لندن- “القدس العربي”:
كيف انتصرت بريطانيا في سباق الغرب على توفير لقاح مضاد لفيروس كورونا؟ يجيب ريك نواك بمقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” قائلا إن بريطانيا أصبحت أول دولة في الغرب توفر لقاحا لسكانها ضمن جهودها لتلقيح السكان ضد فيروس كورونا.
وبدأت يوم الثلاثاء وبعد أقل من أسبوع على قرارها الموافقة على لقاح فايزر/ بيونتيك عمليات التطعيم.
وقالت أول سيدة أخذت اللقاح وهي التسعينية مارغريت كينان: “هذه هدية عيد ميلاد مبكرة كنت أريدها حيث سأكون قادرة وأخيرا على قضاء وقت مع عائلتي وأصدقائي”.
ورغم توفير الصين وروسيا لقاحات ومحاولتهما تسويقها حول العالم إلا أنهما لم تتعرضا للرقابة والتدقيق الشديد المطلوبة من الحكومات. وقال إن قرار الحكومة البريطانية الحاسم نابع من سمعة البلاد واعتماده على البيانات والملخصات التي قدمتها الشركات إليها وأكثر من الدول الأخرى. كما أن الحكومة مرنة في مراجعتها للبيانات وتقوم بإصدار مراجعات عدة في وقت واحد.
وقال وزير الصحة مات هانكوك إن الجهات المنظمة للدواء واللقاحات كانت قادرة كما هو حالها على إنجاز ما تريد وبشكل متواز. وزعم أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منحها القدرة على النظر سريعا في العقار المتوفر. وهو رأي رفضه الخبراء، فالدول الأوروبية قادرة على إصدار سلطات طارئة كما فعلت بريطانيا لكنها ترددت في هذا وفضلت التعاون بشكل جماعي مع بقية دول الاتحاد الأوروبي.
وشعر قادة الاتحاد الأوروبي بالخوف أن محاولة دولة المضي بمفردها وتوفر اللقاح قد يضعف الثقة العامة به. وفي الوقت الذي بدأت فيه بريطانيا بمراجعة بيانات اللقاح، قامت الدول الأوروبية بنفس الأمر. ويرى الخبراء أن الفرق بين بريطانيا وجاراتها هو المعوقات الإجرائية.
وقالت الأستاذة الزائرة في علم الأدوية بكينغز كوليج- لندن بيني وورد إن عملية المصادقة على الدواء في الاتحاد الأوروبي تتم عبر تقييم لجنة الآراء المستقلة لـ27 دولة عضو فيه. وسبقت بريطانيا الولايات المتحدة في توفير العقار لأن المصادقة على اللقاح من قبل وكالة الغذاء والدواء معقدة أكثر من بريطانيا.
وأضافت وورد أن قواعد وكالة الغذاء والدواء الأمريكية تطلب مراجعة داخلية والتشاور مع مجلس استشاري خارجي قبل اتخاذ القرار. ومن المتوقع تباين البلدين بشأن الطريقة التي سيتم فيها توفير اللقاح، فمن جهة مالت الولايات المتحدة لتوفيره للعاملين في القطاع الصحي أولا. أما بريطانيا فقررت توفيره لعمال الصحة الوطنية بالإضافة للكبار في العمر ممن يعيشون في بيوت الرعاية الاجتماعية، حيث كانت نسبة المصابين بكوفيد-19 في أوساطهم الأعلى.
واعترف المسؤولون البريطانيون بالتحدي الذي سيواجه عمال الصحة في توفير اللقاح لبيوت الرعاية. وفي الوقت الذي ركزت فيه الحكومة على مراكز بالمستشفيات فقد ينتظر الكبار في هذه البيوت.
وعن السبب وراء حرص الحكومة البريطانية على تمرير اللقاح، يقول نواك إن رد الحكومة المرتبك على الوباء جعلها تنتهز فرصة لإعادة تغيير السرد. ففي الأسبوع الماضي كتب وزير التجارة ألوك شارما تغريدة قال فيها إن قرار المصادقة على اللقاح يعني “قيادة بريطانيا الإنسانية ضد كوفيد-19″، أما رئيس الوزراء بوريس جونسون فقد تميز كلامه بالاحتفال قائلا إن البلد يعرف الآن “أننا سننجح ونستعيد معا حياتنا وكل شيء نحبه في حياتنا”. كما أن الإعلان عن توفير اللقاح قبل أي دولة غربية قد يمنح جونسون الفرصة للحصول على انتصار بعد عام سجلت فيها بريطانيا أعلى معدلات الإصابة بكوفيد-19 على مستوى العالم.
وتلقت أوروبا القرار البريطاني بنوع من الشك، وسط مخاوف من محاولات دول في الاتحاد التصرف بمفردها مما يعزز الشك بالفيروس. وتواجه أوروبا مصاعب في إقناع الأوروبيين بالتطعيم ضد اللقاح. وفي دراسة مسحية أجريت ما بين آذار/ مارس وأيلول/ سبتمبر جاء أنهم لن يطعموا ضد اللقاح. وفي فرنسا قالت نسبة النصف من الفرنسيين إنها لا تنوي أخذه. وفي ألمانيا قالت نسبة 29% إنها قد لا تطعم ضد فيروس كورونا.
ويقول الباحثون العلميون إن عملية الوصول إلى مستوى حصانة القطيع تقضي بتطعيم ثلثي السكان. ومع بدء بريطانيا حملة تطعيم جماعية للسكان البالغ عددهم 60 مليون نسمة إلا أن من يطعمون أولا سيكون محلا للنقاش.
وتوفر لدى بريطانيا يوم الثلاثاء 800.000 جرعة من لقاح فايزر/بيونتيك وهي كافية لتطعيم 400.000 مواطن. كما ستطرح أسئلة حول قدرة الدول على التطعيم أكثر من غيرها، فيجب إبقاء اللقاح تحت درجة 75 مئوية (103 فهرنهايت) مما سيجعل من توزيعه تحديا أمام الدول. ومع بداية العام الجديد يتوقع فتح مراكز تطعيم في الأماكن الرياضية والعامة حيث يتم توفير اللقاح.
وبريطانيا ليست وحدها من تحضر لعمليات تطعيم جماعية، فقد بدأت ألمانيا ببناء مراكز خاصة للتطعيم قبل عدة أسابيع. وفي الولايات المتحدة قالت الحكومة الفدرالية إنها تستطيع توزيع 6 ملايين جرعة من اللقاح في 24 ساعة.
وكانت الدولة الثانية التي سمحت باللقاح هي البحرين مع أنه لا يعرف الكيفية التي سيتم فيها توفيره لسكان البلد الصغير. وتقوم دول أخرى مثل روسيا والصين بمواصلة خططها لتوفير لقاحات خاصة بها. ويتوقع أن تتخذ الولايات المتحدة والدول الأوروبية قرارا باستخدام فايزر/بيونتيك في الأيام أو الأسابيع المقبلة. وربما تم السماح بتداول لقاح موديرنا والشركة البريطانية – السويدية أسترا زينكا.