من يصدق أن أيام الاحتلال باتت معدودة، وأن ساعة جلاء إسبانيا عن الثغور المغربية المحتلة اقتربت؟ ربما قليلون هم من يعتقدون ذلك، لكن هل بالأمنيات أو بالشكاوى واللوائح سيتحقق الأمر؟ لحسن حظ المغاربة أنهم لم يعولوا على شيء من ذلك، وأن كل ما فعلوه أنهم قاموا، وعلى قدر استطاعتهم، ببعض الخطوات القليلة نحو الهدف المطلوب. غير أن الأنظار تصوب الآن شرق المتوسط.
فعندما يرى كثيرون حجم الأساطيل العسكرية والمناورات البحرية والجوية، التي تجري في مياهه، وتصاعد احتمالات وقوع احتكاكات، أو مواجهات، على خلفية النزاع على السيادة على النفط والغاز فيه، يجدون المبرر القوي لاهتمامهم، لكنهم عندما ينظرون بالمقابل إلى الناحية الغربية من ذلك البحر، وتحديدا إلى نقاط التماس المغربية الإسبانية، فإن اقصى ما قد يقوله البعض منهم، إنه سيختصر المشهد في كلمتين اثنتين هما السكون والركود، إذ لا شيء يدل على أن الوضع القائم هناك منذ قرون قد تغير، أو على أنه سيكون من الممكن أن يحدث صدام، أو مواجهة، أو ربما حرب في الأفق القريب بين الجارتين الشمالية والجنوبية.
كما أن لا شيء يوحي أيضا بأن ميزان القوى الثنائي، أو الإقليمي قد انقلب بشكل قد يؤدي إلى تحقيق اختراق حاسم في ملف لايزال شبه غائب حتى الآن عن طاولة النقاش والتفاوض، وهو ملف الثغور المغربية المحتلة. ومع ذلك فإن المياه التي تبدو راكدة باتت تجري الآن، ولو بشكل بطيء وتدريجي، فالمغرب الذي بادر قبل فترة لأخذ بعض القرارات، ضمن سلسلة الإجراءات التي أعلنها للتصدي لانتشار وباء كورونا في أرضه، صار يرى الآن وبوضوح كيف انعكس البعض منها على ذلك الملف بالذات، والأثر المؤلم الذي تركته على الجانب الآخر من حدوده، وما يمكن أن تسببه في حال ما اذا استمرت لوقت آخر. ولعله قد يبني وفقا لذلك ما يمكن أن يكون استراتيجية جديدة أو منطلقا جديدا لحملة تحريرية طويلة النفس، تعتمد على إنهاك الخصم بشكل متواصل، وتضييق الخيارات أمامه. ومع أن أجيالا عديدة عاشت على تلك المقولة الخالدة «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، إلا أن المغاربة الذين أخفقوا في فترات مختلفة من تاريخهم في طرد الاحتلال الإسباني من تلك المواقع بالوسائل العسكرية، ربما باتوا يفضلون الآن طريقا آخر، وهو طريق الضغط بوسائل غير تقليدية يرونها قادرة على أن تدفع المحتل، عاجلا أم آجلا، إلى التسليم بشرعية مطالبهم. وربما يبدو الأمر غريبا أو مفاجئا، فقد كان جل تركيز الرباط، على مدى العقود الأخيرة، على ملف الصحراء، ولم يغب عنها بالطبع أن طرفا مهما من خيوط ذلك الملف يوجد في مدريد، ما جعلها تفضل لأجل ذلك الاعتبار، ولاعتبارات أخرى غيره، أن يؤجل أي حديث عن الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية وغيرها من الثغور المسلوبة، إلى ما بعد التوصل إلى حل نهائي للمسألة الصحراوية. فما الذي تغير إذن وجعلها تنظر الآن شمالا، في وقت يبدي فيه الإسبان مرونة وتفهما، وربما حتى تأييدا أقوى مما كان للموقف المغربي من الصحراء؟
هل يرغب المغاربة بالتلويح فقط بنوع من التهديد المزيف، بأنهم قادرون على فتح جبهتين في وقت واحد؟ أم أنهم يسعون بالفعل إلى خلط الأوراق، ويرغبون باستغلال الظرف للمناورة، والالتفاف على الضغوط القوية التي تمارس عليهم منذ شهور، للقبول بصفقة ما يستعيدون بمقتضاها الصحراء، مقابل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وغلق ملف الثغور الشمالية المحتلة بشكل نهائي؟ سيختلف الكثيرون هنا في تقييم أولى الخطوات التي أخذتها الرباط أواخر العام الماضي، وقبل تفجّر أزمة كورونا، وهي غلق معبر سبتة أمام آلاف المغاربة الذين يمتهنون ما يطلق عليه الإعلام الرسمي «التهريب المعيشي» أي التجارة غير القانونية بين البلدة المحتلة وباقي التراب المغربي، فالبعض سينظر لذلك على أنه مجرد إجراء أو ترتيب داخلي محدود لاعلاقة له بأي خطط، أو تصورات للعلاقة المقبلة بين الجارتين، فيما يمكن أن يراه آخرون، وعلى العكس، اشارة خارجية قوية للجارة الإسبانية، بأن المغرب لم يعد يقبل بالقواعد القديمة للعبة، أي باعتماد جزء من سكانه على مداخيل التهريب المقبلة من جزء محتل من ترابه. غير أن توسع الإغلاق في وقت لاحق بعد تفشي جائحة كورونا، واستمراره ليطال كل المنافذ البرية، بما فيها منفذ بلدة مليلية المحتلة، أعطى الدليل على أنه لا وجود لطرف واحد خاسر من تلك العملية، وأن الإسبان في البلدتين المحتلين باتوا يعانون بدورهم، وربما حتى أكثر من جيرانهم المغاربة، من تداعيات القرار، وصاروا يشعرون بالفعل بأنهم معزولون ومحاصرون داخل مساحة ضيقة من التراب، لأن الشريان الأساسي لحياتهم لم يكن إسبانيا بل المغرب.
المغاربة باتوا يفضلون طريق الضغط بوسائل غير تقليدية يرونها قادرة على أن تدفع المحتل، عاجلا أم آجلا، إلى التسليم بشرعية مطالبهم
وليس معروفا بعد، ما الذي دفع بعض المصادر الإسبانية للترويج في وقت سابق لخبر زيارة مرتقبة للعاهل الإسباني للبلدتين المحتلتين، ثم ليس معروفا ايضا ما الذي جعل سلطات مدريد تلغيها فيما بعد، فهل كان الهدف من وراء كل ذلك هو اختبار جدية الطرف المغربي ومعرفة ردة فعله؟ أم أن الإسبان اقتنعوا بأن استفزاز المغرب في هذا الظرف بالذات، قد يقوده إلى اتخاذ خطوات أقوى، ربما تجعل الجيبين يشكلان عبئا ماليا واقتصاديا ثقيلا، قد يصعب عليهم تحمله لوقت طويل؟ في كل الأحوال فإنهم وجدوا أن أفضل ما ينبغي عليهم فعله لفك الحصار المغربي والالتفاف عليه، والحد من تداعياته الرمزية قبل المادية، هو أن يشهروا الورقة الأوروبية في وجه الرباط، على اعتبار أن البلدتين المحتلتين تمثلان عمليا، وبحكم الأمر الواقع، أقصى الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي. وهكذا فإنه لم يكن من قبيل الصدفة، أن يتحول القنصل العام الفرنسي في إسبانيا الخميس الماضي إلى سبتة ويجتمع بعمدتها، ثم يقول بعدها للصحافيين بأنه «يجب على فرنسا دعم حكومة سبتة لكونها البوابة إلى افريقيا بالنسبة لفرنسا، وباقي الدول الأوروبية، ومن المهم أيضا أن يكون هناك شخص يمثلنا ويساعدنا في فهم ما يحدث في هذا الجزء من إسبانيا على الحدود مع المغرب، فبالاضافة إلى مليلية تعتبر هذه الحدود البرية هي الوحيدة التي تملكها أوروبا مع افريقيا، ما يمنح سبتة بعدا استراتيجيا اساسيا لفرنسا».
وأقل ما قد يدل عليه ذلك، أن إسبانيا ليست وحدها في سبتة ومليلية، وأن الأمر قد لا يختلف كثيرا عن لعبة المصالح والمواقع، التي تجري بشكل مكشوف في شرق المتوسط، لكن هل يعني ذلك أن المغرب يواجه وحده منفردا تكتلا من الأطماع الاستعمارية الأوروبية؟ إن ذلك للأسف هو ما يحصل امام ما يعرفه الجميع، عن حال العلاقات المغاربية. أما هل سيكون الإنذار الفرنسي كافيا لإثنائه عن خططه وطموحه لاستعادة المدينتين؟ فربما سيرتبط الأمر بمدى تنوع وتوسع حلفائه الدوليين، واقتناعهم بأنهم لن يخسروا بجلاء الإسبان عن أرضه، أكثر مما يمكن أن يخسروه ببقائهم فيها.
كاتب وصحافي من تونس
أثناء الحرب النابوليونية الاسبانية كانت هذه الاخيرة على وشك التنازل على سبتة للمغرب مقابل بعض المؤونة لمواجهة الحرب، اذا فالاسبان انفسهم يشككون في سيادتهم على الثغور المحتلة
المغرب لم يطالب بي المدنتين ولا الجزر التي تجاهلها الاستاد رغم انه اشار للغاز في شرق المتوسط و تجاهل غاز مياه جزر الكناري
حبيت تحليلك
ليس فقط اوروبا و الناتو .. بل عسكرونا في الظهر .. و هي تحلم ان يفتح المغرب جبهة مع اسبانيا كي تقف معها ..
و طبعا بمقابل أن تقف إسبانيا مع عسكرونا في ملفها الدي افلس خزائنها البوليساريو.. و قد فعلت في قضية جزيرة ليلى ..
.
المملكة المغربية لاتريد فتح جبهة مع إسبانيا لتحرير اراضيها خوفا من من تدخل الجزائر المساند لاسبانية هههععع
فعلا حجج الجبناء لا حدود لها
سبتة و مليلة مدينتين محتلتين لكن لم اسمع اطلاقا مطالبة المغرب الرسمي بهما حيث انهما غير مصنفتين من طرف الامم المتحدة كقضية تصفية استعمار واذا ترى بان خطوات المغرب بحصارهما سيعيدانه له فذلك هراء لانهما لا يبعدان عن اسبانيا سوى بعض الكيلومترات
اتمنى من كل قلبي استرجاعهما لكن بهذه الطربقة لا اظن .
المغاربة الموجودين بسبتة ومليلة لا يريدون عودة المدينتين للمغرب!
إنه الإقتصاد وليس الوطنية!! ولا حول ولا قوة الا بالله
يا سيد كروي،
انت تعيش في النرويج و تعرف جيدا ان الوطنية ليست هي التي دفعتك إلى مغادرة بلدك، بل الإقتصاد. فلا تلم سكان سبتة- الذين لم يغادروا بلدهم ولم يتخلوا عن مغربيتهم -على المطالبة بحياة أفضل..
فلو فتحت اسبانيا أبوابها لما بقي مغربي أو جزائري( أو أفريقي عامة) في بلده..
الي ماذا تشير؟ و ما الذي تريد ان تقوله ؟ و لكنك لا تجروؤ .هل تقصد من كل هذا ان المغرب يريد مقايضة سبتة و مليلية مقابل الاعتراف بالدولة العبرية ؟ قد يكون ذلك قد تطرح علي طاولة النقاش الان الامريكان لن يخذلوا اخوتهم الاسبان و شركايهم في الحلف الاطلسي و هم يعرفون ان المغرب ما ينقصه الا ان يعلن حالة التطبيع فقط و لن يساوموا علي هذا السر الذي تريد ان تبوح به و لكن الشجاعة خانتك .الله يكون في عون الفلسطنيين و يغنيهم شر اخوتهم العرب قبل عدوهم الاصلي
اسامة لقد اصبت ورب الكعبة أنها اساليبهم وادواتهم
المغرب سيدبر الأمر ببركماتيته المعروفة ولن يقع في ما وقع فيه كثيرا الى درجة ان جارا اصبح يناصر الاسبان عن المغاربة رغم شعاراته الزائفة مند 50سنة
قضية سبتة و مليلية سيدخلها المغرب في مفاوضات طويلة مع اسبانيا لانها مرتبطة بقضية جبل طارق والمغرب يتعامل مع المدينتين على أنهما قطبان سياحيان مهمان ولكن يجب الاستفادة منه ايضا لدلك اعتقد ان المدينتين سيخضعان لحكم تسييري مشترك بين البلدين وان الاستتمارات ايظا ستكون مشتركة وبدلك لن يتصرر السكان المحليين ولن يمنع المغاربة من الدخول وهكدا سيتم استرجاع جزءي للسيادة على المدينتين في انتظار مفاوضات انجلترا واسبانيا
يا سيدي لقد خذلنا الجار المسلم في قضية جزيرة ليلى لما انحاز لإسبانيا ضدا على المغرب وكان البلد الوحيد في العالم الذي قالها صراحة فما الذي تريده أن يفعل المغرب الذي ابتلاه الله بجار سوء.
شكرا جزيلا أخي والله لو إتحدنا المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريطانيا لدربو لنا ألف حساب ولاكن حكام الجزائر الله يهديهم علينا نحن الشعوب الخمسة ويوم الحساب والعقاب سيكون حسابهم عسير كل من لا يريد جمع الشمل شكرا أخي والله يرحم اللي قراوك