هل عدل «الناتو» سياساته التركية؟

حجم الخط
16

عطلت تركيا، العضو في حلف الأطلسي منذ عام 1952 قرار انضمام السويد وفنلندا وذلك على خلفية دعم البلدين لنشاطات حزب العمال الكردستاني، وفروعه العديدة، بمسميات مختلفة، في سوريا، والذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، غير أن الأنباء الواردة تقول إن قمة الحلف، التي بدأت أمس الأربعاء، في العاصمة الإسبانية مدريد، ستشهد، أخيرا، موافقة تركيا على دخول هذين البلدين إلى الحلف.
جاء تغيير استوكهولم وهلسنكي موقف الحياد الذي اتبعته الدولتان الاسكندنافيتان تجاه الانضمام للحلف، والذي دام قرابة سبعين عاما، كرد فعل من حكومتيهما على الغزو الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي اعتبرته الدول الأوروبية كافة خطرا كبيرا عليها، وحدثا غير معادلات السياسة المستقرة نسبيا منذ الحرب العالمية الثانية.
رفعت الحرب الأوكرانية، من جهة أخرى، رصيد تركيا في المعادلات الجديدة المتشكلة، وأعطت قيادتها أوراقا كبيرة لتسديد حسابات مفتوحة مع بعض الدول الأوروبية، وعلى الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، التي تجاهلت مصالح أنقرة الحيوية في قضايا إقليمية وعسكرية وأمنية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين، وخصوصا بعد عام 2011، الكثير من التوتر العالي، سواء في مجال دعم «الكردستاني» في سوريا، أو في قضايا خطيرة أخرى.
كان إسقاط أنقرة لطائرة مقاتلة روسية، عام 2015، ومعالم المواجهة مع الكرملين، مناسبة لإظهار التناقض في موقف واشنطن من حليف رئيسي، وغضا للنظر عن سيطرة الكرملين المتزايدة على الجغرافيا السورية التي تجسدت في تحول مطار احميميم ومرفأ طرطوس إلى قاعدتين متقدمتين مطلتين للجيش الروسي على البحر الأبيض المتوسط.
من غير المعلوم، إن كان لهذا القرار الخطير دور في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت في تركيا عام 2018، لكن المعلوم الأكيد هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتبر خذلان «البيت الأبيض» وحلف الأطلسي لتركيا ضوءا أخضر له للتوسع العسكري في أماكن أخرى من العالم، وهو ما أدى، بالنتيجة، إلى الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
في سياق موافقة تركيا، أخيرا، على انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف أعلن الرئيس رجب طيب اردوغان أن «تعاونا كاملا» قد حصل من البلدين بخصوص الموقف من «الكردستاني»، وأن البلدين قاما برفع حظر تصدير الأسلحة منهما لأنقرة. تعتبر هذه التطورات تغييرا مهما لصالح تركيا، غير أن الطريق للوصول إلى تقدير حقيقي من قبل «الناتو» للدور الحيوي التركي في معادلات السياسة العالمية المستجدة لا يبدو محسوما، فواشنطن ما تزال تجمد صفقة الطائرات المقاتلة إف 16 التي تحاول أنقرة إتمامها منذ سنوات، كما أن الموقف الأمريكي بالنسبة لـ»الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» التابعة له في سوريا، لا يبدو محسوما بعد.
لدى أنقرة، تحفظات متبادلة مع واشنطن، والمنظومة الأوروبية، غير أن الحدث الأوكراني أعاد صياغة الأولويات لدى الجميع، وأعطى تركيا مجالا أوسع للمناورة، وإذا كان من غير الواضح أن هذه الأولويات دفعت واشنطن وأوروبا إلى تقدير أهمية تركيا الكبرى كمجال حيوي للعلاقات الإقليمية والعالمية، أو لتخفيف الانحيازات الغربية، الأيديولوجية والدينية، تـجاه تركيا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    كنت أتمنى على الرئيس التركيّ ( مساومة الغرب ) على حقّ العضويّة في الاتحاد الأوربيّ أسوة بأوكرانيا؛ وليس فقط على
    طلبات محددة من السويد وفنلندا.

  2. يقول عربي سوري:

    المنطق يقول ان واحد زائد واحد يساوي اثنين ولكي نعرف اذا كانت تركيا قد حققت كل الشروط التي وضعتها لمنع دخول السويد وفنلنداقد تحققت نبدأ بعصابة اوجلان التي يدعمها الحلف الصليبي بقيادة أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا الذين يريدون انشاء كيان كردي في شرق سورية على حساب العرب فهل هم مستعدين عن التنازل عن مخططهم الجهنمي هذا هم بصراحة لا يهمهم عصابة اوجلان ومرتزقته بقدر اهتمامهم بأقلية المسيحيين السريان والأرمن والآشوريين في العراق وسورية وخاصة بعد زيارة بابا الفاتيكان للمدن السنية المدمرة ودعوته للمسيحيين بالبقاء هل سيسمح الحلف الصليبي الذي فشل في إنجاح انقلاب ضد اردوغان بان تقوم تركيا بإنشاء حزام امني على الحدود السورية يكون خطراً على حامي المسيحيين وحامي حدود الصهاينة الذي بذلوا المستحيل لانقاذه بعد ان أبادوا وهجروا ملايين العرب السنة طبعا لا اما تصريحات مسؤولي السويد وفنلندا بتحجيم نشاط مرتزقة اوجلان فهي مدعاة للسخرية لان الدعم الأكبر يأتي من ألمانيا وهولندا التي تنتشر فيها عصابات تجارة المخدرات التابعين لأوجلان اذا لا أهمية لقرار فنلندا والسويد الذين سيطلبون من ( أصدقاؤهم) الكرد بالتخفي الى ان تنتهي قضية عضوية الناتو وبعدها يعدون ولدعم اكبر

  3. يقول عربي سوري:

    ماذا يبقى للأتراك من مكاسب سيجنونها من موافقتهم على عضوية الناتو هو بعض صفقات الأسلحة ودعم اقتصادي او حتى ازالة بعض العقوبات وقد تتنازل امريكا قائدة الحلف الصليبي وتزود تركيا ببعض طائرات ال أف ١٦ بعد تجريدها من بعض التقنيات الحديثة لان تركيا بلد إسلامي وهي كانت ولازالت عقبة امام مخططات الحلف الصليبي في منطقة الشرق الأوسط صحيح انهم قبلوا تنظمان تركيا الى حلف الناتو ولكن كان هذا في عصر الحرب الباردة وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي حاولوا اركاعها وحاربوها وكان قمة هذا الصراع مع ماكرون فرنسا اليوم عادت حليمة لعادتها القديمة وهو ان الحلف الصليبي بحتاج الى تركية التي تتحكم بمعبر البوسفور وتلعب دوراً مهماً في العالم العربي والاسلامي وبعض الدول التركمانية المحاذية لروسيا ورغم كل ذالك تبقى دولة إسلامية يجب محاربتها من قبل الحلف الصليبي

  4. يقول واقعي:

    الأخ عربي سوري تحية للقدس العربي ولك، للأسف هكذا هو الحال وسيبقى على ما هو عليه لا ندري الى متى.

  5. يقول مجتهد:

    لو كان العكس هو الذي حصل أي لو كانت السويد و فنلندة عضوين في الناتو وتقدمت تركيا بطلب العضوية لما حلمت تركيا ولو بالأحلام أن تصبح عضو أبداً . تركيا تبدو كحسكة في حلقوم الناتو لا هم يستطيعون ابتلاعها ولا يستطيعون بصقها.

  6. يقول سامح //الأردن:

    *عزيزي الدكتور جمال البدري حياك الله يا أخي والجميع.
    ملاحظتك قيمة ولكن يبدو أن (أردوغان) وحزبه توصلوا لقناعة عدم جدوى المحاولة
    لأن الإتحاد الأوروبي لا يريد دولة (إسلامية)
    لعضويته.. وساسة فرنسا قالوها بصراحة
    ( الإتحاد الأوروبي مغلق ع الدول المسيحية فقط).
    عموما عمق تركيا ( عربي _ إسلامي)
    وهذا ما فعله أردوغان ف الآونة الأخيرة.
    تحياتي لك ولقلمك الرشيق الأنيق.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية