تتسع الإبادة وتتواصل، وتتسع صدورنا لتقبل ما لا يطيقه إنسان سوي، ونستمر في التفكير خارج سياق الإنسانية والكرامة، التي وجدت ضالتها عند غيرنا من غير بني جلدتنا.
قطعت الرؤوس وسالت الدماء ولم نهتز كشعوب خارج التغريدات الفردية، وانتشرت ألسنة اللهب والدخان في أرجاء رفح والكرة الأرضية، ولم تشمه أنوفنا المزكومة، ولم نعد نحس بوجع الأحياء تحت الركام وفوق الخراب، وهم ينعون فلذات أكبادهم، ولا يهتز لنا رمش بتنهدات واحتضار المصابين وموتهم، فقد أصبنا بالصمم والعمى، فعلا نحن ميتون، وإن انتفض العالم مكاننا، من نجوم ومثقفين وطلبة ورياضيين. فهل عيوننا فعلا على «رفح»، أم نغمضها ونواصل السير، ونفرح لتضامن غيرنا ونوسع النشر. كل العيون كانت على رفح، من متواطئ ومتضامن، ما أقوى تضامنهم، هكذا تتفاعل مواقع التواصل الاجتماعي: «عديد المشاهير ورواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم يتفاعلون مع حملة تضامن تحمل شعار «كل العيون على رفح»، ردا على القصف الذي شنه الجيش الاسرائيلي على مخيم للنازحين في جنوبي قطاع غزة الأحد الفائت».
وقد كتب موقع مغربي عن الموضوع: «كل العيون على رفح، حملة تضامن عالمية مع فلسطين.. ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بحملة التضامن التي ترفع شعار «كل العيون على رفح»، في ظل ما تتعرض له المدينة من هجمات أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين. اكتسب الشعار زخما في الأشهر الأخيرة، بغية إبقاء الناس على اطلاع بالهجمات ضد الفلسطينيين، وعدم النظر بعيدا، والمطالبة بوقف إطلاق النار».
ويضيف الموقع أن الشعار «تم استخدامه خلال اليومين الماضيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل ملايين المستخدمين، خصوصا على «إنستغرام» (أكثر من 20 مليون مشاركة) للتنديد بالقصف الإسرائيلي على خيام النازحين، ما أدى إلى مقتل أكثر من 40 مدنيا بينهم أطفال». كما انتشرت صور «غوارديولا» وابنته، المتضامن مع سكان غزة ورفح، وفضح المجازر المرتكبة كل يوم في حقهم، منذ أكثر من 240 يوما، وعلى صفحة «المواطن الجزائري»، نقرأ: «يَعرف يدرب ويعرف يربي، ماريا بنت غوارديولا تنشر قائمة بالمجازر، التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين في فلسطين منذ ،1937 وتعلق: «لا تدع أحدا يقنعك أن الأمر بدأ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول». البنت التي غيرت موقفها الذي كان داعما للصهاينة في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول «بعدها بأقل من أسبوعين موقفها تغير بسبب النشر والترجمة وإيصال الحقيقة للعالم الغربي، ومن يومها وهي يوميا تشارك في المظاهرات، سواء في إنكلترا أو اسبانيا، وتدعم القضية في كل منصات التواصل».
كما جاء على عدة صفحات على فيسبوك. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تابعت باهتمام بالغ الفيديو الذي يصور «المدرب الإسباني الشهير بيب غوارديولا، مدرب «مانشستر سيتي» وهو يتحاشى مصافحة المندوب الإسرائيلي، ويتصرف وكأنه لا يراه، بالرغم من تكذيب بعض الصفحات للأمر وأن غوارديولا رفض مصافحة آلان سميث مدرب «كريستال بالاس» السابق.
كما قارنت بعض الصفحات بين صورتي «غوارديولا» وابنته، على اليسار، في الملعب وهي توشح حقيبة يدها بالكوفية و»على اليمين اللاعب التونسي سيف الدين الجزيري وزوجته، التي منعت من دخول الملعب بالكوفية الفلسطينية للاحتفال بالبطولة».
في بريطانيا ابنة غوارديولا حاضرة في احتفالات الفوز بـ«البريميرليغ» بالكوفية الفلسطينية. وفي مصر تم طرد زوجة سيف الدين الجزيري، لاعب الزمالك من الملعب بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية»!
بينما تتوسع دائرة التضامن عندهم تتقلص عندنا وتتراجع، وتتسيد أموال المواد «المسرطنة»، التي وجب مقاطعتها، وجندت الكثير من الفنانين من أجل «سحر» وجذب متابعيهم لاستهلاكها مقابل الملايين، لذلك صدرت قائمة أسماء هؤلاء الفنانين لمقاطعتهم، مثل عمرو دياب وماجد المهندس ونوال الزغبي وأحمد السقا، ومحمد صلاح، والقائمة تطول، وفي المقابل، أشاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمن رفضوا بيع الدم الفلسطيني بمشروب «بيبسي» القاتل، مثل «ويجز» وأحمد مكي ودنيا سمير غانم وغيرهم.
امتحانات «البكالوريا» بالكوفية
تنتشر على صفحات فيسبوك، دعوات لارتداء الكوفية أثناء امتحانات البكالوريا هذا العام. فعلى صفحة «أم وأب بوخلوف» نقرأ: «هناك حملة لتلاميذ البكالوريا تستحق التشجيع، حيث سيجتازون الامتحانات بالكوفية ويسعون إلى تعميم الفكرة، ساهم بالنشر».
الفكرة أسعدت الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بينما أخذها الكثير أيضا بحذر، مثلما جاء في العديد من الصفحات التونسية، وهناك من اعتبرها مجرد بزنسة وركوب على الظرف القاسي، الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة ورفح، مثل صفحة «زيد سميدا».
ومما جاء فيها: «واحد عنده معمل كوفيات يحب يلقى فيهم بيعة، فيطلب منا حملة «بكالوريا الكوفيات»! عجبت من جماعة الإنستغرام والتيك توك، يقومون بانجاز فيديوهات للمتصورين بالكوفية قبل وأثناء وبعد الامتحان. وهكذا نعمل حركة رمزية ونضالية وينجح تلامذتنا بنسبة 100 في المئة، بحكم تضامنهم مع فلسطين، وتحيا الرياضة على قناة 21»! حسب هذه التدوينة فإن لبس الكوفية يوم اجتياز امتحانات الثانوية العامة، ليس سوى ذريعة للغش والنجاح الجماعي، والمستفيد منها ليس سوى صاحب معمل الكوفيات وصاحب محلات «الكيت»، ولا علاقة لها بالتضامن، فقط تجييش أكبر قدر من المستهلكين لتحريك تجارة «كاسدة»، ومجرد حركة شعبوية».
كما دون ميد عباسي: «غريب كل سنة ترتبط امتحانات البكالوريا بظرف سياسي أو صحي، وهل هذه المرة ترتبط بالتضامن مع غزة ورفح، أم هي مجرد مطية لأغراض أخرى؟ وهل ستتحرك الحكومات والشعوب العربية تجاه الإبادة المستمرة، أم سيستمر خذلاننا لأنفسنا وللقضية؟
أول مدينة إنتاج سينمائي جزائرية
بدأت الجزائر إدراك قوة وفاعلية الفن في المجتمع، وأنه يعكس حالة التقدم والتفاعل الثقافي على المستوى الوطني والخارجي. ويبدو الشروع في عملية ترميم قصر ”برج خان القوافل” في بلدية تينركوك، الذي سيحتضن أول مدينة إنتاج سينمائي في جنوب البلاد، تحت تسمية «قصر السينما»، خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح.
وكما هي خطوة طال انتظارها فإنها تستغل إعادة تأهيل هذا المعلم التاريخي قصد وضعه تحت تصرف صناع السينما لتجسيد الأعمال السينمائية، الوطنية والأجنبية.
ويمكن لهذا الصرح أن يوفر عدة مرافق لإنجاز برمجة ورشات في مهن وفنون الصورة لفائدة المخرجين والمنتجين السينمائيين بالتنسيق مع الجمعيات المهنية والفاعلين السينمائيين في البلاد.
وكم نحن في حاجة الى استغلال المباني الأثرية والقصور القديمة في الصناعات الفنية والثقافية، وتثمين هذه المواقع التاريخية، وتعزيز دور الثقافة والفنون في حياتنا.
كاتبة من الجزائر