الناصرة- “القدس العربي”: بخلاف التيار السائد عشية ما يبدو أنه ضربة إسرائيلية ضد إيران، رداً على ضربتها المباشرة، يؤكد وزير الأمن الداخلي السابق عومر بارليف أنه من المهم النظر إلى المواجهة المباشرة ما بين الدولتين، والتفكير بعمق في نتائجها، وما سيحدث لاحقاً.
بارليف: الإنجاز الإسرائيلي الإستراتيجي الذي لا يقلّ أهميةً عن الإنجاز العسكري، هو بناء ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة مع دول عربية، ساعد في الدفاع عن إسرائيل
ويعلل بارليف قوله ذاك بالقول إنه خلال جولتَي القتال الأخيرتَين والوحيدتَين حتى الآن، كانت يد إسرائيل هي العليا، زاعماً أن “في الضربة الأولى أطلقت إيران على إسرائيل نحو 500 سلاح من أنواع مختلفة، والنتيجة كانت اعتراضها جميعاً تقريباً. أمّا في الضربة الثانية، فحاولت إيران استخلاص العبر من الفشل، وأطلقت نحو 180 صاروخاً باليستياً، وهي الأخرى اصطدمت بالجدار الحديدي الذي وضعته إسرائيل”.
ويمضي بارليف، في مقال تنشره صحيفة “هآرتس”: “لا يدور الحديث هنا حول إنجاز تكتيكي إسرائيلي فقط، بل عن نجاح إستراتيجي. كانت قدرة إيران المباشرة والأساسية ولا تزال في منظومة المسيّرات والقذائف والصواريخ؛ هذه المنظومة تلقّت ضربة كبيرة، في الوقت الذي حافظت إسرائيل على قدراتها الهجومية التي ما تزال مجهولة.
ويرى أن الإنجاز الإسرائيلي الإستراتيجي الآخر، والذي لا يقلّ أهميةً عن الإنجاز العسكري، هو بناء ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة مع دول عربية، ساعد في الدفاع عن إسرائيل.
وهذا دليل آخر على قوة التهديد، ليس إزاء إسرائيل فقط، بل أيضاً إزاء الشرق الأوسط برمته، وحتى أبعد من ذلك، وعلى الأهمية الكبيرة لبناء تحالف ضد التهديد في أوساط الدول في الإقليم والولايات المتحدة.
ويمضي في مزاعمه: “الإنجاز الإسرائيلي كبير جداً، وتم تحقيقه في مجال الدفاع، وأيضاً الهجوم. لذلك، بعد الهجوم الأول، اعتقدت أنه على الرغم من الهجوم الأولي، والرغبة الإسرائيلية لديّ ولدى غيري في تدفيع إيران الثمن في الأملاك والقدرات والأرواح على أرضها، فإن الإنجاز في مجال الدفاع يعوّض أيّ رد هجومي إسرائيلي. بعد الهجوم الإيراني الثاني، يمكن التساؤل عمّا إذا كان الرد من أجل الرد هو خطوة صحيحة على الصعيد الإستراتيجي”.
ويتساءل بارليف هل هناك حاجة إلى الرد بعد جولتين؟ ويوضح أن هذه الأسئلة يجب أن تُطرَح؛ هل الخطوة الإسرائيلية التالية يجب أن تكون تكتيكية، أم إستراتيجية. ويحيب بنفسه: “في نظري، في حال بقيت الضربة- الرد في الإطار التكتيكي، يمكنها أن تُلحق الضرر بقدرة الردع الإسرائيلية أكثر مما يمكنها تعظيمها.إذا قام الجيش بتنفيذ هجوم محدود لمنع التصعيد، فسيضيّع الإنجاز الدفاعي. وإذا ضرب البنى التحتية العسكرية والمدنية بشكل واسع، فسيكون على إيران الرد، وستجد إسرائيل نفسها أمام نوع من أنواع حرب الاستنزاف الطويلة التي ستضرّ بها وتكون خطِرة جرّاء الضربات والرد عليها. لا يجب الوصول إلى هذه المصيدة التي يمكنها أن تستنزف الإنجاز الإسرائيلي على صعيد تقوية الردع”.
من هنا يستنتج بارليف أن الموضوع الوحيد الذي يجب وضعه على الطاولة هو الموضوع الإستراتيجي: الخطة النووية الإيرانية، واحتمال التهديد الوجودي الوحيد على إسرائيل. يجب على الجيش والحكومة التركيز على هذا المجال. على الصعيد الإستراتيجي الشامل، وليس التكتيكي، يجب الامتناع عن التركيز على البعد التكتيكي فقط.
بارليف: في حال بقيت الضربة- الرد في الإطار التكتيكي، يمكنها أن تُلحق الضرر بقدرة الردع الإسرائيلية
منوهاً أن أغلبية الأشخاص المعنيين بالموضوع تتفق على أنه بهدف إلحاق الضرر الكبير بالقدرات النووية الإيرانية، يجب أن يكون هناك تعاون وطيد مع الولايات المتحدة مرجّحاً أن هذا التعاون غير ممكن عشية الانتخابات، لكن قد يكون ممكناً بعد الانتخابات هناك.
محذراً أنه من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستلتزم، بعد الانتخابات، بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، لكن من الضروري لإسرائيل أن تحاول.
ويضيف: “حتى ذلك الوقت، كل خطوة هجومية أُخرى من طرفنا ضد إيران ستكون رداً تكتيكياً فقط على هجوم إيراني فاشل. لقد شعر النظام في طهران بالقوة الإسرائيلية في الدفاع، ورأى قدراتها الهجومية في غزة ولبنان، وأيضاً في اليمن، حيث تقوم إسرائيل بقطع أذرعه الطويلة. لذلك، لا يجب على إسرائيل أن تفكر الآن في ما يمكن القيام به، وهو يشبه ما قامت به أصلاً. عليها أن تنظر إلى المستقبل، نحو التهديد الحقيقي”.