حكومة نتنياهو السادسة حكومة خراب، يضاف للخراب الأمني خراب اقتصادي على الطريق. التهديدات التي تلحق باقتصاد إسرائيل هائلة. كان متوقعاً أن تتجند الحكومة للعمل على استقرار الساحة الاقتصادية على الأقل، لكنها فعلت العكس. وزير الاقتصاد، نير بركات، هاجم من الكنيست أمس مخطط المساعدة الاقتصادية الذي يعمل عليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ ففي ذروة الحرب الأصعب التي مرت على إسرائيل منذ 50 سنة، وفي الوقت الذي تتوق فيه الجبهة المدنية الداخلية لمساعدة ويقين اقتصادي ما، باتت الحكومة غير قادرة على أن تقرر اقتراحها للمساعدة، بل وتزرع انعدام يقين.
وليس هذا فحسب، فالوزراء يستغلون الوضع كي يسطوا على الصندوق العام بأسرع وقت ممكن، قبل أن تسقط الحكومة وتضيع معها فرصة المكسب المالي. رغم أن سموتريتش أعلن بأن ثمة إنفاقاً في الميزانية غير ضروري سينقل إلى المجال الحربي، بما في ذلك الأموال الائتلافية، لكن ضخ الأموال يتواصل بوتيرة متسارعة عملياً. الأموال الائتلافية هي الإنفاق المالي الأكبر الذي يمكن تحويله من الميزانية. يدور الحديث عن نحو 6 – 7 مليارات شيكل مخصصة “لتسمين” قاعدة أحزاب اليمين: تعظيم مشروع الاستيطان في “المناطق” [الضفة الغربية]، وتمويل حياة الحريديم خارج سوق العمل من خلال زيادة مخصصات الطالب الديني، ودفع علاوات أجر سائبة بقرابة مليار شيكل للمعلمين الحريديم.
في الأسبوعين منذ نشوب الحرب، فتح الوزراء الصنبور وضخوا طلبات في الدفع قدماً بمعالجة الأموال الائتلافية بمئات ملايين الشواكل. الصدمة الوطنية الرهيبة – 130 ألف نازح موزعين في أرجاء إسرائيل؛ ومساعدة عاجلة للعائلات التي تضررت في الغلاف… كل هذه في سلم أولويات متدن لدى وزراء الحكومة؛ فهم منشغلون الآن كما أسلفنا بتحويل الدفعات للحريديم. رغم تصريحات الوزير سموتريتش الرسمية، فإنه يعمل وفقاً للمصلحة الحزبية وليس الوطنية. وبالفعل، فإن مليارات الشواكل المحصصة لدفع علاوات أجور المعلمين الحريديم جمدت مؤقتاً. ولكن بدون حسم قاطع من جانب وزير المالية، فإن الأموال ستحرر قريباً بينما يصمت سموتريتش في هذه الأثناء. وبالتوازي، يدفع سموتريتش قدماً بسرعة الوسيلة الحسابية التي ستسمح بتوزيع ميزانية الدولة – استخدام “الصندوق” كي لا يحصي نفقات الحرب كجزء من الميزانية. هذه مناورة مكشوفة تستهدف إعفاءه من الحاجة لتقليص الأموال الائتلافية. محافظ بنك إسرائيل، أمير يرون، حذر أمس من أن توسيع الميزانية بواسطة “الصندوق” بدلاً من تقليص نفقات زائدة، سيعرض استقرار إسرائيل الاقتصادي للخطر. لكن في هذا الوقت، لا يبدو أن أحداً ما في الحكومة يهمه هذا. هذا ليس خطراً اقتصادياً فحسب، بل أمني أيضاً؛ إذ لا يوجد جيش قوي بدون اقتصاد قوي.
أسرة التحرير
هآرتس 25/10/2023