جديدة، فقد سبقه (النهار العربي والدولي) بأعوام قبل أن يتوقّف عن الصدور”.
وأكدت تويني أن “النهار العربي” ستعمل على إعادة ربط لبنان بمحيطه العربي، ورفض إلحاقه بمحاور تسيء إلى تاريخه ومستقبله، وتلغي دوره كمُلتقى حضاري وثقافي وأرضا للتفاعل الإنساني.
وكانت جريدة “النهار” اللبنانية قد تأسست في الرابع من آب/أغسطس 1933 وما زالت تصدر منذ ذلك التاريخ، إلا أن الصحافة في لبنان تعاني حالياً من أزمات مالية حادة اضطرت العديد من الصحف إلى التوقف عن الصدور بشكل كامل، كما اضطرت “النهار” ذاتها في وقت سابق إلى تسريح موظفين وخفض نفقات والبدء بالتوجه نحو خدمات الكترونية مدفوعة على موقعها الالكتروني لتمويل أعمالها.
يشهد التاريخ ان جريدة النهار حتى في عز الحرب اللبنانية حرة سيدة ومستقلة ولم تكن ممولة من اي راسمال اجنبي ونتمنى ان تبقى كذلك