هل يتعلم السيسي الدرس من مصير مبارك؟

حجم الخط
32

ثمة اسئلة تفرض نفسها، مع محاولة المراقب قراءة التوجهات الرئيسية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من منظور موضوعي بعيدا عن اي اجندة جاهزة، او مواقف مسبقة، او مواقع متخندقة، وتتعلق اساسا بأن كان تعلم شيئا من سقوط حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك اثر اندلاع ثورة يناير التي اطاحت ثلاثة عقود من الديكتاتورية في ثمانية عشر يوما؟.
بالطبع تبقى تلك الاسئلة شبه سرية، في ظل حالة اعلامية منفلتة مشوهة، ذات نغمة واحدة ولون واحد، وغير مسبوقة حتى في عهد مبارك نفسه الذي سمح دائما بهامش، تباينت مساحته عبر السنين، من حرية الرأي بما في ذلك القدرة على توجيه الانتقاد لشخصه وسياساته.
الا ان مناقشتها اصبحت حتمية في هذا التوقيت، لسببين رئيسيين: اولا- اعتماد النظام سياسة الايغال في قمع الحريات وتكميم الافواه ردا على تصاعد الاعمال الارهابية. وثانيا- استخدام الانتخابات كورقة سياسية لارضاء الحليف الامريكي خارجيا، واقصاء اي معارضة سياسية داخليا.
– اما على صعيد الحريات والحقوق:
1- من الواضح ان هناك قناعة خاطئة تحكم سلوك النظام مفادها ان القمع والكبت يستطيعان مكافحة الارهاب. ويمكن بسهولة ملاحظة العلاقة الطردية بين الاجراءات القمعية والعمليات الارهابية خلال الشهور الماضية. وهو نهج ابتدعه مبارك نفسه. وبديهي لو ان تلك القناعة صحيحة لكانت نجحت في عهده، ولما اطاحته في النهاية ثورة بدأ الفلول حملة لمنع الاحتفال بها، وجعل الخامس والعشرين من يناير يوما للاحتفال بعيد الشرطة و»حماية السيسي»(..).
2- يوفر النظام دعما غير رسمي لاشاعة اجواء من الترهيب الجمعي لمعارضيه عبر وسائل الاعلام، ومثال ذلك الحملة الموتورة التي شنتها قناة تعتبر بوقا رسميا لـ «جهاز امن الدولة»، والتي طالبت بالقتل الفوري للمتهمين بالارهاب بلا قانون او محاكمات، وذلك في اعقاب الهجوم الارهابي المدان بكل قوة على جنود الجيش المصري في كرم القواديس.
3- بالرغم من ان مصر تلقت في اجتماع المجلس الدولي لحقوق الانسان في جنيف الاسبوع الماضي عددا قياسيا من الاسئلة والانتقادات والاحتجاجات، يتجه النظام الى اتخاذ اجراءات قمعية ضد عدد كبير من منظمات المجتمع المدني التي «لم توفق اوضاعها» حسب قانون لا يليق ببلد ثار على الظلم وقدم آلاف الشهداء والمصابين من اجل الحرية.
4 – بعد ان انشأ الاعلاميون المؤيدون للنظام «غرفة لصناعة الاعلام» تمنع الفضائيات من استضافة اي شخص ينتقد السيسي او حتى الحكومة، يتجه صحافيون من الاتجاه نفسه لانشاء (غرفة صناعة الصحافة) التي ستقوم بالدور نفسه، في بلد لم تعد تصدر فيه صحيفة معارضة واحدة، من بين مئات الاصدارات الصحافية المنتظمة، بالرغم مما يملكه من تراث صحافي عريق. وتاريخيا يدرك من يعرفون مصر جيدا انه كان دائما فألا سيئا ان يقوم الحاكم باغلاق الصحف المعارضة ومنع الآراء المخالفة، بدءا من الرئيس الراحل انور السادات الذي اغتيل بعد فترة وجيزة من اغلاق صحيفة (الشعب)، الى مبارك الذي اطاحه الشعب بعد اسابيع من اكبر حملة اغلاق للقنوات الفضائية.
– اما على صعيد الانتخابات البرلمانية المرتقبة:
1- فان السيسي ارتكب خطيئة سياسية عندما اعلن قبل يومين عن تاريخ شبه محدد لاجراء الانتخابات البرلمانية اثناء استقباله وفدا من رجال الاعمال الامريكيين، بدلا من ان يعلن ذلك اولا امام الشعب المصري. ولعل ذلك يشي بالهدف الحقيقي من اجراء الانتخابات، وهو الاستكمال الشكلي لخارطة الطريق، وبالتالي استكمال خطوات «شرعنة النظام»، وازالة ما بقي من تحفظات او عوائق امام الحصول على مساعدات اوروبية وامريكية بشكل خاص. وقد كانت هذه بالتحديد منهجية مبارك في اجراء الاصلاحات السياسية منذ العام 2005، اذ كانت جميعها مصممة لارضاء واشنطن وليس لتحقيق الديمقراطية، وكانت النتيجة هي انه بمجرد ان تحرك الشعب كانت واشنطن اول من تخلى عن حليفها القديم، وهو ما يشعره بالمرارة اكثر من ثورة الشعب ضده.
2- ان الهاجس الرئيسي الذي يحكم مقاربة النظام بالنسبة الى تشكيل البرلمان المقبل هو عدم السماح بوجود اي معارضة للنظام بين نوابه. ولم يخف السيسي مخاوفه بهذا الشأن، عندما قال في تصريحات منشورة ان (الدستور منح البرلمان القدرة على اقالة الرئيس لذا يجب ان يأخذ الناس بالهم جيدا)، وعلى هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة قال( اذا وصل الاخوان الى البرلمان فان الشعب سيلغيه). وهي تصريحات تمثل وصاية واضحة على الشعب في اختيار نوابه. وبالطبع يستدعي هذا النهج تلقائيا قرار نظام مبارك باسقاط كافة المعارضين تقريبا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العام 2010.
فهل، الى هذه الدرجة حقا، يمكن ان يفشل نظام السيسي في تعلم اي دروس من مصير مبارك؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر-:

    السلام عليكم
    ((هل يتعلم السيسي الدرس من مصير مبارك؟))
    سؤال وجيه ولكن يبغي أن يكون في حجم أكبر وبحروف أكبر من حجمها((هل حكام العرب يستفدون ممن سبقهم من الحكام الفاشلين؟؟؟))
    الجواب: كل يعيش في كوكبه السماوي ولا احد يلتفت ولا حتى يسرق السمع ويخطف النظر على ما يدور حوله من تحولات جذرية على كافة الاصعدة وهذا ما نسميه قمة الارهاب والتطرف والديكتاتورية …وبالتالي سيكون مصيرهم مصير الاول والثاني وهكذا دواليك ..إنهم قوم لايقرؤون الاحداث وإن قرؤوها قزموها ولايعطوا لها الابعاد الاستراتيجية …لقد مرّ على مصر ثلاث رؤساء كل واحد له مثالبه وسوء تسييره وبعض من محاسنه ولكن لا أحد استفاد لا من الأخطاء ولا من الحسنات الأول..
    وما مصر إلا نموذج للعرب إذا فتشنا في تاريخ الايام القليلة جدا نجد الادهى والامر سواء في العراق أو اليمن أو الجزائر أو سوريا أو ليبيا أو تونس وغيرها من الدول وحسب منظوري (القصير المدى) مرده الى:
    1-القبضة العسكرية التي تريد الحكم والتحكم
    2-وسائل الاعلام العوراء التي لاتنظر الى الامور إلا بعين واحدة
    3-حب التملك والسيطرة والكرسي
    4-نمو مجموعة ذات اذرع اخطوبوطية حول العرش لتمص خيرات البلاد والعباد بإسم الشرعية الثورية والعسكرية والخوف والتخويف
    5- وغيرها من الاسباب المباشرة وغير المباشرة
    خلاصة:
    سيكون مصير كل من لم يستفد من الدرس إمّا:موتة القذافي(رحمه الله)أو سجن (مبارك) أو طرد(بن علي) أو شماتة(عبدالله صالح) أو اختفاء( الاسد )ما بين جدرن القصر السجن…
    إنهم قوم قالوا على غيرهم دون حساب النتائج متلاعبين بمصير الشعوب:((تلك أمة خلت لها ماكسبت ولنا ما كسبنا))1.1
    ملاحظة
    (1.1) لم أقصد بها الاية القرآنية ولكن كمثال مقتبس من كلمات الآية-شكرا-

  2. يقول غادة الشاويش:

    عادة لا يحب الله تعالى للطغاة ان يتعلموا من اخطائهم انهم يصرون عليها حتى النهاية لان الله يريد لهذه النهاية ان تكون فظيعة (القذافي ) الذي عرض عليه ان ياخذ امواله وينقلع بعيدا عن صدر الشعب المسكين الذي هو ضحية جنونه رفض لماذا واصر حتى النهاية حتى يموت اذل موتة واصعبها ويبوء باكبراثم وتتحرر الشعوب بعد تعويض تقاعسها عن النضال في وجه الطغاة وتدرك ان ثمن الحرية صعب وهو الدم فلا تفرط بها ثانية لاقطاعيات عائلية قذرة تسمي نفسها جمهوريات ولا الى فراعنة
    الم تر كيف فعل ربك بعاد ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ان ربك لبالمرصاد
    وزارة المستضعفين تكاد ترى جثة السيسي والاسد وعبد الله صالح معلقة على بوابات العواصم امو ميتة كما نوري السعيد وبئس المصير

  3. يقول قاسم عبدالله:

    السيسي و جماعته مشغولون بتهديم ما بقى من مصر و الذي لا يستطيعون تهديمه يبقى رهين دولة غارقة في الديون و المشاكل.

  4. يقول Khaled:

    طبعا تعلم ولذلك سحق المعارضة منذ اليوم الأول واقفل جميع القنوات وزج بجميع القيادات في السجن. اظن مبارك كان ارحم حيث انه كان ضامن لنفسه البقاء سنين فلم يستعجل بالسرقة ولكن السيسي عارف انه لن يدوم طويلا فهو يستعجل في لم الأموال وتسيلها الى الخارج ولا تستغربوا ان تصحوا يوما وتسمعوا ان السيسي في جزر الكاريبي

  5. يقول م . حسن . هولندا:

    بعد السلام وآخر الحروب , أصبح الجيش عاطل عن العمل . فأقتحم الحياة المدنية والإقتصادية بالداخل بعد الإنفتاح , وحارب اللواءات بشراسة رجال الأعمال بفرض الشراكة عليهم أو تدمير النشاط , بعد أن هيمنت أجهزة الأمن علي مقدرات البلاد والثروات , وهيمن اللواءات علي مفاصل الدولة والإقتصاد بإستخدام أسلحة القضاء والإعلام والبلطجة والقهروالقوة , توسعت إنجازاته بالمحسوبية بتعيين الأولاد والأقارب والأنساب حتي أصبحت الدولة كلها في بطن الأجهزة الأمنية وما تبقي من جيش يهش وينش . تحولت مصر الي مستعمرة للإستبداد والإستبعباد والفساد والتزوير وإرهاب الدولة والإضطهاد , زيادة الضغط أدى الي الإنفجار . رفض الشعب كل رموز الماضي الكئيب , حتي جاء مرسي الي الواجهة فقط , ومن أجل حصر الأعداء توطئة للقضاء عليهم وسحقهم الي الأبد , حتي لا يفكر الشعب المصرى مرة أخرى في الحرية أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان , وحتي يستنجد بقاهرة لتخليصة من العذاب .

  6. يقول Bertrand Russell 1970:

    I doubt that General Al Sisi will learn lessons of past history from fate of Sadat and Mubarak, because Al Sisi broke the Law by his military coup

    those who cannot remember the past are condemned to repeat it

    George Santayana
    American philosopher

  7. يقول م . حسن . هولندا:

    متي يفهم هؤلاء الزعماء ال … , والقادة ال …, أن التعددية هي سنة الحياة . التعددية السياسة والفكرية والتعددية الإقتصادية والثقافية والإجتماعيه وجميع مناحي الحياة . الفكر الواحد ديكتاتورية وإحتكار وقح للرأى , الوطن ملك الجميع , ومخاطرة مثل مخاطر التعميم . الشورى والنقاش والحوار تحت قبة البرلمان . ولو شاء ربك . العسكروالأمن فقط لايصلحون .

  8. يقول صحراوي من الساقية الحمراءو ودي الذهب:

    الجواب لدى المصريين فهم ادرى بالسيس و امثاله ,وهم ادرى ببلدهم وشعبهم , لكن وجهت نظري ,يبدو ان الجيوش العربية أو بالأحرى القاد الفاشلين هم من يريدون الأنزلاق بشعوبهم الى هوة سيحيقة من التخلف عن الركب الحضاري ,فأمثال هولاء لا يستفيدون من دروس الاستعمار الذي هو اشد قوة و قدرة فما بالك ان يستفيدون من طغاة سبقوهم الى إرغاق شعوبهم في بحار من الجهل و الظلام ,فعلم أنك تشاهد المستهدف هو المثقف والعالم والخبير والمهندس والطبيب فأعلم ان هناك أجندة خارجية ,خصوصا مع هذا الكم الهائل من الأسراف في القتل و كأنما نبيد حشرات هولاء بشر حرمالله قتلهم الأ بحق ,فالعبرة ان الطواغيت العرب ستزول و الدوم لله وحده ,فأعتبرو يا أولى الاباب

  9. يقول Hassan:

    الحرية لا تهدى إنما تفتك وبالقوة إن لزم الأمر. قوة الإرادة والعقل بهما يسترجع أي شعب سلبت منه حريته فكيف بمن ذاق طعم الحرية ثم غدر به. العقل الباطن للشعب المصري لما قام بثورته لن يفرط فيها وإن بدا الأمر أن الغلبة للعسكر المصري ومن دعمه من عرب اعتقدت أنها قادرة على إرجاع الشعب المصر إلى ما هجر من ظلم واستبداد. واهمة تلك البلدان فوأد الثورة لن يتحقق ولن يحصل بحفنة من المال باعت فئة ذممها وغير واثقة مما تقوم به نحو شعب سوف يسترد حقه ولو بعد حين لأن ذاك الحق ليس فردي إنما هو للمجموعة.

  10. يقول مهاني فؤاد:

    لو تعلم السيسي الدرس من مصير مبارك لتعلمه هذا الأخير من السادات ولتعلمه السادات من جمال عبد الناصر وهتلر وبنوتشيه وفرعون وهامان وقارون.التاريخ
    مملوء منذ آلاف السنبن من مثل هؤلاء الجبابرة وليس هناك من يتعض.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية