لا شك أن الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج صفقت لتونس والشعب التونسي على اختياره ابن الشعب قيس سعيّد رئيساً جديداً للبلاد. كلنا فرحنا بانتصار هذا الأستاذ الجامعي القادم من خارج الدولة العميقة على حيتان السياسة والاقتصاد والإعلام والجيش والمخابرات. لقد كان الشعب صادقاً جداً في اختياره لسعيّد، فقد أراد أن يوجه رسالة للطبقة الحاكمة في تونس بأنه ضاق ذرعاً برموز السلطة القدامى والجدد، وأنه يمنح ثقته هذه المرة لشخصية نظيفة لم تتلوث بفساد السلطة وامتيازاتها على أمل أن يخلق نظاماً سياسياً جديداً يناسب طموحات الثائرين التونسيين الذين لم يجنوا من ثورتهم حتى الآن سوى الخيبة والإحباط.
كان رائعاً جداً أن تونس قدمت مثالاً غير مسبوق من الانتخابات النزيهة في العالم العربي، فقد نجح شخص لا علاقة له مطلقاً بالمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية الراسخة في البلاد في الفوز برئاسة الجمهورية بدون أي دعم سلطوي أو إعلامي داخلي أو خارجي. وقد اعتمد في انتصاره أولاً وأخيراً على أصوات الشعب الحقيقية الصادقة. وقد كتبت وقتها: «أقترح طرد تونس من الجامعة العربية فوراً…لقد خرجت عن العمل العربي المشترك وضربت بالمبادئ العربية الأصيلة عرض الحائط. وهذا لا يجوز مطلقاً. كيف تُجري انتخابات رئاسية ولا نعرف اسم الرئيس الناجح قبل سنتين؟ كيف تُجري انتخابات بعيداً عن عيون كلاب الأمن والمخابرات؟ كيف تقبل على نفسك أن تفوز فقط بحوالي 20٪ من أصوات الناخبين يا سيد قيس سعيّد في الجولة الأولى؟ هذا خروج كامل على التقاليد العربية الأصيلة… مش معقول هالكلام. في سوريا الأسد فاز حافظ ذات يوم بـ 117٪، فقد صوت له معظم الأموات مشكورين. كفاكم عبثاً بتقاليدنا يا توانسة». لا يمكن إلا أن نرفع القبعة لتونس وشعبها العظيم الذي أمتعنا معه بأول مناظرات رئاسية على الهواء مباشرة بين المرشحين قبل بدء التصويت كي يكون الناخبون أكثر قدرة على إعطاء أصواتهم للمرشح الأفضل.
لكن في الوقت الذي نفرح فيه للشعب التونسي ولرئيسه النظيف، نضع أيدينا على قلوبنا، فهذا الرئيس القادم من خارج دهاليز السلطة الشيطانية لا يحمل في قلبه وعقله سوى الحب لبلده وشعبه ولا يريد من منصبه الجديد سوى تقديم الخدمة لوطنه. وهذا طبعاً لا يكفي مطلقاً في عالم السياسة القذر، لا بل إنه في بعض الأحيان ليس مطلوباً من الكثير من الزعماء العرب الذين يصلون إلى السلطة، فكل ما يحتاجه الزعيم العربي أن يكون خادماً أميناً للقوى الخارجية التي رشحته ودعمته وأوصلته إلى سدة الحكم في بلاده.
قيس سعيّد ليس مرتبطاً لا بحيتان المال ولا بضباع الأمن بل هو نظيف تماماً من تأثيرات المال والإعلام والأمن
وما عدا ذلك تفاصيل غير مهمة. ولا ننسى أن غالبية الحكام العرب ليس لديهم دوائر انتخابية داخل بلادهم، بل إن دوائرهم الانتخابية تكون عادة خارج البلاد. ولا يمكن لرئيس أن يصل إلى القصر الرئاسي إلا إذا وافق عليه الخارج قبل الداخل. فمثلاً رئيس وزراء العراق لا يمكن أن يصل إلى السلطة إذا لم تزكه إيران وأمريكا وحتى سوريا ودول عربية أخرى، وبالتالي تكون أصوات الناخبين مجرد زوائد دودية لا قيمة لها في كل العملية. وقس على ذلك، حيث يكون الجيش والمخابرات الناخب الأول والأخير في دول عربية كثيرة.
هل سيقبل ضباع العالم بأن يكون حاكم تونس الجديد من إنتاج الشعب حصراً؟ هل تقبل الديكتاتوريات وبعض المشيخات الخليجية أن يأتي رئيس إلى السلطة من دون أموالها وتدخلاتها الشيطانية؟ هل ستقبل الدولة العميقة في تونس المرتبطة عضوياً بضباع العالم والقوى المتحكمة إقليمياً ودولياً أن تكون تحت سلطة رئيس لا يمت إليها بصلة ولا يأتمر بأوامرها ويخدم مصالحها قبل أن يخدم مصالح البلاد والعباد؟
هل يستطيع الرئيس الجديد أن يطوّع حيتان المخابرات والجيش والاقتصاد والإعلام للقصر الرئاسي؟ لقد كان بن علي وزوجته مثلاً شريكين لحيتان المال والأعمال في تونس، مما ساعدهما في السيطرة على البلاد وتطويع الشعب لمصالح المتنفذين. أما قيس سعيّد فليس مرتبطاً لا بحيتان المال ولا بضباع الأمن، بل هو نظيف تماماً من تأثيرات المال والإعلام والأمن. هل سيتركونه يحكم بما يمليه عليه واجبه الوطني، أم إنهم سيضعون العصي في عجلاته وسيعرقلون مشاريعه الوطنية؟ ألم تروا ماذا فعل حيتان الجيش والمال والإعلام في مصر بالرئيس الراحل محمد مرسي في سنته الأولى؟ لقد حوّلوا البلاد إلى جحيم لا يطاق كي يؤلبوا الشعب عليه وكي يمهدوا لانقلابهم على أول رئيس منتخب في تاريخ مصر. وقد انقلبوا عليه فعلاً بعد أن ضحكوا على الناس وأعادوا البلاد إلى ما قبل المربع الأول خدمة لمصالحهم ومصالح أسيادهم في الخارج.
ماذا يمنع حيتان تونس وضباعها المرتبطين بدوائر المال والنفوذ العالمية عن وضع العصي في عجلات الرئيس الجديد؟ أليست القوى الحاكمة في العديد من بلادنا كما أسلفنا مجرد وكلاء للخارج، وبالتالي لن تسمح لأي قادم جديد من خارج صفوفها أن يفرض أرادته ومشاريعه الوطنية؟
لقد قالها الرئيس التونسي الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي في كتابه الشهير «الاستقلال الثاني» إن بلادنا حققت فقط الاستقلال الأول عن المستعمر الخارجي، لكن هذا المستعمر ترك وراءه مستعمراً داخلياً أشد وأنكى يخدم مصالح المستعمر الراحل. وكي نتحدث عن استقلال حقيقي فلا بد من التخلص من توابع المستعمر وورثته». من يحكم تونس وغيرها حتى هذه اللحظة؟ شخصية تونسية إسلامية مرموقة قالت لي في جلسة خاصة إن حركة النهضة التي فازت بأكثر من انتخابات بعد الثورة ظلت في محل مجرور بدون أي نفوذ حقيقي، وبقيت السلطة في أيدي الدوائر القديمة المدعومة دولياً. هل تغير شيء منذ ذلك الوقت؟ أم إن الأدوات الحاكمة مازالت نفسها وراء الكواليس في تونس؟ هل ستسمح هذه الأدوات للرئيس قيس سعيّد أن يحقق الاستقلال الثاني لتونس، أم إنه سيكون النسخة التونسية عن محمد مرسي المصري؟ نرجو أن نكون مخطئين.
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
مولينكس الشر الداخلي والخارجي في تونس بانتظار الرئيس قيس.
ليس فقط الدولة العميقة يا سيادة د فيصل القاسم! بل حتى معارضي الدولة العميقة والعلمانيينر, وجميع اصحاب الاهواء سينتفضون عليه! وطبعاً دول الخليج المتصهينين والغرب المنافق الدموي سينتفض عليه, لماذا يا ترى؟ لأنهم لا يريدون الخير لهذه الشعوب ولايريدون ان يأتي رئيس يحبه الشعب ويحب الشعب ويخدم الشعب ويحرر البلد من الاستعمار! الشعوب تريد انسان شريف وعادل يحكمهم, الشعوب تواقة الى ان ترى رئيس يحكمهم ويمثلهم, لذا ترى في شخص السيد سعيد ذلك الرئيس بغض النظر ان كان علماني او حتى من دين آخر غير مسلم, الشعب يريد العدالة والحرية وكسر قيود العبودية للغرب! أعتقد السيد سعيد هو اول رئيس عربي الشعوب العربية والاعجمية تتمنى له التوفيق
و بقدرة قادر إختفت ” نضرية المؤامرة ” ….إلى أصحاب هاته النضرية …أين ” المتآمرين ” …؟كيف لم يأتوا برئيس اللذي يرضون …؟ ثورة الياسمين المجيدة منبعها أبناء و بنات تونس الحبيبة . لا دخل للخارج أصلا فيها .الدولة العميقة إن وجدت …تحارب بالكلمتين السحريتين في كل خطابات السيد الرئيس …..القانون و العدل ….
يجب عليه الحذر والاستفادة من أخطاء مرسي رحمه الله.
كان الله في عونه
اللهم سدد خطاه
عندي نفس الشعور و ربنا يستر
ليس لهم أي خيار إما القبول به أو ثورة شبابية- لكن الجميل أن قيس سعيد يصعب تدجينه ولن يخضع لهم إطلاقا. بقي على الشعب أن يصبر على رئيسه- مقارنة مصر بتونس لا تجوز وشعب تونس رافض الدولة العميقة نهائيا- هناك حلا واحد إما النجاح أو الفوضى التي ستطير فيها رؤوس الدولة العميقة- شعب تونس بلغ من الوعي أن لا أحد يقدر إستبلاهه- سنكون مع رئيسنا وشعرة واحدة من شعرات رأسه ستكون حربا ضروسا على الفاسدين – لن نعود للخلف أبدا—وحده الله يمنع عنا النصر
لن تقوم لأمتنا العربية قائمة إلا بقيام شعوبنا الحرة باستئصال شأفة ضباع الجيش والشرطة والمخابرات والإعلام والإقتصاد, وعبيدهم الجُهَّال الأغبياء … فما هؤلاء الأوباش جميعاً إلا شراذم وعصابات من الخونة واللصوص والسفاحين, الذين لا هم لهم إلا نهب ثرواتنا, وتدمير بلادنا, والسجود التام المخزى تحت نعال أحذية ألد أعداءنا, وخصوصاً الصهاينة
.
ولعل أبرز مثال على ذلك هو ما حدث -ويحدث- فى بلدى المُحتلة المُستباحة مصر,
أدعو الله أن يحفظ تونس وشعبها الحر الرائع ورئيسها النظيف الأمين المحترم … وألا تغفل عيون الشعب التونسى الواعى عن الضباع المفترسة التى تؤلمها بشدة أنوار الحرية والعزة والكرامة … والتى تنتظر أى فرصة للإنقضاض على إنجازات الثورة التونسية الرائدة, لكى تعيدها إلى حظائر العبودية والمذلة لكلاب الأرض, مثلما فعل الشيطان الرجيم السيسى بمصر المُحتلة
العقبات لا شك كثيرة أمام الرئيس التونسي المنتخب ديموقراطيا، منها التحديات الداخلية متمثلة في أذناب الدولة العميقة مدعومة بأموال السحت من محور البؤس أبوظبي/ الرياض حاملي مشاريع الثورة المضادة، ثم تحديات ذات بعد إقليمي بالأساس الأنظمة المتسلطة بالدول المجاورة من الجزائر والمغرب غربا إلى مصر شرقا لا ترغب في نجاح تجربة ديموقراطية على مرمى حجر منها تبعث مشاعر الرغبة الشعبية عندها بالتغيير ونفض غبار الفساد والإستبداد، ثم هناك عقبات ذات طابع دولي تجابه الرئيس الجديد تتمثل في توجس القوى النافذة على المستوى الأوروبي خاصة التي لن تكون بالتأكيد مرحبة بضبط مصالحها بميزان المصلحة الوطنية لتونس أولا ثم التعاون في إطار الندية وليس الهيمنة. كل التوفيق نتمناه لأشقائنا بتونس.
تحليل حقيقي وواقعي في مقال يشفي القلب..
اعتقد ان الشعب التونسي الذي اختار رئيسه لا يفكر بهذه الطريقة الساذجة فهو شعب لا يعاني من الطائفية والقبلية وحتى احزابه الدينية تختلف عن نضيراتها في الدول العربية وكذلك احزابه العلمانية لا تشبه علمانيي الشرق العربي