لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحية قالت فيها إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النصر على إيران هو تعبير عن ضيق نظر وتعجل منه.
وقالت إن المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران توقفت قليلا يوم الأربعاء، كما وصفها ترامب بأنها “أمر جيد لكل الأطراف المعنية”. فبعدما أظهرت إيران أنها قادرة على ضرب القواعد العسكرية العراقية حيث يتمركز الجنود الأمريكيون وبدرجة عالية من الدقة، أعلنت أنها “أنهت” ردها على قتل الجنرال قاسم سليماني.
وأعلن ترامب أنه لم يصب أي من الجنود الأمريكيين في المواقع المستهدفة، ولهذا وضع جانبا رده الحاسم باستهداف 52 موقعا داخل إيران. وسارع أتباعه بالإعلان عن انتصاره، وأنه قتل مهندس المغامرات الخارجية الإيرانية بدون مواجهة رد إيراني مضر به.
وترى الصحيفة أن هذا التقييم لا يقوم على رؤية عميقة بل يعبر عن ضيق نظر ومتعجل، لأن الهجمات الإيرانية ضد الأهداف الأمريكية وحلفائها ستستمر في الأشهر المقبلة.
وفي حال لم تزد الإدارة من جهودها الدبلوماسية، فإن الهدف النهائي الذي تحدث عنه المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي سيصبح حقيقة.
ثم هناك البرنامج النووي الذي قالت إيران إنها ستواصله بعد مقتل الجنرال سليماني. وأكد ترامب في خطابه يوم الأربعاء أنه لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي. ولكنه وبعد الانسحاب من المعاهدة التي حدت من نشاطات إيران النووية واختار المواجهة معها، فإنه لم يقدم أي استراتيجية قوية ومتماسكة للتعامل مع طهران أو مع برنامجها النووي، باستثناء دعوته للدول الأوروبية وروسيا التخلي عن المعاهدة.
ودعت الصحيفة الرئيس لانتهاز فترة الهدوء في المواجهة مع إيران والبحث عن طرق دبلوماسية واستئناف المفاوضات معها.
ولا يدعم هذا الخيار غالبية الأمريكيين بل الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة مثل السعودية وقطر، اللتان دعتا لضبط النفس. وفي الوقت الذي ألمح فيه ترامب إلى تبني أمريكا للسلام، إلا أنه أعلن عن خطط جديدة لتشديد العقوبات على إيران.
وترى الصحيفة أن حملة “أقصى ضغط” فشلت في تحقيق ما يريده ترامب وهو جلب إيران إلى طاولة المفاوضات وإنجاز اتفاقية نووية جديدة بشروطه.
ومن المؤكد أن الهجمات على ناقلات النفط في منطقة الخليج ستتواصل. وستحاول إيران الاستفادة من وضعها في العراق، حيث عبّر قادته عن غضبهم من العمليات العسكرية على أراضيهم.
وفي يوم الأحد صوت البرلمان العراقي على قرار يدعو لطرد 5 آلاف جندي أمريكي من الأراضي العراقية. ومما زاد في عقم الإدارة هي الرسالة التي وصلت إلى الحكومة العراقية وتعلن بدء الانسحاب وما تبعها من تنصل منها وأنها مجرد مسودة، وهذا لم يمنع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من الدعوة إلى انسحاب القوات الأمريكية، وساعده ترامب بحماقة عندما هدد بفرض عقوبات على العراق.
ولكن الرئيس بدا في خطابه وكأنه يحضر للانسحاب قائلا إنه يريد أن يتحمل حلف الناتو دورا أوسع في المنطقة و”نحن لم نعد بحاجة لنفط الشرق الأوسط”.
وعبرت الصحيفة عن ارتياحها من تجنب الولايات المتحدة وإيران مواجهة عسكرية شاملة، إلا أن ترامب لا يملك رؤية أو استراتيجية في الشرق الأوسط، فيما يثير استعداده للقيام بهجمات صاروخية أو سحب القوات الأمريكية بناء على نزواته، القلق.