لندن – “القدس العربي” – ابراهيم درويش: في تعليقها على خطاب الرئيس الأمريكي دونال ترامب يوم الثلاثاء، أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، قالت الكاتبة في صحيفة “واشنطن بوست” كارين تومتلي: إن “أمريكا ترامب هي بلطجية، وليست منارة للعالم”.
وأضافت تومتلي، “في خطابه للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، وضح الرئيس ترامب رؤيته أكثر من مرة كيف يرى موقع وهدف أمريكا في العالم، كدولة بلطجية وليست منارة”.
وفي خطابه كان ترامب هاجم كل أعدائه المعروفين إلا أن هدفه الرئيسي كان النظام العالمي نفسه، فقد حذر ترامب منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك)، أن الولايات المتحدة لن تساعد على حماية أعضائها إن لم تقم بتخفيض أسعار النفط.
وقال الرئيس الأمريكي: إن الدعم الخارجي يجب أن لا يقوم على العطف أو الحاجة لكن على ما يقدم في المقابل، كما تحدث متفاخرا عن انسحابه من الإتفاق النووي الإيراني وسياساته القاسية المتعلقة بالهجرة وحربه التجارية مع الصين.
وأشار ترامب بنوع من الإحتقار إلى المؤسسة الدولية بمن فيها منظمة التجارة العالمية، التي قال: إنها بحاجة للتغيير العاجل ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، العار الصارخ لهذه المنظمة ومحكمة الجنايات الدولية، التي قال إنها لا تمتع بصلاحية أو شرعية أو تفويض.
وتحدث أيضا بتفاخر عن أجندته التي يطلق عليها “أمريكا أولا” بالقول: “رفضنا أيديولوجية العولمة وتبنينا عقيدة الوطنية”.
وتعلق الكاتبة على أن هذا النوع من القومية، الذي يخدم المصلحة الذاتية، يعتبر رفضا صارخا للخصوصية الأمريكية، وأن أمريكا هي كما قال المحامي البيورتاني الإنكليزي جون وينثروب “المدينة المنيرة من فوق التلة”، ونقل رونالد ريغان عنه العبارة.
وهو ما أكده 60% من المشاركين في استطلاع أجراه معهد بروكينغز في عام 2010، حيث قالوا إن “الله منح أمريكا دورا خاصا في التاريخ البشري”، وبالمقابل يحمل ترامب رؤية مظلمة عن أمريكا التي يحاصرها العالم وليست الدولة القائد له.
وفي خطابه بالأمم المتحدة اقترح أن لا دولة يحق لها الزعم بأنها تحمل المثل والمسؤوليات التي تضطلع بها أمريكا في العالم.
وقال: “كل واحد منكم اليوم هو مبعوث ثقافة متميزة وتاريخ غني وشعب تربطه الذاكرة والتقاليد والقيم بشكل يجعل من بلدنا لا مثيل له في أي مكان”، مضيفا أن “هناك الكثير من الدول تحاول تحقيق رؤاها الخاصة وبناء مستقبلها المشرق وملاحقة أحلامها الرائعة، من المصير والإرث والوطن”.
وتبين الكاتبة في صحيفة “واشنطن بوست”، لم نتبعد كثيرا عن باراك أوباما الذي هوجم لأنه عبر عن نفس الرؤية للعالم عندما سئل في أول رحلة خارجية له كرئيس عام 2009، إن كان يؤمن بالمدرسة التي ترى أنها هناك خصوصية أمريكية تؤهلها لقيادة العالم، فأجاب قائلا: “أؤمن بالخصوصية الأمريكية بنفس الطريقة التي يؤمن بها البريطانيين بالخصوصية البريطانية والإغريق بالخصوصية الإغريقية”.
وأضافت أن الفرق هو أن أوباما كان يدعو إلى مشاركة وانخراط أمريكي أكبر مع العالم في وقت يرى فيه ترامب أنه يجب على الدول العمل معا عندما تكون مصالحها متناسقة، والمشكلة في رفض العولمة هي أن البعض قد لا يوافق، فلربما أعطت الأساليب التي يستخدمها ترامب نفوذا له على المدى القصير إلا أن الدول التي يقوم باستهدافها مثل الصين قد تبحث عن خيارات أخرى، والصين تحديدا مستعدة لمليء الفراغ الذي تخلفه الولايات المتحدة التي تنسحب من النظام العالمي.
وتعلق الكاتبة هنا أن بعض الأمثلة التي استخدمها لدعم رؤيته تثير الكثير من التساؤلات والشك بشأن أطروحته “هناك الهند، مجتمع حر بمليار نسمة تقوم وبنجاح بنقل ملايين الفقراء إلى الطبقة المتوسطة”.
وتتساءل ألا يوجد هناك مثال أفضل من الهند عن المنافع من العولمة، حيث قال ترامب: إن “الدول ذات السيادة المستقلة هي العربة الوحيدة التي نجت فيها الحرية واستمرت الديمقراطية وانتعش السلام”، ولهذا “علينا حماية سيادتنا واستقلالنا العزيز علينا”.
وتقول: إن أمريكا هي التي بنت معظم النظام العالمي الذي يريد ترامب التخلي عنه، وتأمل أن يكونة النظام العالمي بدرجة من القوة للإستمرار حتى ولم تكن أمريكا تقوده.