طرح علي هذا السؤال مؤخرا وبالأخص بعد مقالي الأخير في «القدس العربي» حول صعوبة استمرار السياسة الأردنية المتمثلة في التباعد السياسي المقرون مع التقارب الاقتصادي مع إسرائيل، تحديدا في قطاعي الطاقة والمياه. البعض يوجه هذا السؤال بطريقة استنكارية والبعض الآخر يتساءل بالفعل فيما إذا كان هناك بدائل حقيقية أمام صانع القرار الأردني وإن كانت هناك، هل يملك القدرة على اتخاذ القرار الأنسب. لا ازعم هنا أني خبير في مجال الطاقة أو المياه إلا أنني معني بتداعيات الشؤون الاقتصادية ومدى تأثيرها على الموقف الأردني إزاء قضايا في نظري مصيرية. لعل من المفيد النظر الى الخيارات الاقتصادية المتاحة للأردن في هذا المجال ضمن الإطار السياسي والمعطيات الحالية.
نقطة الانطلاق الأولى لدي هي إدراك أن اتفاقية السلام الأردنية مع إسرائيل عمرها أقل من ثمانية وعشرين عاما، بمعنى أن الخيار الاقتصادي مع إسرائيل لم يكن متوفرا قبل ذلك التاريخ. وبالرغم من ذلك، كان للأردن خيارات أخرى استخدمها في حينه. من المؤكد أن هناك عوامل عديدة تغيرت منذ ذلك التاريخ، ولكن من المؤكد ايضا أن الخيارات لا تزال موجودة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، وأن ترداد مقولة عدم وجود خيارات أخرى فيه تجاهل للتاريخ إضافة لتبنيه منطق يحلل التقارب مع اي دولة حتى ولو كانت تعمل ضد المصلحة الوطنية الأردنية.
نقطة الانطلاق الثانية أن تدني الكلفة الاقتصادية الآنية لخيار محدد لا يعني بالضرورة نجاعة هذا الخيار على المدى الطويل. فالكلفة على الأردن لا يجوز أن يتم احتسابها وفقا للمعايير المالية الآنية فقط. قد تكون كلفة استيراد الغاز أو المياه من إسرائيل اليوم أقل من خيارات أخرى سآتي على ذكرها لاحقا، ولكنها بالتأكيد أقل كلفة من الثمن السياسي بل والوجودي الذي قد يدفعه الأردن إن شاءت إسرائيل استخدام استيراد الأردن للغاز والمياه منها كورقة ضغط كلما تباعدت المواقف السياسية بين البلدين. تحضرني هنا الاتفاقية التي وقعها الأردن مع الصين لاستخراج النفط من الصخر الزيتي قبل عدة أعوام. في وقت من الأوقات، كانت كلفة استخراج النفط من الصخر الزيتي أدنى من اسعاره العالمية، ثم أتى وقت فاقت هذه الكلفة تلك الأسعار. حينها كان الدافع الرئيسي لتوقيع مثل هذه الاتفاقية نابعا من رغبة الأردن في تعظيم مصادر الطاقة الداخلية وتقليل اعتماده على الغير بغض النظر عن الكلفة الآنية للمشروع.
يتم أحيانا الإشارة إلى الضغوط الخارجية التي أدت في بعض الأحيان لبعض القرارات الأردنية في مجالي الطاقة والمياه. ما من شك أن الأردن تعرض لضغوط أمريكية على مستويات عالية لاستيراد الغاز من إسرائيل، ولكن هذا لا يعني أن الأردن لم يكن يملك إلا الاستجابة لهذه الضغوط. أذكر حين كنت سفيرا في الولايات المتحدة أن تعرض الأردن لضغوط أمريكية لشراء طائرات أمريكية تجارية بدلا من طائرات أوروبية. ولم يستجب الأردن لهذه الضغوط التي لم تتضمن اعتبارات وجودية، وذلك عكس قرار استيراد الغاز من إسرائيل.
من الأجدر أن تطغى الاعتبارات الوجودية على تلك الاقتصادية حتى وإن كانت الأخيرة موجعة على جيب المواطن، فالأولى مبنية على تأثيرات بعيدة المدى، فيما تعتمد الثانية على اعتبارات واحتياجات آنية لا تأخذ بعين الاعتبار الصورة الكلية
أذكر ايضا قرار المملكة العربية السعودية وقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة عام 1973 بعد التدخل الأمريكي السافر مع إسرائيل أثناء حرب اكتوبر، وتأثيره السلبي على مصر وسوريا، وذلك رغما عن العلاقة الوثيقة جدا التي كانت تربط السعودية بالولايات المتحدة.
في اعتقادي أنه من الأجدر أن تطغى الاعتبارات الوجودية على تلك الاقتصادية حتى وإن كانت الأخيرة موجعة على جيب المواطن، فالأولى مبنية على تأثيرات بعيدة المدى، فيما تعتمد الثانية على اعتبارات واحتياجات آنية لا تأخذ بعين الاعتبار الصورة الكلية. بعبارة اخرى، فإن اعتماد أي دولة على دولة أخرى خارجية واحدة من أجل تأمين احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، وعلى رأسها الطاقة والمياه، من الخطورة بمكان حتى وإن كانت الكلفة المالية متدنية عن غيرها، وسيعرض أي دولة لضغوط خارجية سيكون من الصعوبة بمكان مقاومتها في المستقبل. الحل دوما بالنسبة للسلع الاستراتيجية يكمن إما بالاعتماد على المصادر الداخلية، فإن تعذر ذلك، فبتنويع المصادر الخارجية وعدم الاعتماد على مصدر واحد.
فيما يتعلق بالخيارات المتاحة، ما دام الأردن لديه فائض من الطاقة المنتجة محليا، فإن المنطق يقول إن باستطاعته تحلية مياه البحر الأحمر محليا عوضا عن تصدير هذه الطاقة لإسرائيل لتقوم هي بمثل هذه التحلية ثم تصدير المياه المحلاة للأردن. هل كلفة تحلية المياه في إسرائيل أقل منها في الأردن؟ أشك بذلك. كما أنه من المستغرب أن الدراسات المتعلقة بهذه الكلف لم يتم نشرها حتى يتم تقييمها بشفافية. إن السرية المحاطة بهذه الاتفاقيات تثير التخوفات، وفي غياب المعلومة الدقيقة يصبح من الصعب مناقشة الرأي القائل إن هذه اتفاقيات سياسية بامتياز رغم أنها لم تنجح لغاية الآن في اجتياز الاختبار الاقتصادي.
من المعلوم أن هناك خط ناقل للمياه من الديسي لعمان. فهل هناك دراسة يمكن الإعلان عنها يتم بموجبها مثلا تحلية المياه من البحر الأحمر ثم نقلها إلى الخط الناقل وتوسيعه حتى يتم إيصال المياه إلى المدن والقرى والبوادي الأردنية؟ إلى أن يتم الإعلان عن عدم جدوى هذه الطروحات من قبل المختصين، يفترض المنطق ان تكون تكلفة مثل هذا المشروع أقل من تكلفة قيام إسرائيل بمثل هذه التكلفة مع ارتفاع اليد العاملة الإسرائيلية وارتفاع كلفة نقل المياه من البحر الأبيض المتوسط الى الأردن مقارنة بنقلها من البحر الأحمر. وإن كان السبب هو صعوبة الحصول على التمويل اللازم من دول معينة مستعدة فقط لتمويل مشاريع محددة لأسباب سياسية بحتة، يستطيع الأردن السعي لإيجاد مصادر اخرى للتمويل.
الخيارات موجودة والأفكار متعددة، ويمكن دراستها ونشر جدواها (أو عدمه) إلا أن الإصرار على عدم وجود خيارات أو بدائل أمام الأردن لم تعد مقنعة. كما أن رهن وضع الأردن من السلع الاستراتيجية في يد دولة واحدة بات من الواضح أنها لا تخالف الموقف السياسي الأردني فحسب، ولكن تعمل أيضا ضد المصلحة الوطنية بعيدة المدى، فيه خطر بالغ على الاقتصاد الأردني وعلى قدرة الأردن المستقبلية في الدفاع عن استقلالية مواقفه. فلننتبه قبل فوات الأوان.
كاتب أردني
وليس إلى وادي النيل، وادي (التدوين اللغوي الصوري)،
مثله مثل قيصر (الروم) الاسكندر المقدوني قبله،
مثله مثل إمبراطور (الفرس) كورش، بعد تحرير اليهود من السبي البابلي، حيث حينها فقط قام اليهود بعمل (تدوين التوراة) في وادي الرافدين، ولم يقم بذلك أحد في وادي النيل، لماذا؟!
أي الموضوع بالنسبة لنا، لم يكن (متاهة)، بخصوص الحرف أو الكلمة أو الجملة أو المعنى أو حتى بحور الشعر، عكس أي لغة إنسانية وبالذات أوروبية (الروم) أو شرقية (الفرس)، أليس كذلك يا (د رشيد المومني)، أم لا؟!
ولذلك بالنسبة لي الدولة، الموضوع ليس (متاهة)، أو لا يمكن إصلاحها، بل موضوع الحل، يعتمد على التغيير إلى أسلوب تعامل يعتمد على حكمة التكامل، بدل أسلوب تعامل أساسه فلسفة الصراع،
أي المنافسة بين منتجات الدول في (السوق)، بدل الحرب بين الدول (على الأسواق)، حتى داخل (الإنترنت/الشّابِكة)،
يا د علي الفؤادي، أو د زياد الذرب، الرجاء البحث عن مواصفات المفاعل النووي الأمريكي، ومقارنة مع مواصفات مفاعل الصين، وفي جريدة إماراتية أخبار عن دخول (ميتسوبيشي) اليابانية ميدان المنافسة مع الصين وأميركا، كذلك والحمدلله.
ثم في يوتيوب، قناة المخبر الاقتصادي، وموضوع مشاكل إعادة استخدام الذهب، كوسيلة لتحديد قيمة أي عملة، للتخلص من الذبذبة في الرابط
https://youtu.be/7NaFVEyC5Q8
لم يذكر أي شيء، عن إشكالية قيمة الأسهم في سوق البورصة، في أجواء سوق العولمة بشكل عام،
وماذا عن قيمة مادة (الذهب) نفسه، بعيداً عن مفهوم العرض والطلب، أصلاً أليس كذلك، أم لا؟!
من أجل إيجاد حل، لمشكلة الذبذبة في قيمة أي عملة مثل (العملة التركية) وكيف يمكن استخدام تكامل مفهوم تدوين (الأرشيف العثماني) مع (اللويا جرگا) كحل، عند تحويل عقلية دولة الإنتاج، بدل عقلية دولة العالة/الحداثة التي تعتمد على الآلة، بدل الإنسان والأسرة والشركة المنتجة للمنتجات الإنسانية، على أرض الواقع؟!
لكن العبقرية العراقية، أنتجت نظام إقتصاد (النفط مقابل الغذاء)، كردة فعل على (ظلم الأمم المتحدة)، إقتصاد بطاقة التموين/التعداد/التأمين الصحي أو التعليمي أو التعداد أولاً، من أجل منع السرقة/الغش/الفساد،
وعلى ضوء هذه الأسس كان مشروع صالح (التايواني)، كبديل عن مفهوم (الإنقلاب/التغيير) الذي حاول والدي تنفيذه، في أكثر من دولة ما بين دجلة والنيل، كما يقول أهل الإعلام ما بين 1970-1974.
من خلال تكوين (الشركة القابضة)، لتجمع (الإخوة الأعداء)، داخل أي أسرة، لتكون أساس دولة العدالة الاجتماعية والمنافسة الحرة، من خلال توفير الكهرباء (الأرخص)، لتشغيل آلة (الروبوت)، في مساعدة الإنسان والأسرة والشركة المنتجة للمنتجات الإنسانية على إنتاج منتجات بسعر (منافس)، تتمكن من المنافسة في سوق صالح (الحلال)، أي البضاعة بلا غش (فلان)، والعقد بلا فساد من أجل شفاعة أو محسوبية (علان)، الذي يتواجد في دائرة البريد التابعة لوزارة الاتصالات في أي دولة.??
??????
مقال جميل ومنطقي .
يجب على الاردن تنويع مصادر الطاقه ولا يجب عليه وضع بيضه في سله واحده .
من الافضل على الاردن تحلية مياه البحر الاحمر لوحده .
ولنا في أوروبا وروسيا عبره.
الحرب الاوكرانيه ساعدت في صحوه أوروبا ولو متاخره بأنه كان من الخطأ الاعتماد على روسيا في مجال الغاز والنفط.
اسرائيل في كل مره تحدث خلافات سياسية معها تهدد الاردن بالوطن البديل واخر مره هددت اسرائيل الاردن بهذا الأمر عندما انتقد الخصاونة سياسة إسرائيل أثناء الأحداث في المسجد الأقصى.
ويجب أن لا ننسى خبث اسرائيل في عدم الالتزام بالمعاهدات عندما بعثت اسرائيل بمياه المجاري الي الاردن
شكرًا أهي مروان المعشر. ليسفقط الأردن بل كل الدول العربية تملك خيارات اقتصادية وسياسية عدا التودد لإسرائيل والتعامل معها والتطبيع معها والتتبيع معها! لكن الأنظمة العربية لاتهتم كما نعلم لاتهتم بمصالح دولها وشعوبها بل بسلطتها وتسلطها.
*متى يقتنع ساسة (العرب) أن الكيان الصهيوني
وعوده كاذبة ومضللة وغادرة وخبيثة ..؟؟!!
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والحمدلله رب العالمين على كل حال.
اخونا مروان في مفاضلة الوجودي مع الاقتصادي افترض ان موقف الطرفين من تاطير الوجودي والاقتصادي يتفق تماما مع فهمه للامور وهنا مكمن الجدال بمعنى ان دولة الصهاينة العميقة التي لم تقبل لبشار بديلا طوال العشر سنوات الماضيه خوفا من بديل سني اتصاله فرضا بالعمق السني السعودي الباكستاني المصري التركي افضل ستقبل بكل تأكيد مستويات معقدة من الخلاف السياسي مع الجانب الاردني والقصد اننا وجوديا يجب ان نستفيد من وجودنا الاستراتيجي للعدو في رفع العبء الاقتصادي عليهم سواء في الطاقة او المياه وحتى في الكثير من المواضيع الاقتصاديه المباشره التاثير غلى المشهد وفي لحظة شعورنا استخدامهم لمثل تلك المواضيع سياسيا وقتها لن نعدم الوسائل التي تحقق مصالحنا الاستراتيجيه