هل يمكن القضاء على تنظيم ‘القاعدة’؟

حجم الخط
12

ما أن تكتب كلمة ‘القاعدة’ وتضغط على زر البحث في قاعدة بيانات وكالات الانباء العالمية حتى تطالعك عشرات الأخبار، بعضها يثير التعجب، وبعضها الآخر، مهما ارتفع عدد القتلى والجرحى فيه، لم يعد يهمّ أحداً كأنه صار من طبيعة الأشياء مثله مثل أخبار الطقس.
آخر هذه الأخبار كان تحذير الولايات المتحدة مواطنيها من السفر للدول العربية واغلاق مقار بعثاتها الدبلوماسية امس الأحد في احدى وعشرين دولة من دول العالم الأمر الذي حذت حذوه ـ بدرجات متفاوتة – المانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا ودول أخرى بالضرورة، لم تظهر في الأنباء لقلّة شأنها، او لعدم رغبتها في إثارة اهتمام تنظيم ‘القاعدة’ كأهداف محتملة له!
على يمين وشمال هذا الخبر يقرأ الباحث خبر تحذير الشرطة الدولية (انتربول) من وجود مخاطر وقوع هجمات ارهابية بعد هروب مئات المعتقلين المتطرفين من سجون العراق وباكستان وليبيا، كما يقرأ أخباراً أخرى ما زالت تثير اهتمام وسائل الاعلام العالمية مثل تحقيق الشرطة البريطانية مع جمعية خيرية بشأن ارسال اموال الى ‘القاعدة’ في سورية، او محاكمة الضابط الامريكي السابق نضال حسن المتهم بقتل 13 شخصا في قاعدة فورت هود الامريكية، وقتلى الاشتباكات بين الامن التونسي و’ارهابيين’، وخبر وقوع قتلى في هجوم على ضابط عراقي كبير، او اخباراً أخرى فقدت، لشدة التكرار، اهتمام وسائل الاعلام مثل خبر هجوم يوقع 16 جريحا في جلال اباد بأفغانستان.
على امتداد المساحة الشاسعة لـ’فسطاطي’ بن لادن: العالم الاسلامي والعالم الغربي يبدو هذا الظهور الكثيف لتنظيم ‘القاعدة’ لغزاً كبيراً وتحدّياً ليس للولايات المتحدة الأمريكية (التي وضعت نفسها في موضع العدوّ الأول للتنظيم) بل للعالم ايضا.
بعد ‘غزوة نيويورك’ واجتياح افغانستان صار المشهد مفتوحاً لحرب جغرافيتها الكرة الارضية كلها.
لكن الولايات المتحدة وحلفاءها فوجئوا بأنهم كلما حاولوا القضاء على ‘القاعدة’ باجتياح البلدان واخضاعها واستخدام القوة كلما اتسع مدى التنظيم واستفحل أمره وتعذّر ايجاد حلول له!
ولعلّهم فوجئوا أيضا بأن تراجع الولايات المتحدة وانكفاءها التدريجي عن المنطقة الذي ابتدأ بانسحابها من العراق وبتردد ادارتها المستمر في شؤون الثورات العربية والثورة السورية خصوصا لم يخفف من تأثير تنظيم ‘القاعدة’ بل زاده قوة واشتعالا ومراساً واتساعاً.
أما المفارقة الكبرى ضمن هذا النزاع المهول فهي ان ضحاياه الأساسيين (على يد طرفي النزاع) هم من المسلمين!
محاضرات الولايات المتحدة الأمريكية لحلفائها العرب خصوصاً بضرورة الحلول السياسية وعدم اعتماد الحلّ الأمني لا ينسجم مع استراتيجيتها لمعالجة ظاهرة تنظيم ‘القاعدة’ باغتيال قادته ومطاردة عناصره وتهنئة ‘طغاة الديمقراطية’ الجدد مثل حكام العراق الحاليين على ممارساتهم ضد شعوبهم والتي لا تختلف عن ممارسات ‘القاعدة’ بل هي سبب مباشر في وجود هذا التنظيم واستمراره وقوته.
تنظر الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون والعرب الى تنظيم ‘القاعدة’ باعتباره أفراداً ارهابيين يجب مطاردتهم وقتلهم، في تجاهل للأسباب التي أدت الى ظهور هؤلاء ‘الارهابيين’، والأسوأ من ذلك، تجاهل المرارات الهائلة التي تخلقها السياسات الاقتصادية والاجتماعية والطائفية والتي تؤدي لاتساع الحاضنة الشعبية للتنظيم.
أفراد ‘القاعدة’ ليسوا أرقاماً يمكن استئصالها والتخلص منها بل سياسات متوحشة تهمّش البشر ولا تترك لهم خياراً غير أفكار اليأس والقتل والانتحار.
مواجهة سياسات أنظمة الاستبداد والطغيان (وعلى رأسها اسرائيل) هو الطريق الوحيد لحل موضوع ‘الارهاب’ و’القضاء على القاعدة’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعيد الداودي:

    أسال آبسال. بعد قراءتي لتعليق المسمى – حي يقضان- إستغربت كثيرا من إعجابك بما كتبه، اللهم إلا إذا كان إعجابك في تعليقه على الجانب الإنشائي للتعليق، وإن كنت أتحفض حتى على هذا الجانب. والطامة الكبرى أن يكون إعجابك بمضمون التعليق. بكل بساطة وبعد كل الأحداث التي تلت أحداث الحادي عشر من شتنبر لا يشكك عاقل أن القاعدة لم تكن أبدا من صنع أمريكا. إن العدو الأول والرئيسي الذي يقلق أمريكا وحلفاءها هو تنضيم القاعدة، فكيف لها أن تصنع عدوها وتحت أي ذريعة كانت، فلو كان لدى أمريكا أدنى طريق للقضاء على القاعدة لسلكته،

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية