القاهرة ــ «القدس العربي»: انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة (ورش الكتابة الإبداعية) التي من خلالها يتم تقديم أصوات جديدة، سواء في الرواية أو القصة. وربما يكون هذا الشكل التعليمي إلى حدٍ ما، هو البديل عن النوادي الأدبية والجلسات الثقافية، التي كانت قائمة في ما مضى، حيث المناقشات حول القضايا الأدبية والثقافية بشكل عام، أو إصدارات هذا الكاتب أو ذاك، ففكرة التعلم هنا كانت غير مباشرة، وقائمة على التعلم الذاتي والملاحظة والاستماع، لمن ينتوي أن يسلك طريق الأدب. أما الآن فنستعرض آراء خمس كاتبات مصريات خضن تجربة الورشة الإبداعية ــ من خلال ورشة (الخان) وأنتجن بالفعل خمسة مؤلفات في الرواية والقصة القصيرة، أصدرنها بالفعل عن دار الخان للنشر والتوزيع وهن، فاطمة عاصي، سامية حاتم، مريم عوض، ياسمين إبراهيم وياسمين غبارة.
■ في رأيكن ما الدافع إلى ورش الكتابة بشكل عام؟
□ ترى فاطمة عاصي أن ورش الكتابة تعتبر من أفضل الطرق لتعلم الكتابة الاحترافية، خاصة للأشخاص الموهوبين أو المهتمين بالكتابة، ذلك في حالة كونهم يعملون أو يدرسون في مجالات بعيدة عن الأدب والكتابة، ولكن من المهم التفرقة بين أنواع الورش، فقد تبدو في الظاهر متشابهة، ولكن بعد التعمق ستكتشف وجود ورش مهتمة بأسلوب الكتابة الاحترافية، بتعليمك أسسها وطــــرق تحليل الكــــتابات، وتعـــلم النقد والتعمق والوعي في القراءة، وهناك ورش تقدم خطوات الكتابة فقط، بدون التطرق لتنمية مهاراتك.
أما ياسمين غبارة، فترى أن الرغبة في الكتابة هي نوع من أنواع تلبية احتياج التعبير عن الذات عند الناس. وفي الماضي كان دخول عالم الكتابة والنشر شيء صعب تحقيقه، لكن الآن المجال أصبح مفتوح وزادت دور النشر جدا مؤخراً، وأصبح في إمكانية مَن له رغبة في نقل تجربته أو يعبر عن أفكاره وخياله في كتاب أو رواية، وبالتالي زاد احتياج وإقبال الناس على ورش الكتابة في محاوله منهم لصقل أعمالهم وتجهيزها للنشر.
■ وكيف كانت عملية الاختيار في ورشة الكتابة؟
□ تقول غبارة إنه لا توجد شروط لعملية الاختيار، بالعكس هي تقبل الجميع ومن يرغب في تطوير ذاته الإبداعية لأن ورشة الكتابة دورها اكتشاف ما بداخل المتدرب من إبداع. وتقول مريم عوض إنه لا توجد شروط في الاختيار، كما أن الورشة أتاحت لي فرصة التدريب أونلاين، خاصة أنا أعيش في الكويت والورشة مكانها مصر، وعبر الجلسات الأونلاين أنجزت ما أردت وهو كتابة الرواية. وتضيف سامية حاتم نافية شروطاً محددة في المشتركين، ولكن مسار الورشة كان يختلف حسب درجة تصديق المدرب في قدرات المتلقي أو المتدرب. وتؤكد ياسمين إبراهيم ذلك قائلة، بأن أي شخص لديه شغف الكتابة يستطيع الحضور.
■ وهل كانت الروايات الصادرة مؤخراً مشروعاتكن أثناء الورشة، أم تمت كتابتها بعد الانتهاء منها؟
□ تقول فاطمة عاصي.. كانت فكرة الرواية في الأساس هي السبب للبحث عن ورشة للكتابة الاحترافية، لإنتاج الرواية بشكل لائق، لذا بعد الانتهاء من ورشة الكتابة، بدأنا العمل على مشروع الرواية كورشة أخرى متممة لورشة الكتابة. تشاركها الرأي سامية حاتم، أما مريم عوض وياسمين إبراهيم فجاءتهما الفكرة أثناء الورشة واكتملت وانتهت بنهايتها.
■ عن ماذا تدور الروايات، بمعنى فكرة الرواية وعالمها؟
□ تدور رواية ياسمين إبراهيم «المرسم» حول صحافية تشعر بأنها على حافة الهاوية، حتى تجد مذكرات فنانة تشكيلية تؤثر على حياتها. أما رواية مريم عوض «صهيل الأرينا» فتحاكي المجتمع بعالمين متضادين، عالم الإنسان الذي أزيح الستار عن سلبياته لتوضع له حلول، وعالم الخيل الذي لا يعرف أسراره الكثير. أما فاطمة عاصي فتحكي روايتها «أيقتلنا الحنين؟» قصة ياسمين التي تدور حولها الكثير من القضايا التي تظهر صراعا مجتمعيا، وصراع أجيال. وتبدأ أحداث الرواية بطلاقها وإصابتها في حادث ثم تعود الأحداث لتروي قصة حياتها. وذلك من المرحلة الثانوية إلى الثلاثينيات من عمرها. بينما تدور المجموعة القصصية «رحمة» لياسمين غبارة عن حالات تعيشها الشخصيات، حالات من المعاناة التي ترافقهم لسنوات عمرهم. ومن أجواء المجموعة «إذا كان للألم لون فربما يكون الأحمر وإذا كان له شكلٌ فحوافُّه مدببة نافذة إلى أعمق الذكريات وأكثرها أماناً، حروف اسمه مُفَخمة غليظة تنتفض لها الأذن وتنعقد لها ملامح الوجه. رائحته كرائحة الدخان، رغم انزعاجك منها إلا أنك بشكلٍ ما تعتادها».
■ كيف ترين كتابات الأجيال الجديدة، من حيث الموضوعات والأسلوب؟
□ تقول عاصي.. أعتقد أن الحرية في الكتابات الجديدة واضحة، فأصبح هناك الكثير من المجالات والمواضيع، وكأي فن هناك أنواع مختلفة ومتنوعة حالياً، بعضها يحاول التقليد بشكل أعمى لكتابات غربية، وفي المقابل نجد كتابات قيمة وأسلوبا راقيا، لابد أن يأخذ فرصته إلى النور. بينما ترى غبارة أن الصراعات الحياتية واليومية الآن جديدة على المجتمع، فكان من الطبيعي أن تكون تعبّر الأعمال الحالية عنها، بأشكال وطرق مختلفة، فهناك مؤلفات مكتوبة بأسلوب ولغة أدبية راقية، وأخرى تتبع أسلوب ولغة الفيسبوك، ولا توجد مشكلة، فالتنوع في حد ذاته مطلوب، وهذا ما يجعل مساحة القراءة أكبر، فالقرّاء متنوعون ومختلفون. وتضيف عوض أن هناك كتابات ذات أفكار رائعــــة وتمتلك أسلوبها الخاص في التعبير، وهنــــاك أيضاً كتابات مجـــرد حبر على ورق. وفي رأي ياسمين إبراهيم أن أغلب الأعمال هي أعمال تسويقية، أكثر من كونها ذات طابع خاص، فالاهتمام الأكثر يكون في الحبكة الدرامية عن تطور الشخصيات أو إتقان الحوار، بحيث تشعر بأن هذا الحوار دار أمامك فعلا، ويعكس أفكار وحياة الشخصية التي تنطق به.
■ هل ترين تأثيراً للتراث الروائي المصري أو العربي في هذه الأعمال، أو حتى في أعمالكن؟ أم أن فكرة القطيعة مع هذا التراث هي النغمة السائدة الآن؟
□ تقول سامية حاتم، صاحبة رواية «ذات ليلة» أن كل واحد منا يرى زاوية مختلفة من الأمر، فليس شرطاً أن يسلك الكاتب نهج التراث بشكل كامل قدر اقتباسه منه. وتضيف غبارة أن التراث الروائي المصري والعربي مؤثر في الكثير من الأعمال وأصحابها، إلا أن الكثير من التجارب الكتابية ليست مشغولة بالتراث، قدر الانشغال بالتعبير عن أنفسهم وتجاربهم الحياتية أو الذاتية. وترى عاصي أنه لا يمكن تجاهل التراث أو الماضي فهو حجر الأساس لأعمالنا الأدبية، سواء شئنا ذلك أم أبينا. على الرغم من انجراف البعض لتلك القطيعة، ولكن القارئ الواعي دائماً ما يفضل ما هو قريب من الواقع ويشبهه، أو ما يمكنه تقبله.
■ وفي الأخير .. هل يمكن تعلم الكتابة؟
□ جاء الرد على هذا السؤال في شبه إجماع على إمكانية تعلم الكتابة، شريطة أن يكون هناك شغف بها، بدون إغفال الموهبة الشرط الأساسي للإبداع. فترى فاطمة عاصي، على سبيل المثال، أن الكتابة تعتمد على شقين أساسيين، هما الموهبة والممارسة، فلا يمكن للموهبة أن تنجح بلا ممارسة، ولكن يمكن حدوث العكس، فممارسة الكتابة بتعلم الأسس وتحليل وتعلم النقد الأدبي قد ينتج كتابه جيدة، أو ربما مقبولة، فمن خلال التعلم والممارسة سينجح الكاتب في إنتاج عمل أدبي. تشاركها في الرأي مريم عوض قائلة، إنه على الرغم من كون الكتابة إبداعا فطريا، إلا أن تعلم الكتابة هو الخط الأساسي الذي يسير عليه الكاتب. أما ياسمين غبارة فترى أنه لابد من توافر الموهبة، ودونها فلن يفيد التعلم في شيء.