هل ستسلم إسبانيا مراقبة المجال الجوي الصحراوي إلى المغرب؟

الطاهر الطويل
حجم الخط
0

الرباط ـ “القدس العربي”:

تتحدث مصادر في الرباط ومدريد هذه الأيام عن كون إسبانيا سوف تسلّم مراقبة المجال الجوي للصحراء الغربية إلى المغرب، تنفيذا لاتفاق أبرمه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز مع العاهل المغربي محمد السادس، يشمل إعادة فتح جمارك مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وذكرت المصادر نفسها أنه في إطار علاقات سانشيز الجديدة مع المغرب، كشف قصر “مونكلوا” منذ بضعة أشهر بأنه بدأ بالفعل مفاوضات مع الرباط لنقل إدارة المجال الجوي للصحراء الذي تجري مراقبته انطلاقا من جزر “لاس بالماس”، وكذا التنسيق بين الطرفين بهدف الحصول على قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون الفني.

وأكدت صحف إسبانية ومغربية أن سانشيز سوف يقدم على هذه الخطوة، باعتبارها الشرط الذي وضعه المغرب لإعادة فتح جمارك سبتة ومليلية المغلقة منذ سنة 2018. مدريد تقول إن كل شيء جاهز، والرباط من جهتها تعرب عن التزامها بإعادة فتح المراكز الجمركية قريبا بعد تجاوز بعض المشكلات التقنية، إذ لا توجد بأي حال من الأحوال عقبات سياسية أو قانونية.

غير أن معارضين إسبانا يبدون تحفظهم من قرار قصر “مونكلوا”، ويعتبرونه “مخالفا للقانون الدولي”، مبررهم في ذلك أن إسبانيا تعد سلطة إدارية، وليست مالكة للمجال الجوي الصحراوي، كما كتبت صحيفة “إل كونفدنشيال”؛ مشيرة إلى أن المجال المذكور يُدار انطلاقا من جزر “لاس بالماس”، على النحو الذي حددته منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة، منذ ما يقرب من نصف قرن. وتتم الإدارة من قبل شركة إسبانية بحكم أن الصحراء الغربية كانت خاضعة للاستعمار الإسباني إلى حدود سنة 1975، قبل أن تؤول إلى السيادة المغربية بعد حدث “المسيرة الخضراء”.

ومع ذلك، تلاحظ الصحيفة الإسبانية المذكورة، ظلّ المغرب يستخدم هذا الفضاء الجوي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك استعمال طائرات بدون طيار (درون) لأغراض عسكرية.

وتشكل إدارة المجال الجوي الصحراوي جزءا من مطالب المغرب. وفي آذار/ مارس 2022، تبنت الحكومة الإسبانية موقفا جديدا بشأن الصحراء الغربية، مؤكدة مساندتها للاقتراح المغربي لحل النزاع. وفي نيسان/ أبريل 2022، التقى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في الرباط العاهل المغربي محمد السادس، حيث بحثا المسار الجديد للعلاقات بين البلدين، وجرى الاتفاق على بيان مشترك تعترف فيه إسبانيا بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء هي الأساس الأكثر جدية والسبيل الأكثر واقعية ومصداقية لحل هذا النزاع. كما ورد في النقطة السابعة من هذا البيان ما يلي: “ستبدأ المفاوضات بشأن إدارة المجال الجوي”.

وفي أعقاب البيان المشترك، وُجّهت أسئلة في برلمان مدريد وكذا من لدن نواب الحزب الشعبي في لاس بالماس، إلى الحكومة الإسبانية، لتوضيح ما إذا كانت هذه الأخيرة تفكر في نقل إدارة المجال الجوي الصحراوي إلى السلطات المغربية، فكانت تكتفي بالإشارة إلى النقطة السابعة من البيان المشترك، والتي تقتصر على القول بأن «المحادثات» ستبدأ في الموضوع.

أما مؤيدو القرار فيعتبرون أنه يمثل خطوة براغماتية تهدف إلى تحسين العلاقات مع المغرب، وهو شريك استراتيجي لإسبانيا في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. كما يعتقدون أن القرار سيعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين، ويفتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات الإسبانية في المغرب.

وفي شباط/ فبراير الماضي، تجدد اللقاء بين العاهل المغربي ورئيس الحكومة الإسبانية في الرباط، حيث أكد هذا الأخير على موقف بلاده بشأن نزاع الصحراء، في إطار استمرار الدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين. وبحسب مصدر مغربي، فقد جرى التداول خلال اللقاء نفسه، في مسألتي إدارة المجال الجوي الصحراوي والجمارك التجارية في سبتة ومليلية، علما بأن الصيغة التي يتم التفاوض بشأنها حاليا هي أن يتم الإعلان عن تسليم المجال الجوي للصحراء إلى المغرب بالتزامن مع إعلان افتتاح الجمارك التجارية في مدينتي سبتة ومليلية.

وأفادت صحيفة “الأحداث المغربية” التي أكدت الخبر، أن المغرب سيعمل على تقسيم مجاله الجوي إلى منطقتين شمالية وجنوبية، حيث سيحتفظ مركز المراقبة الجوية في الدار البيضاء بالمناطق التابعة للسيادة الجوية المغربية حاليا، والتي سيطلق عليها اسم المجال الجوي لشمال المملكة، بينما سيتكلف مركز أغادير بمراقبة المجال الجوي لجنوب المملكة، وذلك فور تسلم إدارته من إسبانيا.

أما جبهة “البوليساريو”، الطرف الثاني في نزاع الصحراء، فقد عبّرت عن رفضها القاطع لتسليم السلطات الإسبانية المجال الجوي الصحراوي إلى المغرب، وهددت باللجوء إلى القضاء الدولي والأوروبي، بما في ذلك محكمة العدل الأوروبية، في حال أقدمت الحكومة المركزية لمدريد على تسليم إدارة هذا المجال إلى الرباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية