على عكس كل أمم الأرض تقريباً، يقف العرب حتى الآن منفردين في أن ليس لديهم رأي عام أو مجتمع مدني، فقلما ترى أو تسمع وسائل الإعلام العربية أو الغربية تتحدث عن الرأي العام العربي. لكن عبقرية إعلامنا قد تفتقت عن استنباط مصطلح فريد لوصف الموقف العام وهو مصطلح ‘الشارع العربي’، وهو تعبير غائم عائم فضفاض غير قابل للتعريف، وقد يكون حكراً على العرب، دون غيرهم من دول العالم.
هل سمعتم الإعلام الأمريكي يتحدث عن الشارع الأمريكي مثلا؟ هل هناك شارع بريطاني أو فرنسي أو ألماني أو حتى أفريقي؟ بالطبع لا، بل لديهم رأي عام أو اتجاهات معينة، ناهيك عن المجتمع المدني الفاعل والمنظم الذي يشكل قوة موازية لقوة الدولة، فكلمة شارع في الغرب تعني الشارع لا أكثر ولا أقل، أما عندنا فالشارع هو بقدرة قادر عموم الناس كتلة واحدة.
لا أدري لماذا يقبل المواطن العربي أن يربطوه بالشارع، ربما تقصدوا ذلك، فالشارع هو المكان الذي يلجأ إليه الإنسان عندما يفقد منزله لسبب أو لآخر، وهو بالتالي الملاذ الأمثل للمتسكعين والمشردين العاطلين الباطلين، أو ربما أرادوا أن يمعنوا في الحط من قيمة الإنسان العربي فأقاموا تلك العلاقة بينه وبين الشارع، ناهيك عن أن كلمة الشارع في اللغة العربية قد تبدو كلمة رديئة. ألا يصفون البذيئين والساقطين والمارقين في لغتنا بأولاد الشوارع؟ تلك كانت وما زالت نظرة الأنظمة العربية الحاكمة للشعوب! فالمعاملة التي تتلقاها الشعوب العربية توحي بأنها في منزلة أبناء الشوارع بالنسبة للحكومات.
ولا تختلف نظرة الإعلام الغربي لما يُسمى بالشارع العربي عن نظرة القادة العرب له، فمصطلح الشارع العربي مصطلح مهين حين تستخدمه وسائل الإعلام الغربية لأنه يختصر الرأي العام العربي بتعبير يُراد به التشديد على غوغائية العقل العربي وجنونه، كما يرى البعض. فالشارع، كما أسلفت، مرتع الرعاع والغوغاء. وللسخرية، أنني وجدت في معجم ‘كولينز’ الإنكليزي مصطلحاً يربط بين الإنسان العربي والشارع بطريقة مهينة، والمصطلح هو street Arab، أي الطفل المشرد الذي تضطره الظروف للخروج إلى الشوارع ليعيش على التسول والسرقة.
إذاً فإن رأي الإنسان العربي في معظم البلدان العربية كان وما يزال ليس ذا أهمية أبدا كي يؤخذ بالحسبان، فهو ليس مشاركاً أبداً لا من بعيد ولا من قريب في العملية السياسية كي يكون له وزن أو رأي، فكيف يكون له وجهة نظر في أمر معين وهو منبوذ ومعزول ويعيش غربة سياسية حقيقة في كل بلد تقريبا؟ فإذا أردت أن يكون لك رأي، فلا بد من أن تكون مساهماً في اللعبة السياسية وليس مجرد صفر على الشمال.
في الغرب هناك أهمية للرأي العام لأن الشعوب هي التي تختار حكوماتها في انتخابات حرة ونزيهة، لهذا يأخذ الحكام برأي الشعوب، ويقيسونه، ويعتمدون عليه في وضع سياساتهم واتخاذ قراراتهم في بعض الأحيان على الأقل. أما عندنا فالعملية الانتخابية الحقيقة ما زالت حلماً بعيد المنال حتى بعد الربيع العربي. وحتى لو حصلت، فما اسهل الانقلاب عليها بخفة عجيبة، لأن الشعوب حتى الآن ما زالت غير مدركة لأهمية صوتها وضرورة الدفاع عنه بالنواجذ.
ربما لهذا السبب تتجنب وسائل الإعلام العربية الحديث عن الرأي العام العربي، لأنه لا وجود له في واقع الأمر، فهي وسائل أمينة على الأقل في هذا الصدد، فمتى كان للمواطن العربي رأي أصلا حتى في أبسط مناحي حياته، فهو كما هو معلوم للجميع، منزوع الإرادة. وحتى لو كان عنده رأي فلا أحد يأخذ به هذا إذا سمحوا له أصلا بالتعبير عن رأيه، فالتعبير عن الرأي في بلاد العرب كما شاهدنا قد يؤدي أحيانا إلى العالم الآخر. لا عجب إذاً ألا يكون لدينا ثقافة الاستطلاعات الميدانية. وهذا ناتج عن أنه ليس لدينا ثقافة الديموقراطية، فسبر الآراء ومعرفة الاتجاهات من عناصر ومقومات الديموقراطية.
ما قيمة الرأي العام بعد كل هذا؟ وما قيمة الناس؟ فطالما أن حياتنا السياسية تدار بهذا الطريقة القميئة جداً، فلا يمكن أن تنتشر عندنا ثقافة الاستطلاعات وسبر الآراء والرأي العام.
ثم أين المجتمع المدني الذي من حقه أن يشارك في الحياة السياسية من خلال هيئاته الخاصة بما يتيح له إجراء انتخابات واقتراعات خاصة بأعضائه؟ أين التجمعات والفعاليات والنقابات والاتحادات الشعبية والأهلية الحقيقية،وليس تلك المؤممة لصالح الدولة وأنظمة الحكم؟ فطالما أن الاقتراع المدني الحقيقي غائب وممنوع أيضا فلا يمكن أن نتحدث عن رأي عام أو عن ثقافة قياس الآراء المختلفة.
صحيح أن بعض الشعوب العربية قد تحررت من الخوف وفرضت بعضاً من رأيها عبر ثوراتها، لا بل استغلت مفهوم ‘الشارع’ إيجابياً لأول مرة في حياتها المعاصرة، لكن هل هي قادرة على أن تتحول من ‘أولاد شارع’ إلى رأي عام حقيقي او الى المواطنة بمفهومها الحديث؟
حتى الآن، لا تبدو الأمور مبشرة كثيراً، بدليل أن شعوب بلدان الربيع العربي التي من المفترض أنها تحررت من الطغيان، لا تتضامن مع بعضها البعض، وليست لديها حتى القدرة أو العزيمة لتنظيم تظاهرات شعبية، كي لا نقول رأياً عاماً يناصر بقية الشعوب التي تنازع للتخلص من الطغيان كالشعب السوري مثلاً!
هل شاهدتم مظاهرة عربية واحدة في بلدان الثورات تندد باستهداف أطفال سورية بالسلاح الكيماوي مثلاً؟ بالطبع لا! لكننا، ومن مهازل هذا الزمان، شاهدنا مظاهرات في تل أبيب تشجب استخدام الأسلحة المحرمة دولياً بحق الشعب السوري!!
إن موقف ما يسمى بالشارع العربي من محنة الشعب السوري تجعلنا نعتقد أننا كعرب ما زلنا ‘أولاد شوارع’، وربما سنبقى لفترة طويلة.
‘ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
لا ثقة فيك حقيقتك ستظهر يوما يا دكتور
تحية حارة للاخ فيصل القاسم على مقاله اللرائع كما عودنا ولكن هذا المقال لايعجب الشبيحة والنبيحة الذين يريدوا ان يقنعونا بان هناك جبهة مقاومة وهي بالاحرى هلال شيعي ياكل الاخضر واليابس.
تبا لهكذا مقاومة وتبا للطغاة وتبا لكل من اساء الى سوريا من قريب او بعد
الشعب السوري لايريد لا متطرفيين ولا نظام مجرم ينظر لشعبه على انه عدوه الاول فيجرب عليه كل مالديه من اسلحة وهو يعلم جيدا لو اطلق رصاصة واحدة على العدو الصهيوني لتم القضاء عليه خلال ساعات انه جبان
الأ خ بالحسانية لا بالفصحي فيصل أبناء الشوارع في مفهومي الشخصي تعني من لم يتربوا جيدا أقصد علي الاخلاق والصدق والأمان والوفاء وكل ما هو نبيل هذه اصفات متوفر عند خصومك الذين تناصبهم العداء وتلعنهم في كل مساء حماة الديار ابناء ناس اتربوا أكويس فهم أبناء ضمائر ففتش عن أبناء الشوارع ستجدهم أكيد في مكان ما بداخل قلعة العروبة من معيتك كما هم أكيد في مكان عنك ليس ببعيد
هذه مرحلة الاتداد التي يعيشها العرب ..اقرأعن المسيحيين كيف كانوا في مرحلة الارتداد حتى توحدوا تحت راية واحدة ..الحل هو العودة الى مرجعية واحدة فقط
بسبب غياب الاحزاب العربيه الرائده
ولآن الحكام العرب لم يتركوا للمواطن العربي مكانأ ينشط فيه ولم يسمح له أن يلتقط أنفاسه فهو على الدوام يجري خلف رغيف الخبز وليس لديه الوقت ليفكر سياسه او اجتماع .الى أن سمحت له الثورات العربيه الاخيره بأن يعبر عن صوته بالاحتجاج والثوره على الحاكم بغض النظر عن هذه الثورات إن هي مدبره أوغير مدبره .
في الشارع يلتقي الجميع عندما يغضب يلتقي العامل والطالب والاستاذ والمحامي والحاجب والنقابات الخ ..المهم المواطن العربي لجأ الى الشارع ليسترد بعض من حقوقه التى سلبتها منه السلطه ولا زال يعمل على استردادها فالتغيير لا يتحقق بين ليلة وضحاها .طبعاً حدث هرج ومرج بين المحتجين والثوار وستبقى هكذا الامور إلى أن تستيقظ الاحزاب العربيه من سباتها وتستعيد مكانتها في الرياده وتأخذ بيد المواطن العادي لترشده الى طريق الخلاص .فلننتظر سنه او سنتين ايضا لربما تستيقظ الاحزاب من سباتها العميق وتلحق بهذا الشعب الثائر الذي سبق احزابه في الثوره بأشواط كبيره .
تحياتي للدكتور فيصل
أرجو ان تقبل مساهمتي المتواضعة.
ظهر مصطلح الشارع العربي لأول مره في الصحف اللبنانية في الخمسينات من القرن الماضي. بدون كلمه العربي. اي “الشارع” ليعبر عن الرأي العام العربي مقارنه مع رأي الأنظمة والحكام وللتقليل وتحقير رأي العامة خاصه الطبقة الاقتصاديه المنهكة
يستخدم هذا المصطلح في الاعلام الغربي والأمريكي خاصه.
بعد ذلك بدأت الصحف الامريكيه مثل نيويوك تايمز بإستعمال المصطلح ومن ثم عاد المصطلح الى الاعلام العربي.
في الستينات عندما كان جمال عبد الناصر في قمه شعبيته في العالم العربي بدأت الصحافة العربيه”القومية” تستخدم المصطلح بإفراط لتعظيم عبدالناصر.
عاد الاعلام الامريكي لاستعمال ال Arab Street بعد الانتفاظه الفلسطينية الاولى عام1987.الاسعمال في اللغة الانجليزية ليس إيجابيا بالضروره كما ذكر الكاتب. عاد الاعلام العربي بإستعماله مجددا لكن بسياق اكثر إيجابيه ليعبر عن شعور الجماهير.
في الولايات المتحده يستخدم المصطلح بإحات سلبيه على ان العرب شعب فوضوي وميال للعنف. ولذا يستحق أن يحكمه ديكتاتوريون. وهذا هو “الفكر الاستشراقي العنصري” الذي عهدناه.
صناع القرار في الغرب طالما قزموا رأي الشارع العربي أو خافوا من اثاره إذا أعطي الفرصة للإدلاء برأيه.رده الفعل الغربي على ما يحدث الان من الثورات العربيه”الربيع” ما هو إلا دليل على ذللك بل أكثر من ذلك فإن ردود الفعل الغربية إزاء ما يحدث في مصر بعد الانقلاب الدموي لهو اكبر دليل على ذلك.
استاذ فيصل،
الشوارع هي التي وحدت العرب ضد الاستعمار و ضد الانظمة القمعية. ألم يجمع الشارع الاسلاميين و الليبراليين و اليسار بصف واحد للتخلص من انظمتنا المتهالكة؟
لجأ المجهمع العربي للشارع لعدم امتلاكه قنوات مؤسساتية يمكن ان تحدث تغيير في نظام الحكم. لانتسى ان الانتفاضة الفلسطينية لم تستمر الا بفضل الشارع. الم تكن الانتفاضة الفلسطينية مثال للشعوب العربية في ثوراتهم اللتي تسمى الآن بالربيع العربي؟! الم يكن الشارع المكان الوحيد للتنديد بالغزو الامريكي للعراق و الحرب التي شُنت على لبنان؟
موشى ديان قال عن الشعوب العربية لا تقراء وان قراءت لا تفهم وان فهمت تتأمر مع الاعداء فعندما نشاهد ردود التعلقياقات على مقال فيصل القاسم يظنون انه مع الثوارات التي تنشر العدل بينها ومستقلة سياسيآ وعسكرية عن الامريكان ويتعامون انه يعمل من محطة مجهزة بكل انواع الاحهزة المتطورة واخر صرعة من الديكورات وهي بجانب القاعدة الامريكية في قطر الا لمصلحة الشعوب العربية هاهاهاها انظروا الى اخر جملة في مقاله بأن الاسرائيلين يخرجوا تأيدآ للثورة في سوريا والتي في الحقيقة مؤامرة قامت بها المخابرات الاسرائيلية ,
الحقيقة تؤلم و قد آلمتك الحقيقة اللتي نطق بها الدكتور فيصل و الناس لا يطلقون اتهاماتهم قبل التأكد منها و من مصدرها .
إن المدينة بمعناها المعاصر عبارة عن مجتمع سياسي يدير أعضاؤه شؤونهم بأنفسهم . والسياسة هي فن تدبير المدينة والتدبير بالمعنى الاصطلاحي للكلمة يتلازم مع الحكمة ومجمل الازمات تنتج عن فشل التدبير الذي تم بدون حكمة والحكمة تبدأ بالاعتراف بان الوصول الى الراي السديد لا يمكن بدون مناقشة حرة ولا بدون تدبير يساهم فيه جميع المواطنين. واذا كان المعنى الحقيقي للمواطنين لا يتحدد بإنتمائهم الى وطن بل بكونهم يتمتعون بحق المشاركة السياسية اي حق تدبير شؤون المدينة اي أنهم يتكلمون ويناقشون القضايا العامة فإن المواطنة الحقة تعني المشاركة الفعلية بالحكم . ومناقشة القضايا التي تخص أهل المدينة تستوجب مناخ ديمقراطي تكون فيه الحجة للبرهان والمنطق والاقناع عبر الحوار والوسائل التعبيرية المستندة الى قوة العقل لأنه متى عجزت قوة العقل عن رد الحجة بالحجة يتم اللجوء الى قوة العنف وتموت السياسة ومتى ماتت السياسة لم يعد للمدينة أي معنى . المشكلة يا دكتور فيصل انه لا يوجد عندنا مدينة بالمعنى الحقيقي للمدينة ولا يوجد مواطنين ولا يوجد بالتالي رأي عام . نحن مجرد ناس ينتمون الى اديان وطوائف ومذاهب وعشائر وافخاذ وبطون هذا هو الانتماء الذي نقدسه ونعتنقه .