نواكشوط- «القدس العربي»:
أوصت هيئة علماء موريتانيا وهي أعلى مرجعية علمية دينية في موريتانيا “بإحالة ساب الرسول عليه السلام” الذي وصفته بـ”الساب ومؤذي المؤمنين”، إلى العدالة للتأكد من صحة نسبة الورقة إليه فإن “ثبتت نسبتها إليه تنزل به عقوبة القتل الثابتة شرعا والمنصوصة قانونا”.
جاء ذلك في سياق فتوى أصدرتها الهيئة الثلاثاء بتوقيع أمينها العام الشيخ ولد صالح، بعد أن أعلن وزير الشؤون الإسلامية في بيان للرأي العام عن إحالة قضية ساب النبي عليه السلام إلى الهيئة للتوجيه الشرعي بما يلزم بشأنه”.
وقبل صدور الفتوى بقليل، بادر الوزير الداه ولد اعمر طالب، ليعلن للرأي العام المتلهف لقرار يحسم مسار الساب، ليكتب على صفحته “رسميا هيئة العلماء تصدر فتواها وتطالب بإحالة المسيء(ة) إلى القضاء لإقامة الحد عليه إن ثبت جرمه”.
وأوضحت هيئة العلماء في فتواها “أن أعضاء مجلس النوازل والمستجدات بالهيئة اطلع على ما نشر في الإعلام حول ورقة كتب فيها مشارك في امتحان البكالوريا لهذا العام، نصا يتضمن أذية للمؤمنين في الجناب النبوي الطاهر الشريف”.
وأضافت “وبعد نقاش وعرض للموضوع ولأقوال العلماء وأدلتهم فيه، ولأن السلطات العمومية في بلدنا رجحت مشهور مذهب مالك، وقننت عقوبة التطاول على الجناب النبوي الشريف، في المادة 306 من القانون الجنائي، فإن الهيئة تذكر المسلمين وغيرهم بحرمة سب النبي صلى الله عليه وسلم، وهدر دم سابه”.
وأكدت الهيئة في فتواها “أنه يجب ترك هذه القضية للمسؤولين عنها والابتعاد عن التظاهر والحشد الذي يشوش على السكينة ويفسد على البلد، ويخدم الساب وليس من نصرة النبي في شيء”.
وتأتي فتوى هيئة العلماء بعد ضغوط من الرأي العام، طالب فيها المدونون من شتى الاتجاهات الحكومة بمحاسبة ساب النبي عليه السلام والإعلان عنه والتشهير به وتنفيذ حد القتل في حقه.
وكان وزير الشؤون الاسلامية الداه ولد اعمر طالب قد أكد للرأي العام، ليلة الثلاثاء عبر التلفزيون الرسمي “أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أمر باتخاذ موقف من قضية المسيء للجناب النبوي الشريف تثبت براءة ذمتنا من قضيته قمة وقاعدةً”.
وأضاف “أنه تمت دعوة علماء البلد وأهل الرأي والمشورة لتبيين الموقف الشرعي من هذه القضية والعمل بمقتضاه”، مضيفا “نؤكد حرصنا الدائم على تعظيم الجناب النبوي الشريف واعتبار أي اساءة له كفرا بواحا وإساءة لكل المسلمين”.
وقال “الرئيس أعطى كل العناية لهذا الموضوع وتابعه شخصيا منذ البداية”.
ومع كل هذه التطورات، فإن مدونين كثيرين انتقدوا ما يرونه نقصا في المعلومات عن هذه القضية، فلا السلطات ولا هيئة العلماء، حسب المنتقدين، أفصحت عن جنس واسم الساب (ة)، كما أنها لم تنشر نص السباب الذي وجه للنبي عليه السلام.
ولعل السبب في التكتم على هاتين الناحيتين الذي لن يطول لكون الملف اتجه إلى القضاء، هو أن نص السباب قد يثير الرأي العام وقد يفجر تظاهرات وحشودا لنصرة النبي عليه السلام، كما أنه قد يؤدي لمضايقة الوسط الاجتماعي للساب.
يذكر أن هذه القضية ستتحول إلى قضية حقوقية جديدة ومعقدة، فهي من ضمن القضايا التي تختلف فيها مواقف الدول الإسلامية المطبقة للشريعة في هذه الحالات، والدول الغربية المدافعة عن الحريات الدينية وحرية التعبير.
وستكون السلطات الموريتانية أمام خيارين بعد صدور الحكم في هذه القضية الذي لن يكون إلا الحكم بإعدام الساب، فإما تنفيذ حكم الشريعة بإعدام الساب (ة)، إرضاء للرأي العام، وهو ما سيضيف عقدة جديدة لملف موريتانيا الحقوقي المثقل بعقد أخرى، أو عدم تنفيذ الحكم والإبقاء عليه مجمدا وهو ما سيؤدي حتما لتظاهرات وحشود في ظرف ملغوم بملفات أخرى.