الدوحة ـ “القدس العربي”:
قال علي شريف العمادي وزير المالية القطري، إن معظم دول منطقة الشرق الأوسط تعاني من تراجع الأداء الاقتصادي وضعف البنية التحتية والمرافق العامة، وزيادة معدلات البطالة والفقر وانتشار الفساد، وهو الأمر الذي يمثل مخاطرة كبيرة بحدوث مزيد من الاضطرابات مما يهدد الأمن والاستقرار وجهود التنمية في المنطقة.
وقال العمادي لدى افتتاحه اليوم بالدوحة أعمال مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، الذي يجمع أكثر من 270 شخصية بارزة من 73 دولة، إن “منطقة الشرق الأوسط تتمتع بمصادر طبيعية هائلة وقدرات مالية ضخمة وطاقات بشرية كبيرة هي كلها مقومات أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، لكن لم يتم الاستفادة من هذه الإمكانيات بكفاءة حتى الآن، حيث نجد أن الأوضاع الاقتصادية الفعلية في المنطقة لا تتناسب مع الإمكانيات المتوفرة”.
وأكد على الحاجة الملحة إلى “سد ثغرات مهمة تعيق عملية التنمية ومنها ضرورة وضع خطط متكاملة لتطوير التعليم والتدريب المهني والقوانين والتشريعات لبيئة الأعمال، وكذلك دعم الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي”.
وقال العمادي أن مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط الذي يعقد تحت عنوان “فرص الشرق الأوسط والتقدم للأمام”، ينعقد في ظل ظروف معقدة، حيث يشهد العالم تحديات وتحولات جوهرية على الساحة الاقتصادية وزيادة السياسات الحمائية والخلافات التجارية بين الدول الكبرى، مما يؤثر على جهود التنمية والنمو الاقتصادي في مختلف مناطق العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط.
ويناقش المشاركون في المؤتمر على مدى يومين أبرز التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بمشاركة خبراء باحثين وأكاديميين ورجال أعمال وصانعي القرار من جميع أنحاء العالم.
ومن المقرر أن يقدم المؤتمر الذي تنظمه اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات بوزارة الخارجية القطرية، بالشراكة مع “مركز تنمية الشرق الأوسط” CMED بجامعة كاليفورنيا- لوس أنجلوس، نظرة شاملة للقضايا الساخنة في المنطقة وفي العالم، مع تبادل الأفكار والرؤى بشأن الآفاق المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم في المجال الاقتصادي.
وقد أجمع المتحدثون خلال اليوم الأول للمؤتمر على ضرورة الاهتمام بعدد من القضايا ذات التأثير المباشر على المنطقة، منها التداعيات المترتبة على استمرار النظم الشمولية، والتصدي لظاهرة الفساد، والاهتمام بالشباب، وتعزيز قضايا المرأة، والتغيرات المناخية ودور التعليم والتكنولوجيا الحديثة في إحداث تغيير مباشر بالمنطقة.
الاحتجاجات نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية
وقالت جويس باندا الرئيسة السابقة لجمهورية ملاوي، أن دول العالم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بدعم حرية التجمع والصحافة وتحقيق العدالة، بالإضافة إلى معالجة تحديات التغير المناخي، لاسيما وأن هذه الأمور تسهم بصورة مباشرة في تحقيق النمو الاقتصادي بالمنطقة، مشددة في الوقت ذاته على أهمية تمكين الشباب ومنهم النساء في المنظومة الاقتصادية لدول العالم. فيما أفاد إدوارد سيكونا وزير الاقتصاد بجمهورية مالطا، بأن معظم الاحتجاجات التي تشهدها العديد من الدول في العالم جاءت بشكل عفوي وليست لها قيادة ولم يتم تنظيمها من قبل المعارضة، مشيرا إلى أن هذه الاحتجاجات كانت نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية كالبطالة والفقر وتدني مستوى المعيشة وتهميش الشباب وغيرها وقد أدى ذلك إلى ارتقاع الهجرة وتدفق المهاجرين إلى دول أوروبا.
وشدد أيضا على أهمية مكافحة ظاهرة الفساد باعتباره أحد العوامل التي تكبح نمو الاقتصاد لدى العديد من الدول، ومؤكدا في الوقت ذاته على أهمية تطوير التعليم وتعزيز قطاع التكنولوجيا لما له من دور مهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي بمختلف دول العالم.
ثلاثة عوامل ترسم مستقبل المنطقة
وأشارهاني فندقلي من مؤسسة بوتوماك كابيتال، إلى التحديات التي تواجه العديد من دول منطقة الشرق الأوسط كعدم وجود فرص عمل وتهميش الشباب والبطالة والفقر والفساد وعدم مواكبة الثورات التكنولوجية الهائلة وغيرها من العوامل التي لها تأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي، مشددا على ضرورة أن تستفيد دول المنطقة من هذه التطورات، كما أكد على ضرورة تغيير نظام التعليم ليصبح أكثر جودة ومواكبة، إضافة إلى ضرورة دراسة عملية التغيير المناخي ووضع حلول لها.. لافتا إلى وجود ثلاثة عوامل أساسية ترسم مستقبل المنطقة، أولها ارتفاع معدلات النمو السكاني في المنطقة والتغيرات الديمغرافية وسيطرة الفئة الشابة التي تتطلع لفرص عمل وحياة أفضل مشيرا إلى أن المنطقة العربية ستشهد نموا سكانيا كبيرا خلال الأعوام القادمة. والعامل الثاني يتمثل في التحديات التي يفرضها التطور التكنولوجي، مشيرا في هذا الإطار إلى التغيرات التي أحدثتها التكنولوجيا في حياة الشعوب، ولافتا لأهمية جسر الهوة بين التكنولوجيا والتخطيط، ووفقا لفندقلي فقد تمثل العامل الثالث في التغيرات المناخية والتي تتطلب استعدادات مسبقة ولها تأثيرها المباشر على كافة مناحي الحياة.