واشنطن بوست: السعودية تجعل العالم متواطئا بتدمير العدالة

حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”: قالت أغنيس كالامار، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون القتل خارج القانون والإعدام الفوري والتعسفي، مديرة المركز الدولي لحرية التعبير في جامعة كولومبيا، إن “السعودية تجعل العالم متواطئا في تدمير العدالة”.

وفي مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، أشارت إلى أن المحاكمات الجارية خلف الأبواب في السعودية لـ 11 متهما بقتل الصحافي المعروف جمال خاشقجي لن تؤدي إلى تحقيق العدالة. وفي الوقت الذي يواجه فيه خمسة من المتهمين الإعدام، لم يجر التحقيق في دور المسؤولين السعوديين البارزين الذين تواطؤا في الجريمة. و”كما فصلت في تقريري الذي قدمته إلى الأمم المتحدة الشهر الماضي، فالسعودية مسؤولة عن إعدام خاشقجي خارج القانون واختفاء قسري له وتعذيب. وتقترح الأدلة أن 15 عميلا سعوديا تصرفوا بصفتهم الرسمية واستخدموا مصادر الدولة لارتكاب الجريمة. فيما أشرف مسؤولون بارزون في الرياض، العاصمة السعودية، على التخطيط المحكم الذي شمل توفير طائرات خاصة وتسهيلات دبلوماسية وطبيب شرعي وفريق عامل في القنصلية السعودية بإسطنبول، وفشلت السعودية منذئذ في التحقيق بالجريمة بحسن نية”.

وتعلق كالامار أن مقتل خاشقجي “ليس قضية سعودية محلية، فقد كان صحافيا مقيما في الولايات المتحدة وقتل خارج القانون على الأراضي التركية. وارتكبت السعودية عملا غير قانوني خارج حدودها بهدف خرق حرية التعبير وهدد حرمة العلاقات القنصلية، وتدخل بمصالح المجتمع الدولي بشكل عام”. ومع ذلك فمن المثير للقلق، تقول كالامار، أن الرد الدولي كان قليلا، سواء كان دبلوماسيا، أم قانونيا، أم سياسيا. ومع ذلك، تراقب الولايات المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن المحاكمة السعودية لكنها لم تكشف عن تفاصيلها، “وسمحت لنفسها بأن تكون متواطئة فيما يظهر أنه تدمير للعدالة”. ورغم قيام بعض الدول بفرض عقوبات مستهدفة ضد 17 شخصا أو أكثر، لكن العقوبات لا تستهدف المسؤولين السعوديين البارزين وتحرف الانتباه عن مسؤولية المملكة نفسها.

وقالت إن الرأي العام حول العالم يطالب بتحقيق العدالة لخاشقجي، فيما أصدرت محاكم دعوات لوقف تصدير السلاح إلى السعودية، واتخذ المشرعون خطوات لفرض عقوبات ضد السعودية. ولكن هذه التحركات نادرا ما انعكست على مواقف الفرع التنفيذي للسلطة، بل على العكس تم تجنبها. وقالت إن استعداد قادة العالم للتحرك بعيدا عن القضية دونما اتخاذ إجراء كان واضحا الشهر الماضي في قمة العشرين التي عقدت بمدنية أوساكا اليابانية، عندما رحبوا وبحرارة، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، بولي العهد السعودي. و”هذه العودة للتعامل وكأن شيئا لم يحدث، يعطي السعودية والدول الأخرى أن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا غبار عليها، ويتم التسامح معها”.

وتساءلت كالامار: “ما هي الخطوة المقبلة؟”، وتجيب أن على المجتمع الدولي الضغط واتخاذ خطوات للتحقيق مدبري الجريمة ومحاكمتهم. كما أن “العدالة لخاشقجي لا تعتمد على المحاكمات السعودية المعيبة. ويجب على الدول أن تطبق قانون الصلاحية القانونية العام ومحاكمة المسؤولين.

ويمكن لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) التحقيق في القضية، ويجب عليه ذلك، لأنها تؤثر في المصالح الأمريكية.

ويجب على المؤسسات المعنية رفع السرية عن مواد استخباراتية من أجل الكشف عن الحقيقة. وعلى الأمين العام للأمم المتحدة تعيين خبراء في القانون الجنائي لتحديد مسؤولية الأفراد عن مقتل خاشقجي كما فعل الأمناء للمنظمة الدولية في السابق.

ورأت كالامار أن مراوغة الأمم المتحدة في القضية أضعفتها. ولهذا عليها التحرك ومعالجة مخاطر تسييس وشل القضية من خلال إنشاء آلية دولية مستقلة تأخذ على عاتقها مسؤولية التحقيق بقتل مستهدف لصحافي ومدافع عن حقوق الإنسان. ويجب أن توكل المهمة إلى مقررين خاصين، ولا يجب أن يترك الأفراد في دول أخرى المخاطرة ومواجهة دولة قوية بأنفسهم. بل وعلى مجتمع الدول الاستعداد والمطالبة والالتزام بالأعراف الأساسية. وقد يشمتل هذا على وقف لتصدير تكنولوجيا الرقابة للسعودية وعقوبات تستهدف مسؤولين سعوديين، مثل ولي العهد، الذي ربما أمر وحرض أو فشل بمنع قتل خاشقجي، و”علينا رفض النقاش الذي يقول إن تحميل السعودية المسؤولية وتحديد الأفراد المسؤولين مهما كان منصبهم سيعرض المصالح الجيوإستراتيجية والاقتصادية للخطر، “بل على العكس “فمن مصلحة الدول انتصار العدالة، وتحميل السعودية المسؤولية بناء على معايير حقوق الإنسان سيجعلها وبقية الدول حليفا موثوقا”.

وهذا يعني عدم عقد قمة العشرين المقبلة في الرياض. وتذكر أن المجتمع الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية تعاون على تأكيد المبادئ الأساسية وحماية حقوق الإنسان والحفاظ على السلام. ومن هنا فالتخلي عن هذه المبادئ سيكون خيانة لملايين الأفراد الذي ضحوا بحياتهم، ومن هم مثل خاشقجي الذين لا يزالون يواصلون المسيرة.

ولا يمكن استعادة الأعراف التي أضعفت لأجل النفعية والسياسة بسهولة. وتقول إن جريمة قتل خاشقجي هي رمز لاتجاه دولي بممارسة العنف ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين. وهناك إشارات عن أساليب قاسية تمارسها الدول واللاعبون من غير الدول لإسكات النقاد وبشكل دائم. وعلى المجتمع الدولي أن يقيم هذا المناخ المعادي؛ فالصمت وعدم التحرك، وأسوأ من هذا تكتيك أو تواطؤ ضمني، سيزيد من الظلم وعدم الاستقرار الدولي، “حان وقت التحرك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية