هل يشمل قرار بوتين بيع الغاز بالروبل تركيا.. وهل يفتح الباب أمام التبادل التجاري بالعملات المحلية؟

إسماعيل جمال
حجم الخط
2

إسطنبول-“القدس العربي”: أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، أن روسيا لن تقبل سوى مدفوعات بالروبل مقابل إيصال الغاز إلى “دول غير صديقة” بما في ذلك جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك رداً على العقوبات الغربية الواسعة على روسيا بسبب غزوها العسكري المتواصل لأوكرانيا، في نقطة تحول جديدة يتوقع أن يكون لها ارتدادات سياسية واقتصادية كبيرة على دول المنطقة ومنها تركيا.
وقال بوتين خلال اجتماع حكومي نقله التلفزيون الرسمي: “قررت تنفيذ مجموعة من الإجراءات لجعل مدفوعات إمدادات الغاز إلى دول غير صديقة بالروبل الروسي”، ووجه بتنفيذ التغييرات في غضون أسبوع موضحاً أن ذلك يأتي ردا على تجميد أصول روسيا في الغرب بسبب هجومها على أوكرانيا.
وعلى الرغم من عدم تحديد بوتين الدول التي يستهدفها القرار بشكل دقيق إلا أنه وصفها بـ”الدول غير الصديقة” ويعتقد أنه يستهدف الدول الأوروبية بدرجة أساسية، ولا يشمل هذا التوصيف تركيا التي وصفها بوتين في أكثر من مناسبة بـ”الدولة الصديقة”.
ولكن بعيداً عن حيثيات قرار الرئيس الروسي الذي يعتبر بمثابة عقوبة مضادة ضد الاتحاد الأوروبي لا تستهدف تركيا، إلا أن فكرة شراء الغاز والنفط الروسي وحتى التبادل التجاري بالعملات المحلية كانت مطروحة بقوة بين أنقرة وموسكو اللتان اتفقتا في أكثر مناسبة على بدء العمل على تعزيز التبادل التجاري بالروبل الروسي والليرة التركية.
ومنذ سنوات يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتعزيز التبادل التجاري مع الكثير من دول العالم بالعملات المحلية وذلك لدعم الليرة التركية وتقليل العجز الكبير في الميزان التجاري الذي يعاني منه الاقتصاد التركي في السنوات الأخيرة بسبب فاتورة الطاقة المرتفعة.
هذا التوجه التركي يتلاقى إلى درجة كبيرة مع التوجهات الروسية بدعم الروبل الذي عانى طوال السنوات الماضية من العقوبات الغربية التي تصاعد بشكل كبير جداً عقب الحرب في أوكرانيا، كما أن تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي يمكن ان يمثل توجهاً مشتركاً لأنقرة وموسكو في هذه المرحلة، وإن اختلفت دوافع كل بلد المحركة لهذه الخطوة الواردة.
وتعتمد تركيا على استيراد الطاقة من الخارج بشكل شبه كامل بقيمة تصل إلى قرابة 45 مليار دولار سنوياً جزء مهم منها يأتي من روسيا وتمثل واردات الطاقة المرتفعة بالدولار الأمريكي أكبر معضلة للحكومة التركية وأبرز مسببات العجز في الميزان التجاري الذي ما زال يتسع على الرغم من وصول الصادرات التركية عام 2021 إلى قرابة 225 مليار دولار وهو رقم تاريخي غير مسبوق.
وإلى جانب واردات الطاقة، هناك تبادل تجاري كبير بين روسيا وتركيا بلغت قيمته السنوية الاجمالية العام الماضي 34 مليار دولار، وفي حال نجاح البلدين في الاتفاق على الانتقال التدريجي للتعامل بالعملات المحلية يمكن أن يمثل ذلك نقطة فارقة مهمة لاقتصاد البلدين، لكن اقتصاديون يتحدثون عن صعوبة كبيرة وتعقيدات مختلفة تعترض طريق هذا التوجه القديم الذي لم يطبق إلا بدرجة محدودة جداً بعد.
ورفضت تركيا حتى اليوم المشاركة في العقوبات الغربية الواسعة التي فرضت على روسيا عقب بدء الحرب في أوكرانيا، وتؤكد أنقرة أنها تعارض سياسة العقوبات من حيث المبدأ وترفض المساس باحتياجات الشعوب الأساسية، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده سوف تتخذ موقفها من الأزمة الأوكرانية بناء على مصالحها الوطنية و”دون خسارة روسيا أو أوكرانيا”، وهو الموقف الوسطي الذي ما زالت تطبقه أنقرة بدقة متناهية.
وقبل أيام، قال رئيس مجلس المصدرين الأتراك إسماعيل غولا، إن التجارة باستخدام العملات المحلية سيكون الحل الأفضل في مواجهة قرار استبعاد روسيا من نظام تحويل الأموال العالمي “سويفت”، وأضاف أن التجارة باستخدام الليرة التركية ارتفعت حوالي 100 في المئة في شهر فبراير/ شباط الماضي، وأن ذلك سيشجع التجارة بالعملات المحلية بين الكثير من الدول.
ونقلت وكالة الأناضول عن غولا قوله: “الظروف التي نمر بها حالياً تدفعنا لاستخدام العملات الوطنية في التجارة. وقد ارتفعت التجارة بالليرة التركية بنسبة 100 في المئة تقريبا في شهر فبراير الماضي وسيشجع هذا الاستمرار في استخدام العملات الوطنية في التجارة الخارجية. والحل سيكون من خلال النظام الذي ستؤسسه البنوك المركزية للتبادل التجاري بالعملات المحلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فضيل دزاير:

    أرجو من كل الأحرار في أوروبا والوطن العربي دعم الإقتصاد التركي ولو بيورو واحد وذلك باستهلاك السلع التركية ما أمكن. تركيا تستحق الدعم، إنها دولة مستقلة تقوم بمشاريع عملاقة لصالح الأتراك والإنسانية جمعاء (في نظري).

  2. يقول رضوان ابوعيسى:

    هذا تحدي كبير وخطير حول التعامل بغير الدولار كعملة واختيار التعامل باليوان، فلازاحة الدولار تحتاج الى عملة قوية منافسة للدولار كاليوان وليس عملات ضعيفة كالروبل او الليرة لانك تحتاج لتعود الى الدولار لتقيمها. فالصين هي المنافس الحقيقي للاقتصاد الغربي لكن الامر ليس بهذه البساطة فالتوازن القوى في العالم مازال يرجح كفة الغرب ليس بالاقتصاد او القوى العسكرية بل السياسية والثقافية والاعلامية والتكنولوجيا وووو كلها تدخل في التوازنات العالمية فالصين مازالت تحتاج الى التقدم في كل هذه المجالات. اما العدوان بوتين الاخير على اوكرانيا قد اعطى الغرب قوة دفع جديدة بعد ان كان قد بدأ فعلا في النزاعات والصراعات الداخلية بين دوله وحتى داخل كل دولة، فهل سعى الغرب لها؟

إشترك في قائمتنا البريدية