لندن ـ “القدس العربي”ـ  إبراهيم درويش

تحت عنوان “لماذا تقوم إدارة ترامب بتنظيف وسخ السعودية” كتبت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها قائلة إن وزير الخارجية مايك بومبيو الذي زار السعودية يوم الثلاثاء ضغط على الرياض لإجراء تحقيق “شفاف وعاجل” في اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي. إلا أن أهم مجاز يصف دبلوماسية بومبيو هو ما قاله الصحافيون الذين يقفون أمام القنصلية السعودية في اسطنبول التي دخلها خاشقجي في 2 تشرين الأول (أكتوبر): وصل فريق التنظيف حاملا الجرادل والمساحات والسوائل.  ويبدو أن بومبيو الذي ابتسم كثيرا أثناء مقابلته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليس مهتما بالكشف عن الحقيقة قدر اهتمامه اهتمامه بمساعدة الحاكم الفعلي الخروج من الأزمة التي خلقها.  ويقال إن السعوديين يحضرون لقصة تغطي الجريمة وتنسب قتل خاشقجي إلى مبالغات الفريق الذي تم إرساله خصيصا من الرياض للتحقيق معه. وقد يحرف هذا اللوم عن ولي العهد الذي يعتقد أنه هو الذي أمر وأشرف على العملية. وعبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استعداده لدعم هذه الخدعة. وكتب الرئيس تغريدة بعد محادثته مع الزعيم السعودي الشاب “نفيه أي معرفة بما حدث” وكأن هذا سينهي الأزمة. وقد عبر محمد بن سلمان بغرور لبومبيو “نواجه تحدياتنا معا- في الماضي واليوم غدا” ورد المبعوث الأمريكي “قطعا” .

 وفي اسطنبول أظهر الرئيس التركي جدية في البحث عن الحقيقة إلا أن التحقيق الذي أمر به يواجه معوقات كثيرة: فقد أخبر أردوغان الصحافيين إنه سمح أخيرا للمحققين بدخول القنصلية ليجدوا أن الجدران قد طليت حديثا. وأخبر مصدر تركي وكالة “أنباء أسوسيتدبرس” إن المحققين عثروا على دليل هام يدعم مزاعم قتل خاشقجي الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” وتقطيعه لقطع بعد دخوله مجمع القنصلية. إلا أن الأتراك الذي تحدثوا عن تسجيل  حصلوا عليه يثبت مقتله لم يكشفوا عن الدليل. وتقول الصحيفة “كلما تأخروا بالتعبير عن الشفافية الكاملة كلما بدا أنهم مهتمون بما يمكنهم اكتسابه أو خسارته من القضية”. وهذا  ما يؤكد ما كتبه مسؤولان بارزان في الأمم المتحدة حيث قالا إن الطريقة الوحيدة للكشف عن حقيقة ما حدث  لخاشقجي هو تشكيل لجنة دولية مستقلة.

وقال ديفيد كي المفوض الخاص لحرية التعبير وأغنيس كالامارد، المفوض الخاصة في شؤون القتل خارج القانون إن “السعوديين لا يمكنهم التحقيق بأنفسهم” مضيفان أن “تورط السعودية  لا يمكن التشكيك به”  وقالا إنه يجب أن لا تتسلم تركيا  التحقيق لأن أي تحقيق قد يؤدي لاتهامات قتل قد يتم قتله بسبب الضغوط الدبلوماسية على أنقرة فيما طالبت عائلة خاشقجي لتحقيق مستقل. ويمكن لمجلس الأمن الدولي الإعلان عن تحقيق من خلال إصدار أمر للأمين العام لتعيين لجنة يترأسها محقق محترم أو قاض محترم. وبشكل بديل يمكن لمجلس حقوق الإنسان إرسال بعثة. وأيا من الخيارين فيجب إجبار كل من السعودية وتركيا على تقديم ما لديهما من أدلة للكشف عما حدث ومن هو المسؤول. وما لا يمكن القبول به هو عملية تنظيف دبلوماسية تقوم بها إدارة ترامب لنظام وحاكم دللته بشكل صارخ رغم تجاوزاته الكثيرة في الداخل والخارج. وحتى يتم الكشف عن الحقيقة وما جرى لخاشقجي فيجب على الشركات الأمريكية الإبتعاد عن النظام السعودي وعلى الكونغرس الوقوف أمام صفقات الأسلحة.