ثمة الكثير الذي يغري، وينفع الناس أغلب الظنّ، في إجراء دراسة موثقة محكّمة تقارن بين سلوكيات جيوش الأنظمة العربية إزاء انتفاضات الشعوب، منذ 2011 وحتى الساعة؛ ابتداءً من تونس وليبيا ومصر واليمن، وانتهاءً بالبحرين وسوريا والجزائر والسودان. بعض خلاصات دراسة كهذه سوف تسرد قواسم مشتركة عديدة بين عسكرتاريا الأنظمة هذه، في رأسها التشبث بالسلطة وكراهية تسليمها أو تناقلها، ورفض مغادرة القصور الرئاسية مع احتلال الثكنات في آن معاً، وتكريس عبادة السلاح وتقديس “جيش الوطن”. كما ستسرد فوارق، بعضها ملموس وبعضها صارخ، في مدى استعداد كلّ جيش لإراقة الدماء وتخريب البلاد واستخدام أيّ وكلّ سلاح فتاك ضدّ الشعب.
من جانبي، شخصياً، لا أتردد في منح جيش النظام السوري، وتحديداً خلال49 سنة من حكم آل الأسد، بشراكة عوائل الاستبداد والنهب والفساد المعروفة؛ قصب السبق في الوحشية والبربرية والعنف العاري، وفي فقدان حسّ الانتماء إلى الوطن، والانحياز في المقابل إلى العائلة والعشيرة والطائفة أوّلاً وأخيراً. ما من جيش لأيّ من الأنظمة السالفة، بما في ذلك جيش العقيد الملتاث معمر القذافي، اقتلع أظافر الأطفال وأطلق النار على المتظاهرين العزّل منذ الساعات الأولى لاندلاع التظاهرات السلمية؛ وبالتالي للمرء أن يتخيّل، محقاً بالطبع، مآلات جميع الانتفاضات العربية لو أنها جوبهت بجيوش على غرار جيش حافظ وبشار وماهر الأسد.
وتلك دراسة تنفع، راهناً، في قراءة مشهد السودان بعد أن أعلن وسيط أثيوبيا ومنظمة الوحدة الأفريقية التوصّل إلى مسودة لوثيقة اتفاق نهائي بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرّية والتغيير، يتوجب أن تشمل الإعلانين السياسي والدستوري، كما يتوجب أن تنظّم مسارات الحكم في مستوياتها السيادية والتنفيذية والتشريعية. ومن الخير، هنا، التشديد على مدلولات الفعل “يتوجب”، إذْ أنّ التوقيع على الوثيقة تأجل من الخميس إلى مساء أمس السبت، وليس من المؤكد أن سلسلة القضايا العالقة (مهلة إرجاء تشكيل المجلس التشريعي، النسبة المئوية لقوى “الحرّية والتغيير” بالقياس إلى نسبة العسكر في عضوية المجلس، شخصية رئيس الوزراء، مرجعيات السلطة التنفيذية، مواقف الأحزاب خارج الكتل الستّ التي تشكّل مجموعة “الحرّية والتغيير”، التحقيق في مجزرة فضّ الاعتصام…)؛ سوف تجعل التوقيع سلساً وميسّراً وآمناً.
وحتى لو تمّت مراسم التوقيع، بالأحرف الأولى كما يتردد، وشهد عليها مندوبو دول عربية وأفريقية ودولية، وأقيمت الاحتفالات بانتصار تمهيدي لانتفاضة شعبية سلمية تجاوز عمرها الفعلي الأشهر الستة؛ فإنّ الأسئلة الأخرى، المنبثقة من الباطن العميق لإرث العسكرتاريا العربية وتقاليدها، سوف تظلّ قائمة ومطروحة وملقاة مثل حجر ثقيل على منضدة المستقبل: هل يمكن للجيش السوداني أن يفعلها، فيغرّد خارج سرب الجيوش العربية، وينحني أمام الإرادة الشعبية؟ وهل يفعل ذلك، حقاً، وهو وريث دكتاتوريات عسكرية وانقلابية متعاقبة لم تكن ثلاثة عقود من سلطة عمر حسن البشير سوى أحد فصولها؟ ومَن الذي سيفعلها: أمثال عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو وسواهما من الضباط الأعلى إخلاصاً لشخص البشير حتى عهد قريب، والأشدّ انتماءً اليوم أيضاً إلى الإرث الانقلابي إياه؟ وما معنى الإعلان عن إحباط محاولة انقلاب عسكرية في هذا الظرف الراهن تحديداً، قبيل ساعات على توقيع مسودة الوثيقة؟
نعرف، في كلّ حال، أنّ المجلس السيادي المزمع تشكيله سوف يحكم لمدّة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات، وفي عضويته سوف يحضر العسكر بعديد ملحوظ، والأهمّ من هذا أنهم سوف يحافظون خارج المجلس على سطوة الجيش دون أيّ مساس بحجمه أو قوّته أو صلاحياته؛ يستوي في هذا أن تبقى بعض الكتائب في صيغتها النظامية، أم يواصل بعضها الآخر صفة الميليشيا الجنجويدية على شاكلة “قوات الدعم السريع”.
ونعرف، استطراداً، أنّ جنرالاً شبّ على الانقلاب، سوف يحلو له المشيب عليه خلال المرحلة الانتقالية!
ليش ما سمعت تغريد المغتَصَبات في فض الإعتصام من قبل عسكر السودان !!
مازلنا نراهن على الشعب السودانى ومدى جهوزيته للعودة لآلياته من تظاهر وعصيان مدى وقتما تطلب الامر وظهر من العسكر تبرمهم بالاتفاقات ورغبتهم فى الاستفراد مع إصطفاف المعارضة بعيدا عن الإستقطاب والتفرق ..
اذا كانت اغلب الشعوب العربية تحترم العسكر او شيخ القبيلة او رجل الدين اكثر من العلماء والاكاديميين والمثقفين والكتاب فما الذي يجعلهم يتخلون عن مكانتهم الاجتماعية
إضافة إلى حالات الإغياب والاغتصاب الموثقة في مجزرة فض الاعتصام بالسودان… هذه أول نظرة موضوعية شاملة وخاطفة من الأخ صبحي بالفعل إلى وضع العسكرتاريا المتسلطة في بلادنا العربية المنكوبة منذ أيام الجلاء المزعوم من المستعمر الأجنبي… !!!
الدراسة موجودة تقريبا في كتاب “الشعب يريد” للكاتب د. جلبير اشقر
هذه الدراسة ليست هي الدراسة المطلوبة… هذه الدراسة تدعي النظر إلى العسكر من وجهة نظر (ماركسية) فلا هي من ماركس ولا هي من واقع العسكر في شيء… !!!
ليس دفاعا عن العسكر ولكن للحقيقة اقول ان الانظمة العربية وجوه لعملة واحدة بغض النظر عن ميولها فكم من حكومات عربية مدنية كانت قبل تولي الحكم – معارضة – تطلق الشعارات الرنانة لخداع الشعب وبعد تمكنها كشرت عن انيابها وفاقت العسكر في قمعها واستبدادها فحقوق الانسان بصفة عامة ثقافة مترسجة في العقول وهدا ما تفتقده الانظمة العربية وليست عناوين عريضة لخداع الشعوب والضحك على دقونها.
لا يختلف عسكر حميدتي عن عسكر بلحة عن عسكر القايد عن عسكر حفتر عن عسكر النمر(الأسد) عن عسكر المنشار . كلهم ملة واحدة،يعملون من أجل الكرسي ولو ذبحوا الناس جميعا، ولكنهم ينكصون على أعقابهم أمام أعداء الأمة. الآن يراوغون ويماطلون في الخرطوم، لأنهم يريدون حصانة تحميهم من المساءلة عن الدم الذي سفكوه في اعتصام القيادة العامة. عظم الله أجر العرب في ثورة السودان!