لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي لشادي حميد، قال فيه إن تصويت ديمقراطيين ضد حزمة مساعدة لإسرائيل مهم، لأن تصويتهم يعكس مواقف 75% من الديمقراطيين الذين يعارضون الحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة.
وقال: “لقد تحول الأمريكيون وبشكل متزايد ضد حرب إسرائيل على غزة. ولأول مرة منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر، قالت غالبية الأمريكيين في آذار/ مارس إنهم يرفضون أفعال إسرائيل العسكرية، وهي أكثر وضوحا بين الديمقراطيين، بنسبة 75%”.
وأشار إلى أن الرئيس جو بايدن يشترك في بعض مظاهر القلق، وانتقد القصف الإسرائيلي العشوائي، كما نشرت تقارير عن حواراته الساخنة مع نتنياهو، وكيف عبّر عن انزعاجه فيها، لكن الحوارات كانت كلها خاصة ولم يطرأ أي تغير جوهري على السياسة الأمريكية.
الرئيس جو بايدن يشترك في بعض مظاهر القلق، وانتقد القصف الإسرائيلي العشوائي، كما نشرت تقارير عن حواراته الساخنة مع نتنياهو، لكن الحوارات كانت كلها خاصة ولم يطرأ أي تغير جوهري على السياسة الأمريكية
فقد رفض بايدن اشتراط المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وقد تبعته قيادة الحزب الديمقراطي في هذا.
وكان آخر الامتحانات للعلاقات يوم السبت الماضي، حيث صوّت الكونغرس على مشروع قائم بذاته لتزويد إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، وهذه هي المرة الأولى التي يصوّت فيها الكونغرس على قانون خاص بإسرائيل دون أن تكون مرفقة بحزمة مساعدات لأوكرانيا. وصوّت 37 نائبا ديمقراطيا من 213 ضد القانون.
وبطريقة ما، فقد كان العدد كبيرا، لأن التصويت ضد إسرائيل كان عملية محفوفة بالمخاطر، ولم يعد الأمر كذلك. وبطريقة أخرى فالعدد يظل قليلا في ظل الحرب البشعة والوحشية الجارية حاليا في غزة.
وبأي طريقة نظرت إلى ذلك فهناك استنتاج واحد لا مفر منه: هناك انقسام داخل الحزب الديمقراطي، ويجد حامل لواء الحزب، بايدن، نفسه واقفا ضد أهداف عشرات الملايين من أنصاره.
وفي الأيام التي سبقت التصويت، عملت مجموعة من المشرعين الديمقراطيين لحشد الدعم للتصويت بـ”لا” على أمل أن يغير بايدن موقفه واستراتيجيته من الحرب. وقد تحدث الكاتب مع أربعة منهم، البرلمانية عن واشنطن باميلا جايابال، والنائب عن كاليفورنيا رو خانا، وواكين كاسترو عن تكساس، وبيكا بالينت عن فيرمونت.
ووصف كاسترو التصويت بأنه “من أهم عمليات الاقتراع التي تحدد من نحن كأمة”، وقارنت جايابال التصويت بأنه مثل التصويت غير المتوازن في الكونغرس لاجتياح أفغانستان والعراق، و”في هذه اللحظة، كان من الصعب وقف الحرب وتغيير السياسة”.
وعبّر كل نائب عن إحباطه من السياسة الأمريكية، ولكنهم عبّروا أيضا عن تفاؤل متحفظ من أن التيار يسير باتجاههم. ففي استطلاع شبكة “سي بي أس” هذا الشهر، وافقت نسبة 32% من الديمقراطيين على إرسال الولايات المتحدة أسلحة إلى إسرائيل.
وكان التصويت بـ “لا” ليس دعوة لرفض مساعدة إسرائيل، ولكن المشكلة هي أن القانون فشل بوضع أي شرط على المساعدة. وهو قانون يعفي وزير الخارجية من “إخطار الكونغرس في الأمور المتعلقة” بالمساعدة الخارجية، والتي تصل إلى 3.5 مليار دولار على شكل منح تمويل، وهي واحدة من الشروط التي يتخلى فيها الفرع التشريعي عن سلطاته الرقابية. كما أنه يكافئ حكومة نتنياهو بمميزات خاصة واستثنائية بشكل يساعد إسرائيل على استخدام المال لشراء الأسلحة من صناعتها العسكرية المحلية، وكذا شراء الأسلحة الأمريكية بأسعار معقولة.
وكان اللغز المحير في الأشهر الأخيرة، هو رفض إدارة بايدن استخدام نفوذها الكبير على إسرائيل.
ففرض شروط على مساعدة حليف، ليس أمرا صغيرا، لكن يجب أن لا يحصل الحليف على صك مفتوح لعمل ما يريد بالأسلحة الأمريكية.
فقد رفض نتنياهو طلبات بايدن وعلى مدى الأشهر الماضية، تحسين الوضع الإنساني في غزة التي تقف على حافة المجاعة، كما أن رؤية نتنياهو لما بعد الحرب والتي تشمل منطقة عازلة في غزة، وعمليات أمنية بدون توقف داخل أراضي القطاع، متناقضة مع الرؤية الأمريكية.
وبالنسبة للأمريكيين، والكاتب واحد منهم، فالسؤال القائم: “إن لم يكن لدينا استعداد لاستخدام نفوذنا، فهل هناك ظروف ستدفعنا على استخدامه؟ أم يجب أن يكون الدعم لإسرائيل، مقارنة مع دعم الدول الأخرى، بدون شروط؟”. وكما قالت جايابال: “المسألة ليست هي عن اللهاث”، فإدارة بايدن في مواجهة خيار عمل شيء مختلف لو أرادت نتائج مختلفة.
وفي الحوار مع النواب المعارضين، أكدت جايابال وخانا وكاسترو وبالينت على أهمية التفريق بين الدعم العسكري الهجومي والدفاعي لإسرائيل. وعبّروا عن قلق من الأسلحة الهجومية التي استخدمت لتدمير غزة وقتل الفلسطينيين بأعداد كبيرة.
ويقولون إنه “بالتأكيد، لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، إلا أن الحق هذا ليس مطلقا أو غير محدود”. وقال خانا إنه كان من الداعمين لنظام القبة الحديدية وصوّت لصالح تقديم 3.5 مليار دولار لإسرائيل.
وتصف بالينت، وهي أول يهودية في مجلس النواب تدعم وقف إطلاق النار، بأنها مناصرة لإسرائيل، وتقول: “أنا داعمة للأسلحة الدفاعية والهجومية كي تدافع إسرائيل عن نفسها” و”لكن يجب أن تكون هناك نقطة نقول فيها: أنا داعمة لإسرائيل وأنا حفيدة شخص مات في الهولوكوست، ويمكنني الوقوف بقوة مع ما تعتقده غالبية الأمريكيين”.
ويرى حميد أن هذا الجدل قوي، لكنه لم يكن كافيا. وأشار خانا، النجم الصاعد في الحزب، إلى “الانفصام الكامل” بين واشنطن والديمقراطيين العاديين عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وهناك، بالطبع، شيء يجب قوله للأجيال القادمة، من أجل وضع علامة في اللحظات التي تتطلب الشجاعة السياسية، مهما كان الأمر عديم الجدوى.
فلو استمر الديمقراطيون العاديون بالتعبير عن سخطهم في الأشهر المقبلة، فلربما اضطرت إدارة بايدن للانحناء لمطالبهم، ليس تعبيرا عن تغير مبدئي ولكن لأسباب عملية، وهو أن قيادة الحزب لا يمكنها الاستمرار بتجاهل مواقف أعضائها في قضية مشحونة مثل الحرب في غزة.