لندن – “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً، أعدّه كل من لويزا لافلاك ومصطفى سالم، حول أزمة المخدرات التي تتدفق عبر الحدود من إيران إلى العراق، وكفاح فرق مكافحة المخدرات من أجل وقف فيضانها.
ففي مدينة البصرة، جنوب العراق، وداخل مقرات متداعية لوحدة المخدرات، التي تزداد فيها الملفات بدلاً من تقلصها، كل ليلة تقوم الوحدة بمداهمة، ويبدو ضباط الوحدة متعبين، فالعراق على حافة وباء إدمان يبحث فيه جيلٌ أفقرتْه الحرب ومهمل عن المخدرات التي تتدفق الآن على البلد. وهو ما أرهق وحدة مكافحة المخدرات التي تعاني من سوء تمويل وقلة في عدد الموظفين.
في قلب هذه الآفة، حرارة شديدة وفقر مدقع في البصرة وزنازين مزدحمة وتجار مخدرات يدفعون للشرطة رشاوى حتى لا يقتربوا من أقاربهم، لكن أصل المخدرات في مناطق بعيدة، من الجبال الباردة في أفغانستان، ومعامل تكريره السرية في إيران، التي أدت فيها الأساليب الجديدة إلى ازدهار في التجارة.
يقول العقيد إيهاب: “نواجه كارثة هنا”. وهو كان في الاستخبارات، يصف مداهمة قبل ليلة، بشرط عدم ذكر اسم عائلته.
ومنذ الغزو الأمريكي عام 2003، فتحت الحدود مع إيران، وتدفق عبرها الحجاج والناس والتجارة والتهريب، بما في ذلك المخدرات. ولم يظهر الشر الأكبر إلا في عام 2017، وهو “كريستال الميث” (ميثامفيتامين)، فقد أدى القمع المحلي في إيران لتعقيد عملية إنتاج العناصر الأساسية. وجاء الحل من أفغانستان حيث نجح منتجو المخدرات في الكشف عن سرّ استخراج العناصر الأساسية من ميثامفيتامين، مادة ايفدرين من شجرة إيفيدرا، وظهرت نتائج هذا الاكتشاف في معظم أنحاء المنطقة.
أدى القمع في إيران لتعقيد عملية إنتاج العناصر الأساسية لـ”كريستال الميث”، وجاء الحل من أفغانستان حيث نجح المنتجون في كشف سرّ استخراجها من شجرة إيفيدرا.
وفي الليلة التي رافق فيها مراسلو صحيفة “واشنطن بوست” فرقة مكافحة المخدرات، كان في زنازينها 700 شخص، مع أنها مصممة لاعتقال 200 شخص. وفي الوقت الذي قاد فيه العقيد إيهاب فرقته نحو مدينة الصفيح في شمال شرق البصرة، خاف من أن تزيد المداهمات الليلية من المشكلة، لأنها تسمح لتجار المخدرات باستخدام وقتهم داخل السجن لتجنيد المزيد من الناس.
وزادت عمليات مصادرة ميث الكريستال القادم من أفغانستان وإيران بشكل كبير بمنطقة الشرق الأوسط، حيث مرت الشحنات عبر طريق قديم لتهريب الهيرويين. وصادرت سلطات الأمن التركية، في العام الماضي، 5.5 أطنان من مادة ميثامفيتامين، إلى جانب مداهمات على الحدود الإيرانية وفي اسطنبول. وزادت الكمية إلى 8.6 أطنان في أول سبعة أشهر من عام 2022. وقالت السلطات التركية إن شبكة التهريب تشمل مواطنين إيرانيين ومرتبطة بشبكات الجريمة المنظمة المحلية، وأن جزءاً من إمدادات المخدرات مخصص لدول الاتحاد الأوروبي وجنوب شرق آسيا وأستراليا.
وقالت دائرة مكافحة المخدرات الأردنية إن عمليات مصادرة ميثامفيتامين زادت لأكثر من 45 طناً في أول تسعة أشهر من 2022، أي أكثر بعشرين طناً عن نفس الفترة العام الماضي. وقال ديفيد مانسفيلد، الخبير في تجارة أفغانستان غير المشروعة “كان عام 2017 بمثابة تغيير للعبة”. وتحوّل المنتجون المحليون من استخدام الأدوية التقليدية نحو استخدام أيفدرين، المتوفر من شجرة ايفدرا التي تنتشر بشكل واسع على التلال في أفغانستان. وأضاف مانسفيلد: فجأة أصبح لديك هذا اللاعب المتوفر قريباً منك، وينتج ميثامفيتامين بنصف السعر”.
ويقول ألكسندر سودرهولم، المحلل في مركز الرصد الأوروبي للمخدرات واستخدامها، إن سوق المنتجين في إيران، حيث يزدهر سوق المخدرات أصلاً، قرروا استخدام المواد الرخيصة المستوردة من أفغانستان. و”لهذا فقد كان المنطق الفاعل: لماذا لا نقوم بنقل التعهدات لكي نركز على جانب التوزيع وإمكانية الإنتاج من أجل الأسواق الخارجية”.
ولهذا فقد تأثر العراق بزيادة الإنتاج من مادة الميث، واستغل المهربون الأزمة التي يعاني منها البلد، الذي عاش نزاعاً وحكومة فاسدة تعاني من خلل وظيفي. وباتت أخبار مصادرة المخدرات العنوان الأبرز في نشرات الأخبار اليومية. ومع أن الكميات المبلّغ عنها تصل إلى مئات الكيلوغرامات، إلا أنها تظل أقل من الحجم الحقيقي، ولكن حجمها يزداد كل عام.
وتحظى التجارة بدعم الجماعات المسلحة، بعضها على صلات مع إيران، وكذا شبكات العشائر والمسؤولين الفاسدين، وذلك حسب المسؤولين ومسؤولي الحدود والقضاء.
وقال القاضي في محكمة التحقيق الثالثة بالبصرة، عمار شاكر فجر: “هناك ضباط اعتقلوا بسبب هذا، وتستروا على المجرمين، وكانوا يتلقون رواتب شهرية من تجار المخدرات”. وقتل مسلحون في شباط/فبراير قاضياً بارزاً في محافظة ميسان. وفي أيلول/سبتمبر قتل جنرال من وحدة مكافحة المخدرات خارج مطعم. وتلقت وحدة مكافحة المخدرات في البصرة سيلاً من التهديدات. “هناك أيام أفكر فيها بالاستقالة”، يقول العقيد إيهاب، مضيفاً: “أشعر وكأنني رجل ميت”.
وترى الصحيفة أن انتشار تعاطي المخدرات نابع مما يصفه عمال المجتمع المدني والصحة من أزمة يأس بين الشباب العراقي. ودمر الفساد وسوء الإدارة الخدمات العامة، في وقت تتزايد فيه معدلات البطالة بين الشباب، هذا إلى جانب الجفاف في المناطق الزراعية، وعدم توفر الفرص في المدن.
وقالت إيناس كريم، مؤسسة الجمعية الخيرية الوحيدة في العراق لمساعدة المدمنين على المخدرات: “شبابنا يريدون الهروب، ولكنهم لا يعرفون ماذا يأخذون”. وتشير لعدم توفر الأرقام الحقيقية حول معدلات الإدمان، إلا أن بعض المسؤولين العراقيين يرون أن نسبة 40% من الشبان العراقيين في بعض المناطق جربوا المخدرات.
ضابط عراقي: هنالك خوف من أن تزيد المداهمات الليلية من المشكلة، لأنها تسمح لتجار المخدرات باستخدام وقتهم داخل السجن لتجنيد المزيد من الناس.
ويمنح الكريستال ميث المتعاطي له حساً بالنشوة والمناعة. وعندما يصل المتعاطي لحالة الإدمان تبدأ مرحلة الرهاب التي تتسيد ويبدأ جهاز المناعة بالانهيار، حيث تتعطل الأعضاء.
وفي الكثير من الحالات، قال مدمنون سابقون إنهم أقبلوا على المخدرات كنوع من العزاء ولنسيان حياتهم المضطربة. وقال ماهر (30 عاما)، ويعمل خبازاً في بغداد، إنه وقع في أسر العادة عندما قام زملاؤه بتشجيعه على الخمور وميثامفيتامين، نتيجة شعوره بالوحدة القاتلة في البيت. وقتلت شقيقته أثناء الغزو الأمريكي، وتبعها أشقاؤه أثناء الحرب الطائفية، ووالداه توفيا في حادث سير.
وفي البصرة كان سائق التاكسي فراس (37 عاما) يكافح للسهر في الرحلات الطويلة، عندما قدم له تاجر مخدرات المادة البيضاء. وتبين أنها ميثامفيتامين ووعده بأنها مفتاح للعمل الطويل والأجر الجيد. واستخدمها لمدة 3 أعوام قبل مناشدة زوجته الأقارب للتدخل بعدما أخذ بضربها.
واعترافا بحجم المشكلة صدر في عام 2017 قانون أقر إنشاء مراكز تأهيل للمدمنين في غضون عامين. وبعد خمسة أعوام لم يتم بناء سوى ثلاثة مراكز، واحد منها في البصرة. وقال مدير وحدة مكافحة المخدرات في البصرة إسماعيل غانم: “لنقل إن لدينا 30.000 مدمن في البصرة، وهناك 22 سريراً، حيث يحتاج المريض إلى ثلاثة أشهر للتخلص من العادة، كيف يمكن لأي شخص الحصول على مقعد؟ّ!”.
كان فراس يسأل نفسه كل ليلة كيف سيقلع عن العادة؟ وفي الصباح كان يشتري الجرعة من بائع في مكان السيارات، ولم ينقذه سوى متطوع من جمعية كريم حيث أخبره بوجود سرير في المستشفى القريب.
وفي فندق راق وتحت الثريات اجتمع مسؤولون من كافة الوزارات في حزيران/ يونيو لمناقشة المشكلة وضرورة توفير مساحات رياضية ونشاطات اجتماعية للشباب. كما ناقشوا ضرورة تحسين النظام التعليمي ونشر حملة توعية. ولم يحدث أي شيء من، هذا نظراً لخلافات المسؤولين حول شكل الحكومة الجديدة. وقال غانم: “العراقيون بارعون في الكلام، ولكن أين الفعل؟ لم نر أي شيء”، و”كل ما نقوم به هو اعتقال الناس”. وهذا ما يخيف ماهر وأصدقاءه من البحث عن مساعدة للإقلاع عن المخدرات “فلو اعتقلوا شخصا بتهمة المخدرات فإنهم يضربون ضرباً مبرحاً”.
أهلا وسهلا بالديمقراطيه التي دخلت العراق من أوسع الأبواب
و هل إيران دولة ديمقراطية ؟؟ و رغم ذلك فهي غارقة في آفة المخدرات . يجب تفعيل قوانين صارمة ( كما فعلت ايرلندا) للقضاء على هذا السرطان .
انتشار المخدرات دليل على تخلف هذه الدول و للأسف حكومات هذه الدول اسلامية
ادمان المخدرات والكحول والتشرد منتشر في الغرب أضعاف ما هو موجود في الدول الإسلامية
طالبان حركة اسلامية وتسمح بانتاج وتصدير المخدرات الى العراق. اين المنطق والردع الديني.