واشنطن بوست: هل بنَت السعودية مصنعا لإنتاج الصواريخ الباليستية ومن ساعدها؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
4

لندن – “القدس العربي”:
هل يمكن للسعودية انتاج صواريخ باليستية؟ صور فضائية تثير الشكوك”، عنوان تقرير في صحيفة “واشنطن بوست” أعده بول سون. وقال فيه إن صورا فضائية تكشف عن قيام السعودية ببناء أول مصنع للصواريخ الباليستية.
وتثير الصور وتصريحات المسؤولين في المجال الدفاع اسئلة حول طموحات المملكة العسكرية والنووية في ظل ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما. ولو كان المصنع عام حيث رصد في قاعدة الوطح بجنوب-غرب البلاد فإنه سيفتح المجال أمام السعودية لإنتاج صواريخها الباليستية بشكل يغذي سباق تسلح مع إيران، المنافسة الرئيسية لها في المنطقة. ولأن السعودية لا تملك في الوقت الحالي سلاحا نوويا فأي صاروخ ينتج في المصنع سيظل سلاحا تقليديا. إلا أن وجود المصنع سيشكل مكونا حيويا في أي برنامج نووي سعودي مستقبلا. ويعطي المملكة نظريا القدرة على انتاج الرؤوس النووية المناسبة.

الصور الفضائية عالية الجودة في موقع “الوطح” تكشف عن آلة لصناعة المقذوفات الصاروخية باستخدام وقود صلب. وليس من الواضح فيما إن كان المصنع قد أكمل أو أنه أصبح ذا قدرة على تصنيع الصواريخ.

ويقول جيفري لويس الخبير في شؤون السلاح النووي بمعهد “ميدلبري للدراسات الدولية” في مونتيري، كاليفورنيا ” إمكانية بناء السعودية لصواريخ طويلة المدى ومحاولة الحصول على سلاح نووي، نتخيل أنهم غير قادرين على هذا. وربما أسأنا تقدير رغبتهم وقدراتهم”. وكشف لويس وزملاؤه عن المصنع عندما كانوا يحللون صورا فضائية من المنطقة. وقام خبيران آخران في الصواريخ بتحليل الصور الفضائية لصحيفة “واشنطن بوست” وهما مايكل إيلمان من معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية وجوزيف أس بيرموديز حي أر من نفس المركز، ووافقا أن الصور الفضائية عالية الجودة في موقع “الوطح” تكشف عن آلة لصناعة المقذوفات الصاروخية باستخدام وقود صلب.

 المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن رفضت التعليق على ما ورد في التقرير والصور الفضائية أو تقديم معلومات عن طبيعة المنشأة في قاعدة الصواريخ.

وليس من الواضح فيما إن كان المصنع قد أكمل أو أنه أصبح ذا قدرة على تصنيع الصواريخ. ومهما يكن فالمجمع الصناعي والذي تقترح الصور أنه أنشئ منتصف عام 2013 وعندما كان الملك سلمان وزيرا للدفاع، يعكس رغبة البلد للحصول على صواريخ متقدمة بعد سنوات من محاولة استيرادها من الخارج.
ورفضت متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن التعليق على ما ورد في التقرير والصور الفضائية أو تقديم معلومات عن طبيعة المنشأة في قاعدة الصواريخ. كما ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية التعليق أيضا. وتقول الصحيفة إن الأخبار عن وجود منشأة للصواريخ تأتي في وقت تواجه فيه المملكة منعطفا حرجا، فقد تبنت سياسة هجومية في ظل ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان والذي حذر ببرنامج “ستون دقيقة” على شبكة “إي بي أس” من تطوير بلاده السلاح النووي حالة حصلت فيه إيران على القنبلة النووية. وتولى ولي العهد وزارة الدفاع عام 2015 أي بعد وصول والده إلى العرش السعودي. وتتفاوض السعودية مع الولايات المتحدة لتوقيع صفقة تسمح لها ببناء مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة للأغراض السلمية. وأدى إصرار المملكة على تخصيب اليورانيوم محليا لمخاوف الولايات المتحدة التي باتت تشك ان المفاعل لا يهدف للأغراض المدنية بل وغطاء للأهداف العسكرية. وأدى مقتل الصحافي خاشقجي في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 في تركيا لتصلب في مواقف الكونغرس بشأن المفاعل النووي.
وتقول الصحيفة إن مغامرة السعودية لإنتاج صواريخ باليستية منطقية في ضوء ما تقوم به الجارة الإيرانية من تطوير برامجها للصواريخ الباليستية ،بالإضافة لإسرائيل التي تملك برامج نووية وباليستية متطورة. ولو توقفت إيران عن الالتزام ببنود الاتفاقية النووية التي خرجت منها إدارة دونالد ترامب العام الماضي فستكون قادرة على تطوير رؤوس نووية في أقل من عام حسبما يقول الخبراء. وقررت الولايات المتحدة الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 لاعتراضها على عدم وجود بنود لم تشملها وتجعل من إيران خطرا. وفي حالة طورت السعودية صواريخها الباليستية فستكون قادرة على مقاربة التطور الإيراني وما تعمل عليه إيران من سنوات بشكل سمح لها على تزويد المتمردين الحوثيين بالصواريخ الباليستية التي قاموا بتوجيهها ضد المدن السعودية في أكثر من مرة. وكانت “جين ويكلي” المتخصصة بالشؤون الاستخباراتية قد كشفت في عام 2013 عن قاعدة الوطاة عندما نشرت صورا لها. واعتقد أن القاعدة هي مكان لتخزين الصواريخ الباليستية التي اشترتها السعودية من الصين. وعندما حلل لويس وزميليه ديفيد شيمرلز وفابيان هينز الصور الفضائية التي التقطت في الفترة الأخيرة من خلال “بلانيت لابس” وجدوا أن “القاعدة لم تعد للصواريخ” حسبما قال لويس. ولا تزال القاعدة في مكانها براجماتها والمكاتب الإدارية والممرات الأرضية ولكن على الجانب الآخر ظهرت بناية جديدة وتظهر وكأنها مصنع للصواريخ ومصممة لتصنيع الصواريخ الباليستية. ويشمل المجمع على بناية طويلة مناسبة لكي تنصب عليها آلة الصواريخ وملئها بالوقود. وعثر الباحثون على مفتاح آخر للمبنى وهو الحاجز حول واحد من المباني والذي يقصد منه تحصينه من الإنفجارات.

تساءلت الصحيفة عن الطريقة التي استطاعت فيها السعودية الحصول على التكنولوجيا مجيبة أن هناك احتمال واحد وهو: من الصين

ونشرت في المجمع الأعمدة المضادة للبرق خاصة أن المبنى المعدني يجذب البرق والذي قد يؤدي إلى إشعال الوقود. وكون المبنى الجديد موجود في نفس الموقع الذي بنيت فيه قاعدة الصواريخ يؤكد حقيقة أن هناك مصنع لإنتاج الصواريخ الباليستية. وأثار وجود آلة لفحص الصواريخ القلق. فالبناء الأفقي كما يقول لويس والذي لم يظهر فيه أنابيب أو خزانات يقترح أن المنشأة صممت لإنتاج طاقة صلبة وليس سائلة. وغالبا ما يفضل استخدام الطاقة الصلبة على السائلة نظرا لسهولة إخفائها ويمكن الحفاظ عليها في حالة اندلاع نزاع. وتساءلت الصحيفة عن الطريقة التي استطاعت فيها السعودية الحصول على التكنولوجيا مجيبة أن هناك احتمال واحد وهو: من الصين. ويقول إن منصة الفحص الصاروخية المنصوبة تبدو وكأنها صينية الصنع. ففي الوقت الذي تقوم فيه الدول الأخرى بفحص الصواريخ في الأماكن المفتوحة تفضل الصين تغطية اللهب المنطلق من المحرك الملتهب وتبرد بناية الفحص بالماء خشية أن يندلع حريق. ويبدو مجمع فحص الصواريخ صورة مكررة ومزود بخندق ماء قرب منصة الصواريخ ومياه جارية. وباعت الصين صواريخ باليستية للسعودية ولدول أخرى. وقامت الباكستان في التسعينات من القرن الماضي ببناء مجمع سري للصواريخ قصيرة المدى مستخدمة التصاميم والمعدات التي قدمتها الصين لها. وأثار المجمع الباكستاني انتباه المسؤولين السعوديين. ولا يعرف ما هو الدور الذي لعبته الباكستان أو الصين في المصنع السعودي ولا أنواع الصواريخ التي ينتجها أو يحاول إنتاجها. ولم ترد لا سفارة الصين أو الباكستان في واشنطن على أسئلة الصحيفة. ويعتقد كل من لويس وإيلمان وبيرمودز إن المجمع السعودي أصغر من الباكستاني والمجمع الصيني مما يقترح محدودية قدرته. ولم تظهر الصور الفضائية سيارات في موقف المجمع مما يعني أن المصنع لم يبدأ بالعمل بعد. ولا يحتوي إلا على عدد من الحواجز المضادة للانفجارات أسوة بالمجمعات في دول أخرى. ومن الناحية التقليدية حاولت الولايات المتحدة منع انتشار الصواريخ الباليستية وفرض في التسعينات عقوبات على الصين لتزويدها معدات انتاج الصواريخ للباكستان. وقال إيلمان: “في الظروف العادية فإننا نعمل ما باستطاعتنا لكي نقنع السعودية عدم القيام بها” مضيفا أن “الولايات المتحدة عارضت وبشكل مستمر نقل الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية”. والوسيلة الوحيدة لمنع نقل التكنولوجيا هذه من خلال نظام التحكم بتكنولوجيا الصواريخ وهي معاهدة غير رسمية تضم عددا من الدول تعمل على منع انتشار أنواع من الصواريخ إلا أن الصين ليست من الموقعين عليها. ورغم بيع الولايات المتحدة عددا من الأسلحة المتقدمة للسعودية إلا أنها لم تزودها بالصواريخ الباليستية التي تعتقد أنها لا تخدم استقرار المنطقة. فقد رفضت واشنطن بيع السعودية ما يطلق عليها الفئة الأولى من الطائرات بدون طيار بما فيها بيردتر وريبر نظرا لمنع المعاهدة بيعها. وبدلا من ذلك بحثت السعودية عن مساعدة الصين لشراء الدرون وبناء مصنع ينتج نسخا مشابهة للبريدتر في السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسين حميد:

    – أمريكا تؤلب العالم و خاصة العربي علي ايران و مخاطرها النووية قبل التشيع و قد استخدمتها فزاعه لتسويق منتهي الصلاحية في ترساناتهم اليهم و الحجة المد الإيراني قادم .( لست ممن يدافعون عن إيران )
    – الان السعودية ان كان ذلك الخبر صحيح فما سبب تسائلهم و عدم ارتياحهم ؟
    – ستريحهم السعودية من ايران و مواجهتها و تحمي جنودهم من الموت !
    – هل نفهم سبب الغضب الامريكي بكسر السعودية للطوق الامريكي و فقدانهم لمورد اخر كانوا يعدونه لمزيد من الاستنزاف ؟
    – لن يحل ترامب عن الخليج حتي يفلسهم و تنتهي ولايته !

  2. يقول عصام اليماني:

    مصنع ايش يا جماعة الخير وهم ذهبوا لباكستان واعطوها 10 مليار طلبا للحماية ومن بعدها مصر يبحثون عن من يحميهم بشكل هيستيري ما اكتفوش بمصر ومازالوا خايفين ويتملقون لعمران خان وهو ذكي سلخهم للآن 14 مليار دولار بعدما هددهم ترامب بحلبهم حلبا رغم انفاقهم الهائل سنويا على شراء السلاح مازالوا مرعوبين من هبة هواء

  3. يقول Passerby:

    هاه… صار لهم من عام 2013 ولم ينتجوا صاروخاً واحداً والحوثيون الذين لا يملكون حتى الطعام أمطروا الرياض وأبو ظبي بالصواريخ. أعتقد هذه المنشآت التي يتحدث عنها التقرير أعلاه مجرد قصور ملكية تحوي على ملاعب تنس وبرك سباحة إلى آخره، فالسعودية مليئة عن بكرة أبيها بالقصور الملكية ولا نستغرب هذا إذا عرفنا أن هناك خمسة آلاف أمير من الدرجة الأولى وكل واحد لديه بضعة قصور، قال مصنع صواريخ قال! وهل يجرؤون على استعمالها بدون إذن أمريكي طالما أن القرار السياسي ليس بيدهم ناهيك عن القرار العسكري.

  4. يقول علي ط الجزائر:

    الخليج العربي لا يملكون جيش واحد فهم يملكون أسلحة متطورة صحيح لكن لا يحسنون استخدامها. وأمريكا تعرف هذا جيدا حتى الرؤوس النووية التي حصلت عليها يشرف عليها خبراء اجانب. لذا لا تنتظروا من ملوك العار الا الذل وتهريب اموال المسلمين إلى الغرب…

إشترك في قائمتنا البريدية