هل ستبقى اسرائيل؟

حجم الخط
1

القصيدة التالية انشدت في يوم الذكرى هذا الاسبوع مثلما في كل سنة: ‘انت لم ترغب في أن تكون هناك ابدا ماذا في ذلك، أحد لم يسأل … عندما تكبر ويكون لك ولد ويسألك ماذا سيكون الحال عندما أكبر، عندها ستقول له دعك، لا تسأل’.
هذه الكلمات الجميلة بقلم يعقوب جلعاد (من تلحين يهودا بوليكر) معروفة على كل لسان ولكن القلب يرفض ان ينم للسان عن كامل معناها. ‘لا تسأل’، من الافضل الا تسأل كي لا تعرف: كيف سقط الابطال في الحروب، على ماذا ولماذا، وأي حياة ينبغي للموت أن يوصي بها. ولكن الواقع السيء بالذات يغير احيانا الامور الى الخير. فالمزيد المزيد من الناس ممن اصابهم الثكل يبدأون اخيرا بالسؤال. ووصفت سيما كدمون الذكرى لطيار الفانتوم، النقيب يغئال ستاف، في الذكرى الاربعين لسقوطه. شقيقته، نوريت، سألت رفاقه: ‘بودي أن أعرف، هل كان موت يغئال عبثا’.
‘كان هذا سؤالا، ولكنه لم يقصد تلقي الجواب’، كتبت كدمون. وحقا، لا حاجة الى الاجابة، لان الاجابة هي في السؤال، الذي يخترق الحواجز ليعطي مفعولا لـ 23.169. لم يسقطوا جميعهم في حروب كان لا مفر منها، في الدفاع عن الوطن. لولم نسكت ويفرض علينا السكوت عندما بدأوا باطلاق النار. لو لم نتخلى عن الاسئلة التي اردنا أن نسألها مسبقا ما كانت لتكون ارواح كثيرة بهذا القدر تذكر في سلسلة الخطابات والاعلام. هكذا علمونا منذ البداية ان نسكت، الا نسأل أسئلة أليمة جدا؛ هكذا روضونا على الطاعة دون أن نقول. أيتها الامات وأيها الآباء الاعزاء: خذوا قدوة من أب الامة الذي أُمر بان يأخذ ابنه ويذبحه. فهل سأل اسئلة زائدة؟ ‘هذا أنا’، قال على الفور وسارع الى المذبح دون التشكيك في الأمر ووضع اسحق عليه وتناول السكين ورفع يده.
لم يكن هناك اي تعبير من المعارضة ـ إنس ذلك، أيها الرب؛ ولا حتى التساؤل على الاقل ـ ربما ربما لماذا. وهذا السلوك المخجل يواصلون عرضه كمثال على التفاني من جيل الى جيل. المصيبة هي انه لم يعد هناك ما يكفي من الاكباش كبدائل عن الضحية، وحتى العجول الطرية للمنقل في يوم الاستقلال نجدنا ملزمين بان نستوردها من استراليا. وهكذا، بطأطأة رأس تتواصل سلسلة القربان، إذ هكذا أمر الرب ابراهيم، وهكذا أمر ابراهيم ابناءه وأحفاده ـ سيروا في اعقابي الى جبل موريا. يا ربي، لو كان بوسعنا ان نتيتم منك تماما، وكذا من ابراهيمك وابراهيمنا. آباء، زعماء ورب أقمنا وهم يجرمون بنا. ومن الرجل الذي يلعب الان دور الرب. ‘هل موته كان عبثا’، تسأل الشقيقة، والاب الثاكل يرد كمن لا يعرف كيف يسأل: ‘طالما كانت لنا دولة، يمكننا أن نتذكر وان ننقل التراث’، هكذا قرأنا هذا الاسبوع في الصحيفة. وهو ليس وحده: من منكم لم يسمع في السنوات الاخيرة افظع الاسئلة ‘ماذا تعتقد، هل اسرائيل ستبقى؟’ وأنتم ايضا سألتم بهمس، والجواب في جسد السؤال.
لطلابي اشرح في أني أهتم بأسئلتهم أكثر مما بأجوبتهم. إعرف ما تسأله أهم من أن تعرف ما تجيب. أسئلتهم بالذات هي اختبارهم. وهي التي تمنحهم العلامة. وللسؤال الممتاز ليس للمحاضر جواب، ربما لا يجرؤ على اعطائه لتلاميذه ولنفسه.
أسئلة وجودية حقا لم تُسأل هنا من قبل. وحتى الاكاذيب كانت مسلمات. لاول مرة، بعد أربعة عقود، تقف اسرائيل في عريها وليس مثلما في يوم مولدها؛ بدون ورقة تين، ولا حتى بورقة زيتون. من كل ‘مسيرة السلام’ و ‘اي يهودي لا يريد السلام’، بقيت خطابات شمعون بيرس، وقريبا سنبقى حتى بدونها. فقط أنا وأنت والحرب القادمة.
سلام سلام ولا حلم. وعندما لا يكون الحلم، فاننا وحدنا، وجها لوجه أمام واقع الحياة والموت. والاسئلة تثور من تلقاء ذاتها، بعد أن أنجبنا أولاد شتاء 73 وغيره من الشتاء. هل سنكون أم حلمنا حلما؛ هذا هو السؤال.

هآرتس9/5/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. حسين السلع - فيلدلفيا:

    يظهر أن يوسي سريد مع صهيونيته بدأ يفتح عينيه على الواقع المؤلم: حل ستبقى اسرائيل في الوجود أم هل ستزول كما زال كل العابرون من على ارض
    فلسطين؟
    نصيحتي لك يا يوسي سريد أن تخير طلابك بأن يستعدوا للعودة الى بلادهم التي أتوا هم أو اباؤهم منها فقد قرب الوعد الحق: وعد الله رب ابراهينم واسحق كما تتدعي ولكنه وعد ابراهيم واسماعيل كما قال ربنا الله. فاذا جاء وعد الاخرة ليسؤوا وجوهكم ويدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا: هكذا قال الله بأن اسرائيل زائلة لا محالة استعدوا لهذا الخطب الجلل يا يوسي مع تحياتنا وسنرفع لكم قبعاتنا عندما تغادرون ارضنا ان بقي منكم أحد هذا وعد الله ولا سبيل الى تغييره

إشترك في قائمتنا البريدية