باريس ـ وكالات: افاد مصدر حكومي فرنسي الاحد ان الحكومة قررت الكشف قريبا عن وثائق كانت تعتبر سرية حتى الآن حول ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية التي جمعت خلال سنوات طويلة بخلاف ما تنص عليه المعاهدات الدولية.
ويتزامن هذا القرار مع اعلان الولايات المتحدة وفرنسا عزمهما على توجيه ضربة عسكرية الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد بعد اتهامه باستخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه قرب دمشق في الحادي والعشرين من آب (اغسطس) ما ادى بحسب الولايات المتحدة الى مقتل اكثر من 1400 شخص.
وكشفت صحيفة ‘لو جورنال دي ديمانش’ وثيقة اعدتها اجهزة الاستخبارات الفرنسية تفيد بان النظام السوري يملك ‘مئات الاطنان من غاز الخردل وغاز السارين’ اي ما مجموعه نحو الف طن من العناصر الكيميائية.
وقال المصدر الحكومي نفسه ان ‘المعلومات الواردة في هذه الوثيقة صحيحة’ مضيفا ‘تستعد الحكومة لنشر معلومات فرنسية تم رفع السرية عنها حول البرنامج الكيميائي السوري’.
والوثيقة التي كشفتها صحيفة ‘لو جورنال دي ديمانش’ هي ملخص وضعته الادارة العامة للامن الخارجي وادارة الاستخبارات العسكرية يتضمن نتائج ‘الاف الساعات من العمل’ الذي قام به عناصر الاستخبارات الفرنسيون لجمع معلومات حول الترسانة الكيميائية السورية ‘وبعضهم منذ نحو ثلاثين سنة’.
وبعدما ابدى عزمه على توجيه ضربة سريعة لسورية، يجد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نفسه مرغما على انتظار قرار الحليف الامريكي في الوقت الذي يواجه فيه مطالبة متزايدة من المعارضة باخضاع القرار للتصويت البرلماني، كما حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا.
والرئيس الفرنسي المتهم على صعيد السياسة الداخلية بانه شديد السعي الى التراضي، ظهر في صورة زعيم الحرب في مالي ثم في سورية عندما اكد ‘تصميمه’ على ‘معاقبة’ نظام بشار الاسد.
وهكذا بدا رئيس الدولة والقائد الاعلى للجيش مستعدا لارسال القوات الفرنسية الى ساحتي قتال خارجيتين في ثمانية اشهر فقط.
الا ان فرنسا، التي اصبحت فجاة الحليف الاقرب للولايات المتحدة بشان سورية بعد انسحاب بريطانيا، قد تجد نفسها ‘منقادة’ للامريكيين كما يخشى رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون.
وبعد رفض البرلمان البريطاني المشاركة في تدخل عسكري في سورية اعلن باراك اوباما مساء السبت قراره باستشارة الكونغرس الامريكي. ورغم ان الضربات الجوية كانت تبدو وشيكة جدا فان مناقشة هذا القرار امام مجلسي النواب والشيوخ الامريكيين لن تبدا قبل 9 ايلول (سبتمبر).
واقرت الرئيسة الاشتراكية للجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية اليزابيت غيغو بانه ‘اذا ما قررت الولايات المتحدة عدم التدخل فمن الجلي ان فرنسا لن تستطيع التدخل وحدها لان الامر يتطلب وجود تحالف لضمان الشرعية’ لهذ التدخل.
وفي باريس اعرب مسؤول قريب من هذا الملف عن قلقه قائلا ‘كلما ابتعدت العقوبات عن تاريخ 21 اب (اغسطس) كانت اثارها العسكرية والسياسة اضعف’.
واضاف مصدر عسكري اخر ‘كنا على اهبة الاستعداد وجرى تحديد الهدف لكن من الواضح اننا مرغمون على اتباع ايقاع الامريكيين’.
وفي غضون ذلك يواجه فرنسوا هولاند ايضا ضغوطا سياسية متزايدة، فبعدما قررت الحكومة طرح الامر للمناقشة فقط بدون تصويت في البرلمان في 4 ايلول (سبتمبر) باتت مرغمة على التراجع.
وهكذا يبدأ رئيس الوزراء جان مارك ايرولت اعتبارا من الاثنين باستقبال كبار المسؤولين البرلمانيين لاطلاعهم على الوضع في سورية.
ولتبرير تدخلها، سترفع الحكومة قريبا السرية عن وثائق مصنفة اسرار دفاع بشان ترسانة الاسلحة الكيميائية التي اقامتها سورية منذ سنوات كما صرح مصدر حكومي الاحد.
واشارت مذكرة اخيرة لاجهزة الاستخبارات الفرنسية كشفت محتواها اسبوعية ‘لو جورنال دو ديمانش’ الى وجود ‘مئات الاطنان من غاز الخردل وغاز السارين’ لدى النظام السوري، اي مخزون كامل يتجاوز الالف طن من العناصر الكيميائية.
لكن يبدو ان ذلك غير كاف لتبرير الضربة اذ تتزايد المطالبة بتنظيم عملية تصويت كاملة في البرلمان.
ورغم اطلاق بضع مطالبات في هذا الصدد وحتى من داخل الغالبية فان الحكومة لا تبدو حتى اليوم راغبة في اجراء مثل هذا التصويت للبرلماني.
ووفقا للدستور يستطيع الرئيس تجاوز موافقة البرلمان لارسال قوات الى الخارج.
وتقول المادة 35 من الدستور ‘الحكومة تطلع البرلمان على قرارها بارسال القوات المسلحة الى الخارج في موعد اقصاه ثلاثة ايام من بدء التدخل. وتحدد الاهداف المرجوة منه. ويمكن ان يكون هذا الامر موضع مناقشة لا يعقبها اي تصويت’.
ولا تنظم عملية تصويت الا اذا تجاوزت مدة التدخل اربعة اشهر كما هي الحال في مالي.
وقال وزير الداخلية مانويل فالس ‘اننا لا نغير الدستور بحسب المستجدات’ مشددا على ‘ضرورة المحافظة على الوظيفة الرئاسية’.
وبدون انتظار هذه المناقشة البرلمانية هناك بالفعل مواجهة سياسية بشان سورية. فقد ندد زعيم الحزب الاشتراكي هارلم ديزير ب’ذهنية ميونيخية’ لدى بعض زعماء المعارضة في اشارة الى اتفاقات ميونيخ التي خضع الفرنسيون والانكليز بموجبها لمطالب هتلر في تشيكوسلوفاكيا. وهي تصريحات اعتبرها كريستيان جاكوب زعيم نواب الاتحاد من اجل حركة شعبية ‘مشينة’.
من جهته قال وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز الأحد إن فرنسا لن تشن هجوما على سورية بمفردها وستنتظر قرار الكونغرس الامريكي بشأن معاقبة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على هجوم بالغاز أودى بحياة مئات المدنيين.
وأدلى فالز بتصريحاته لراديو أوروبا 1 في الوقت الذي يزداد فيه الضغط في فرنسا على الرئيس فرانسوا أولوند لإجراء تصويت برلماني على مسألة التدخل في سورية.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك إيرو اليوم الأحد إنه سيلتقي مع رئيسي مجلسي البرلمان وزعماء المعارضة غدا الاثنين لبحث الوضع السوري قبيل نقاش برلماني يوم الأربعاء.
وقال فالز ‘فرنسا لا يمكنها المضي في ذلك وحدها.’ وأضاف ‘نحتاج ائتلافا’.
وذكر وزير الداخلية أن إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس السبت عزمه طلب تفويض من أعضاء الكونغرس قبل تنفيذ أي ضربة عسكرية أحدث ‘حالة جديدة’ تدفع فرنسا إلى الانتظار ‘حتى انتهاء هذه المرحلة الجديدة.’
وكان أولوند قال يوم الجمعة إن تصويت البرلمان البريطاني برفض العمل العسكري في سورية لن يؤثر على رغبة فرنسا في معاقبة حكومة الأسد التي تحملها باريس مسؤولية الهجوم بالغاز.
وأظهر استطلاع نشرت نتائجه يوم السبت أن معظم الفرنسيين لا يوافقون على القيام بعمل عسكري في سورية وأن الأغلبية لا تثق في قيام أولوند بهذا العمل.
“هولاند يواجه ضغطا داخليا ومضطر لانتظار قرار واشنطن بشان سورية” هذا يعني ان هولاند مجرد موضف لدى واشنطن و ليس رئيس بلد حر و هذه اكبر اهانة للفرنسيين.