نيويورك (الأمم المتحدة)-“القدس العربي”: قالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، إن مصر والسودان تنسقان مواقفهما تماما ومحاولة وزير الري الإثيوبي أن يفرق بين الموقفين المصري والسوداني الآن غير موفقة. جاء ذلك ردا على سؤال “القدس العربي” حول محاولة وزير الري الإثيوبي التفريق بين موقفي مصر والسودان.
جاء ذلك في لقاء للوزيرة السودانية مع الصحافة المعتمدة بعد جلسة مجلس الأمن الخميس حول سد النهضة. وقالت الوزيرة: “هذا سؤال مهم لأن الوزير الإثيوبي حاول أن يقول إن السودان غـير مواقفه لكنه لم يتحدث عن خلافات. وهذه طريقة مؤسفة اتبعتها إثيوبيا. كذلك تحاول إثيوبيا أن تقول، وللأسف، إن هناك خلافات بين العرب الأفارقة (وعرب المشرق) ولذلك كان الهجوم الإثيوبي الكبير على الموقف المعتدل الذي اعتمدته الجامعة العربية. وحاول كذلك أن يقول إن مصر والسودان لهما مشكلة مع كل دول حوض النيل. كل ذلك تهرب من جانب إثيوبيا في اتخاذ موقف حقيقي ومحاولة حرف الأبصار عن المشكلة. أما بخصوص موقفي مصر والسودان فهما متحدان في المطالبة باتفاق قانوني وملزم. ولكن عندما ندخل في تفاصيل هذا الاتفاق فهناك فروق في انشغالاتنا. نحن أقرب إلى السد فآثاره علينا مباشرة لقربه من حدودنا ليس كمثل مصر التي يبعد السد العالي عن سد النهضة نحو 2000 كلم. الحقيقة أن الانشغالات مختلفة فالفقر المائي في مصر أهم منه في السودان. الماء في مصر أمن استراتيجي. إثيوبيا لديها انشغالات أخرى مختلفة فالحل يكون بالتوصل لاتفاق قانوني وملزم”.
وأضافت المهدي ردا على سؤال آخر أن هناك إمكانيات تعاون بين الدول الثلاث وشددت على أهمية الاتفاق القانوني للملء والتشغيل وحماية الأمن الاستراتيجي للسودان، وأكدت في الوقت ذاته أن تصرفات إثيوبيا التي لا تراعي حقوق الجيرة واتخاذها خطوات منفردة من شأنها أن تهدد حياة ملايين السودانيين. وقالت: “إن وجود سد ضخم كسد النهضة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية وملئه دون تنسيق يشكل خطورة على المجتمعات المحلية والسودان عموما”. وأكدت الوزيرة أن الحل يكمن في التوصل لاتفاق ملزم قانونيا وضمن إطار زمني محدد.
وردا على سؤال حول الخطوات القادمة التي سيتخذها السودان في حال فشل مجلس الأمن بتبني مشروع القرار التونسي، قالت المهدي “نشعر بالتفاؤل بأن يقوم مجلس الأمن بتبني مسؤوليته وألا يتخلى عنها. ولقد سمعنا من بعض الدول أن لديها مخاوف من تبني مشروع قرار من هذا القبيل لأنه سيشكل سابقة وأنهم لا يرغبون بنقاشه في المجلس. وعلى الرغم من ذلك يجب أن نقول إنه لا يمكن لهذه المنظمة المهمة ترك هذه القضية المهمة دون معالجة. هذا هو الوقت الذي على مجلس الأمن أن يظهر فيه أنه يمكنه أن يطبق بالفعل الدبلوماسية الوقائية على أرض الواقع وليس كقوات حفظ السلام. بل دبلوماسية وقائية من أجل بناء الثقة في عدد من الخطوات كتلك التي تتخذ مع الاتحاد الإفريقي ولكن كذلك بناء الثقة بين الدول الثلاث”.
وقالت وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق المهدي، أمام أعضاء المجلس إن السودان يتطلع إلى عون المجلس ودوره الإيجابي في حل هذا النزاع الشائك، مشيرة إلى أن السودان كان ولا يزال يقر بحقوق إثيوبيا في الاستغلال الحالي والمستقبلي لمياه نهر النيل.
وقالت إن السودان دعم سد النهضة منذ البداية، شريطة أن يتم ملؤه وتشغيله وفقا لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث، ودون إلحاق ضرر مع تعزيز أعراف حسن الجوار. “السودان يعلم بفائدة سد النهضة له من حيث الوقاية من الفيضانات وانسياب جريان المياه بصورة منتظمة طوال العام، هذه الفوائد تحدث إذا تم ملء السد الكبير وجرى تشغيله بصورة تجعل السودان على علم بالكيفية التي يتم بها الملء والتشغيل، وهو أحد مبادئ الأعراف والقوانين المعمول بها في الأنهار العابرة والحدود”.
واستمرت جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة نحو 3 ساعات وأعقب الجلسة لقاءات مسؤولي الدول الثلاث مع الصحافة.
وهذه هي المرة الثانية التي يناقش فيها مجلس الأمن الدولي هذه القضية، حيث كانت المرة الأولى في حزيران/يونيو 2020.
فخلال عام 2020، بدأت إثيوبيا بملء الخزان لأول مرة، وتم حجز ما يقرب من 4.9 مليار متر مكعب من المياه. ومع بدء موسم الأمطار لعام 2021، أعلنت إثيوبيا عن بدء تراكم مياه إضافية في الخزان.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنغر آندرسون، في إحاطتها عبر تقنية الفيديو، إنه في حين أن المياه المشتركة كانت محل خلاف، بإمكانها أن تكون أيضا أساسا للتعاون. “يمكن أن تكون البنية التحتية الهيدروليكية جيدة التخطيط على مسار نهر مشترك مصدرا للتعاون المعزز ولا يلزم أن تكون مباراة لا ينتصر فيها أحد”.