ثمة اسئلة تفرض نفسها، مع محاولة المراقب قراءة التوجهات الرئيسية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من منظور موضوعي بعيدا عن اي اجندة جاهزة، او مواقف مسبقة، او مواقع متخندقة، وتتعلق اساسا بأن كان تعلم شيئا من سقوط حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك اثر اندلاع ثورة يناير التي اطاحت ثلاثة عقود من الديكتاتورية في ثمانية عشر يوما؟.
بالطبع تبقى تلك الاسئلة شبه سرية، في ظل حالة اعلامية منفلتة مشوهة، ذات نغمة واحدة ولون واحد، وغير مسبوقة حتى في عهد مبارك نفسه الذي سمح دائما بهامش، تباينت مساحته عبر السنين، من حرية الرأي بما في ذلك القدرة على توجيه الانتقاد لشخصه وسياساته.
الا ان مناقشتها اصبحت حتمية في هذا التوقيت، لسببين رئيسيين: اولا- اعتماد النظام سياسة الايغال في قمع الحريات وتكميم الافواه ردا على تصاعد الاعمال الارهابية. وثانيا- استخدام الانتخابات كورقة سياسية لارضاء الحليف الامريكي خارجيا، واقصاء اي معارضة سياسية داخليا.
– اما على صعيد الحريات والحقوق:
1- من الواضح ان هناك قناعة خاطئة تحكم سلوك النظام مفادها ان القمع والكبت يستطيعان مكافحة الارهاب. ويمكن بسهولة ملاحظة العلاقة الطردية بين الاجراءات القمعية والعمليات الارهابية خلال الشهور الماضية. وهو نهج ابتدعه مبارك نفسه. وبديهي لو ان تلك القناعة صحيحة لكانت نجحت في عهده، ولما اطاحته في النهاية ثورة بدأ الفلول حملة لمنع الاحتفال بها، وجعل الخامس والعشرين من يناير يوما للاحتفال بعيد الشرطة و»حماية السيسي»(..).
2- يوفر النظام دعما غير رسمي لاشاعة اجواء من الترهيب الجمعي لمعارضيه عبر وسائل الاعلام، ومثال ذلك الحملة الموتورة التي شنتها قناة تعتبر بوقا رسميا لـ «جهاز امن الدولة»، والتي طالبت بالقتل الفوري للمتهمين بالارهاب بلا قانون او محاكمات، وذلك في اعقاب الهجوم الارهابي المدان بكل قوة على جنود الجيش المصري في كرم القواديس.
3- بالرغم من ان مصر تلقت في اجتماع المجلس الدولي لحقوق الانسان في جنيف الاسبوع الماضي عددا قياسيا من الاسئلة والانتقادات والاحتجاجات، يتجه النظام الى اتخاذ اجراءات قمعية ضد عدد كبير من منظمات المجتمع المدني التي «لم توفق اوضاعها» حسب قانون لا يليق ببلد ثار على الظلم وقدم آلاف الشهداء والمصابين من اجل الحرية.
4 – بعد ان انشأ الاعلاميون المؤيدون للنظام «غرفة لصناعة الاعلام» تمنع الفضائيات من استضافة اي شخص ينتقد السيسي او حتى الحكومة، يتجه صحافيون من الاتجاه نفسه لانشاء (غرفة صناعة الصحافة) التي ستقوم بالدور نفسه، في بلد لم تعد تصدر فيه صحيفة معارضة واحدة، من بين مئات الاصدارات الصحافية المنتظمة، بالرغم مما يملكه من تراث صحافي عريق. وتاريخيا يدرك من يعرفون مصر جيدا انه كان دائما فألا سيئا ان يقوم الحاكم باغلاق الصحف المعارضة ومنع الآراء المخالفة، بدءا من الرئيس الراحل انور السادات الذي اغتيل بعد فترة وجيزة من اغلاق صحيفة (الشعب)، الى مبارك الذي اطاحه الشعب بعد اسابيع من اكبر حملة اغلاق للقنوات الفضائية.
– اما على صعيد الانتخابات البرلمانية المرتقبة:
1- فان السيسي ارتكب خطيئة سياسية عندما اعلن قبل يومين عن تاريخ شبه محدد لاجراء الانتخابات البرلمانية اثناء استقباله وفدا من رجال الاعمال الامريكيين، بدلا من ان يعلن ذلك اولا امام الشعب المصري. ولعل ذلك يشي بالهدف الحقيقي من اجراء الانتخابات، وهو الاستكمال الشكلي لخارطة الطريق، وبالتالي استكمال خطوات «شرعنة النظام»، وازالة ما بقي من تحفظات او عوائق امام الحصول على مساعدات اوروبية وامريكية بشكل خاص. وقد كانت هذه بالتحديد منهجية مبارك في اجراء الاصلاحات السياسية منذ العام 2005، اذ كانت جميعها مصممة لارضاء واشنطن وليس لتحقيق الديمقراطية، وكانت النتيجة هي انه بمجرد ان تحرك الشعب كانت واشنطن اول من تخلى عن حليفها القديم، وهو ما يشعره بالمرارة اكثر من ثورة الشعب ضده.
2- ان الهاجس الرئيسي الذي يحكم مقاربة النظام بالنسبة الى تشكيل البرلمان المقبل هو عدم السماح بوجود اي معارضة للنظام بين نوابه. ولم يخف السيسي مخاوفه بهذا الشأن، عندما قال في تصريحات منشورة ان (الدستور منح البرلمان القدرة على اقالة الرئيس لذا يجب ان يأخذ الناس بالهم جيدا)، وعلى هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة قال( اذا وصل الاخوان الى البرلمان فان الشعب سيلغيه). وهي تصريحات تمثل وصاية واضحة على الشعب في اختيار نوابه. وبالطبع يستدعي هذا النهج تلقائيا قرار نظام مبارك باسقاط كافة المعارضين تقريبا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العام 2010.
فهل، الى هذه الدرجة حقا، يمكن ان يفشل نظام السيسي في تعلم اي دروس من مصير مبارك؟
رأي القدس
يمكن اختصار فكرة راي القدس الغراء والمعلقين الافاضل بحديث قال العلماء بضعفه ولكنه روي موقوفا عن ابن مسعود ( السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اعتبر بنفسه ) وفكرة الحديث صحيحة حتى وان حكم بضعف الحديث واحيانا يكون الحديث موضوعا ولكن معناه صحيح . ان اي شخص يستقرىء الاحداث والوقائع منذ لحظة الانقلاب ( السيساوي ) ليحكم ان السيسي ليس من السعداء وحتما سيكون من الاشقياء وهو الذي لم يتعظ ممن سبقوه . تحياتي للاخت غادة الشاويش وقد بدات تعليقها بان الله لا يحب للطغاة ان يتعظوا من غيرهم وفكرة الاخت غادة هي ما عبر عنه الله سبحانه وتعالى بقوله في الاية السابعة من سورة البقرة ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) . روي عن احد الصالحين دعاؤه على الظالمين بقوله : اللهم اسلبهم الحلم – فاذا ما فقدوا الحلم فقد بطشوا وفي القرآن الكريم ( واذا بطشتم بطشتم جبارين ) والاشارة هنا لطيفة ذلك ان الله يتهم هؤلاء الطغاة بمنازعة الله رداء الكبرياء اذ لا جبار الا جبار السموات والارض ، عندها ينطبق على الطاغية الحديث القدسي الشريف : الكبرياء ردائي من نازعني اياه قصمته ولا ابالي . انا شخصيا لا اشك بشقاء السيسي ومصر ولله الحمد ولاّدة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركانه
لقد نشرت لي القدس العربي أكثر من تعليق حول السيسي بعد الانقلاب على الشرعية الديمقراطية ” الاولى ” من نوعها في مصر العروبة والاسلام في صيف 2013 وأعود فأقول اليوم…
أن السيسي باشا هو صنيعة الغرب بأمتياز.. الشرط الاساسي للغرب واَل صهيون هو عزل مصرعن الامة العربية وبالتالي تحييد ثقلها الستراتيجي والبشري والاقتصادي …ألخ وهذا ما تم فعلاً في أتفاقات ” أسطبل داود ” (كامب ديفيد) عام 1979 زمن أنور السادات مروراً بحسني السيد مبارك ولغاية أستقرار الامور بيد عبد الفتاح السيسي…ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم !!!