بغداد ـ «القدس العربي»: استبعد نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي، ووزير الخارجية، فؤاد حسين، أمس الثلاثاء، لجوء إيران إلى «الخيار العسكري» لاستهداف الأحزاب الإيرانية المعارضة التي تتواجد في كردستان، تزامنا مع مشارفة مهلة طهران لنزع سلاح معارضيها على الانتهاء في 19 من هذا الشهر، موضحا أن بلاده أبعدت هذه الأحزاب عن الحدود الإيرانية.
علاقة «قوية»
وقال في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره النمساوي، ألكساندر تشالنبيرغ، الذي زار بغداد أمس: «لدي زيارة يوم غد (اليوم) إلى طهران» مؤكدا أن «العلاقة الإيرانية ـ العراقية قوية وواسعة، وهي تاريخية جغرافية ثقافية وتجارية».
وأضاف: «لكن هذا لا يعني أنه لا توجد هناك بعض المشاكل بين البلدين، غير أن هذه المشاكل يتم التعامل معها عن طريق المفاوضات».
وأشار إلى أن «مسألة تواجد أحزاب أو تنظيمات للمعارضة الإيرانية في كردستان العراق تعود إلى 50 أو 40 سنة قبل الآن» لافتا إلى أن «دستور البلاد لا يسمح لأي مجموعة أو حزب، بالهجوم على دول الجوار».
وبشأن إمكانية تنفيذ إيران حملة عسكرية لاستهداف معارضيها في شمال العراق، عقب انتهاء المهلة، أفاد بأن «لا يمكن أن يتم تهديد السيادة العراقية من خلال العنف، والعلاقات الثنائية تمنع استخدامه».
وواصل: «نتباحث مع الجانب الإيراني بعدم استخدام العنف أو قصف مناطق في العراق، وبناء على الاتفاق المبرم بين الحكومة العراقية والحكومة الإيرانية تم اتخاذ الإجراءات اللازمة بإبعاد تلك الأحزاب والمجموعات عن الحدود الايرانية، وتم إسكانهم في أماكن بعيدة، وفي عمق إقليم كردستان العراق».
ورجح «عدم استخدام الجانب الإيراني العنف ضد كردستان العراق، وبالتالي ضد سيادة العراق».
وفي وقت سابق من آب/ أغسطس الماضي، حذرت طهران من أنها ستتحمل مسؤولية حفظ أمنها في حال لم يحترم العراق تعهده «بنزع سلاح» الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة الموجودة في كردستان بحلول 19 من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري.
قال إن المشاكل يتم التعامل معها عن طريق المفاوضات
ومطلع هذا الأسبوع، جدد عباس نيلفروشان، نائب العمليات العامة في «الحرس الثوري الإيراني» تهديدات بلاده بمهاجمة مواقع الأحزاب الكردية التي تتخذ من كردستان مقرا لها، مشيرا إلى أن قوات الحرس ستعود إلى ما وصفه بـ«الوضعية السابقة لحماية مصالح الشعب الإيراني» حسبما ذكرت وكالة أنباء «تسنيم» الإيرانية.
وأضاف: «منطق حسن الجوار يفترض عدم السماح للإرهابيين باتخاذ الإقليم قاعدة لتنفيذ هجمات ضدنا» مشيرا إلى أن إيران «ملتزمة بالاتفاقات التي وقعتها مع العراق في مارس/ أذار الماضي، ونطالب بغداد بتنفيذ التزاماته كما التزمت طهران».
وفي مارس/ آذار الماضي، رعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني توقيع محضر أمني مشترك بين العراق وإيران، حيث وقع المحضر الذي تضمن التنسيق في حماية الحدود المشتركة بين البلدين، وتوطيد التعاون المشترك في مجالات أمنية عدة، عن الجانب العراقي مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وعن الجانب الإيراني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني.
والجمعة الماضية، أكد السوداني أن العراق «ملزم» بمعالجة مخاوف إيران الأمنية.
جاء ذلك خلال لقائه وفدا صحافيا إيرانيا على هامش أعمال زيارة «الأربعين» مضيفا: «نعتبر أنفسنا ملزمين بمعالجة مخاوف طهران الأمنية بشأن التحركات الإرهابية في إقليم كردستان» حسب وكالة «نور نيوز» الإيرانية.
وأكد «جدية الحكومة العراقية في تنفيذ بنود الاتفاقية الأمنية مع طهران بشكل كامل، سيما بعد تزايد التحركات الارهابية خلال الأعوام الماضية التي كانت تستهدف استقرار الجمهورية الإسلامية الايرانية».
كما شدد على عزم الحكومة العراقية على «ضبط الحدود بين البلدين الجارين» قائلا: «أنفقنا أكثر من 200 مليون دولار على هذه المسألة، ونشرنا أكثر من 3 آلاف جندي من قوات الجيش على الحدود مع إيران واقليم كردستان» وفق المصدر ذاته.
توحيد الجهود
وبعد أن اختتم زعيم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بافل طالباني، زيارة رسمية لطهران، اجتمع أمس في السليمانية، مع سفير الجمهورية الإسلامية في العراق، محمد كاظم آل صادق، حيث «تمت مناقشة آخر التطورات والمتغيرات التي تشهدها المنطقة، وتم التركيز على توحيد الجهود لحل المشاكل» وفق بيان لمكتب طالباني.
وأشار طالباني إلى جهود الاتحاد لحل المشاكل بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وقال إن جهودنا لتحسين الوضع ما زالت مستمرة ونأمل أن نجد حلا للمشاكل في أسرع وقت ممكن».
وكان طالباني، وهو نجل رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، قد بحث في طهران، مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، توسيع آفاق التعاون بين إقليم كردستان وإيران.
وذكر بيان للاتحاد، أن «طالباني اجتمع (مساء أول أمس) مع عبد اللهيان وأكد الجانبان، خلال الاجتماع الذي حضره رفعت عبد الله مقرر الهيئة العاملة للمكتب السياسي، ودرباز كوسرت رسول عضو الهيئة العاملة للمكتب السياسي، وعماد أحمد عضو المكتب السياسي، وهيوا أحمد رئيس جهاز الأسايش في الإقليم، على تعزيز وتطوير العلاقات الصداقة وتوسيع آفاق التعاون فيما بين الإقليم والعراق من جهة والجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة أخرى بما يخدم تحقيق المصالح العليا وصون الاستقرار في المنطقة».
وأوضح طالباني خلال الاجتماع، «موقف الاتحاد الوطني الكردستاني إزاء آخر المستجدات والتطورات السياسية في المنطقة».
وأضاف: «هدفنا تحقيق الاستقرار والتعايش المشترك في المنطقة وندعم تماما الحوار والتفاهم المسؤول لتحقيقه، ونرى أنه السبيل الوحيد للتغلب على المشكلات والوصول الى الأهداف الوطنية». في حين، أشار عبد اللهيان الى «دور والسياسة الحكيمة للرئيس الراحل مام جلال» مشيرا إلى أنه «كان قائدا جامعا للأصوات والألوان المختلفة، ولا يمكن نسيان تأثيره في بناء العراق الجديد، لذا ننظر باحترام وتقدير الى جهوده بهذا الصدد».
وبحث الجانبان، وفق البيان، «سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين العراق والجمهورية الإسلامية وأهمية توسيع التعاون والتنسيق وتفعيل التبادل التجاري».