طرابلس ـ «القدس العربي»: في ظل استمرار تدهور الأوضاع السياسية في البلاد، أعرب وزراء خارجية مجموعة السبع عن قلقهم العميق إزاء التطورات الأخيرة في البلاد، وخاصة تلك التي تتعلق بقيادة مصرف ليبيا المركزي والمجلس الأعلى للدولة، مشيرين إلى أنها تظهر هشاشة الوضع الراهن وعدم استدامته، ووجهوا في الوقت نفسه رسالتين إلى الأطراف الليبية في هذا الشأن.
وحسب بيان صادر في ختام اجتماع في أعقاب قمة المستقبل في نيويورك الثلاثاء، دعا وزراء خارجية مجموعة السبع الأطراف الليبية المعنية على التوصل بسرعة إلى التسويات اللازمة للبدء في استعادة سلامة مؤسسات البنك المركزي الليبي ومكانته لدى المجتمع المالي الدولي.
ودعوا الجهات السياسية الليبية إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية ضارة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد التوتر السياسي والتشرذم وتجعل البلاد عرضة للتدخل الأجنبي الضار.
وتضم مجموعة الدول السبع كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، كما شارك في الاجتماع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي.
وتزايد تعقيد المشهد السياسي الليبي مع أزمة الصراع على القيادات في مصرف ليبيا المركزي، ولم تفلح حتى الآن وساطة الأمم المتحدة بين ممثلي الرئاسات الثلاث في حل مشكلة تعيين محافظ جديد للمصرف، فيما لا يُستبعد أن تتجه التدخلات الخارجية، خصوصاً الإقليمية منها، إلى عقد صفقة تقاسم الثروة والسلطة بين الأطراف الرئيسية للأزمة، سعياً لرفع الإغلاق عن حقول النفط واستئناف عمليات التصدير.
وانعكس الانقسام داخل المجلس الأعلى للدولة بسبب الخلاف بشأن نتائج انتخابات رئاسة المجلس سلبياً على وضعه كشريك لمجلس النواب وفق الصلاحيات الواردة في اتفاقي الصخيرات وجنيف في المفاوضات الجارية منذ أسبوعين برعاية أممية بين المجلسين إلى جانب المجلس الرئاسي لحلحلة أزمة المصرف المركزي، دون أن تفضي إلى توافق، ما جعل هذه المفاوضات تنحو إلى اتجاه غامض.
وأعرب أعضاء مجموعة السبع عن دعمهم لجهود القائمة بأعمال المبعوث الأممي ستيفاني خوري لدعم استقرار ليبيا، ودعوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تعيين مبعوث أممي خاص جديد دون تأخير.
وحسب بيان صادر في ختام اجتماع في أعقاب قمة المستقبل بنيويورك الثلاثاء، أكد وزراء خارجية مجموعة السبع ضرورة إعادة إطلاق العملية السياسية التي يقودها الليبيون ويملكها الليبيون والتي تيسرها الأمم المتحدة من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة.
وتولت خوري مهام المبعوث الأممي عبد الله باتيلي الذي قدم استقالته في منتصف نيسان/أبريل الماضي، ومنذ ذلك الحين تجري خوري مباحثات مع الأطراف السياسية في ليبيا.
كما أن استقالة باتيلي جاءت على خلفية تعثر مبادرته لجمع الأطراف الرئيسية الخمسة -المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب والقيادة العامة ومجلس الدولة- على طاولة مفاوضات تستهدف حل الإشكالات التي حالت دون إجراء الانتخابات في العام 2021.
وفي السياق، بحث رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقائهما مساء الثلاثاء، بمقر البعثة الليبية الدائمة لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، إعادة إحياء وتفعيل اللقاء الثلاثي لدفع العملية السياسية في ليبيا.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي إن لقاء المنفي وأبو الغيط تمحور حول تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحة الليبية، بالإضافة لإعادة إحياء وتفعيل اللقاء الثلاثي والدفع قدمًا بالعملية السياسية، وتوحيد المواقف لدعم القضية الفلسطينية.
واللقاء الثلاثي ضم إلى جانب المنفي كلًا من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، وعقِد مرة واحدة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة في 10 آذار/مارس الماضي، بحضور أبو الغيط.
وأعلن قبل أسابيع ماضية عن عزم الجامعة العربية لاستضافة جولة ثانية للقاء الثلاثي، إلا أنه تأجل مرات عدة، قبل أن تتضاءل الآمال في انعقاده بسبب التصعيد المتبادل بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي وانقسام المجلس الأعلى للدولة منذ 6 آب/أغسطس الماضي على خلفية أزمة انتخابات مكتب الرئاسة التي يتنازع عليها كل من تكالة وخالد المشري.
وتتضاعف التأثيرات السلبية لأزمة المركزي، حيث يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن الأزمة المستمرة حول إدارة مصرف ليبيا المركزي لها تأثير فوري على زيادة أسعار السلع الغذائية محلياً، راصداً زيادة بنسبة 2.8٪ في متوسط أسعار الغذاء خلال تموز/ يوليو وآب/أغسطس الماضيين.
وجاء في تقرير البرنامج المنشور الإثنين، أن الحد الأدنى لسلة الإنفاق على الغذاء ارتفع 2.8٪ في ليبيا بين يوليو وأغسطس الماضيين، ليصل إلى 954 ديناراً تقريباً، مشيراً إلى أن المنطقة الجنوبية هي الأكثر غلاءً بين المناطق الليبية.
ويمثل ذلك امتداداً لاتجاه صعودي ثابت لسعر سلال الغذاء المسجل منذ يناير العام 2024 في ليبيا، مع زيادة الأسعار بشكل عام بنسبة 17.8٪ مقارنة بالأسعار المسجلة في بداية العام الجاري.
ورصد تقرير برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، زيادة كبيرة في الأسعار في آب/أغسطس الماضي في مناطق ليبيا الثلاث (الشرقية والغربية والجنوبية).
وشهدت المنطقة الغربية الزيادة الأكبر في نسبة الارتفاع بـ4.2٪، إذ زادت تكلفة سلة الغذاء الأساسية إلى 956.39 ديناراً.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أن الأزمة المستمرة حول إدارة مصرف ليبيا المركزي لها تأثير فوري على زيادة أسعار السلع الغذائية محلياً، راصداً زيادة بنسبة 2.8٪ في متوسط أسعار الغذاء خلال تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين.