لندن ـ “القدس العربي”:
بالتزامن مع الاتهامات الخطيرة التي وجهت لرئيس بلدية لندن صادق خان من قبل النائب البرلماني لي آندرسون عن حزب المحافظين البريطاني (الذي علقت عضويته بسببه) بأنه خاضع لـ”سيطرة متشددين إسلاميين”، أكد صادق خان في مقال له بصحيفة “إندبندنت” البريطانية أن “العنصرية المؤسسية ليست وهما، بل حقيقة موجودة ومقلقة، متعهدا بالعمل جنبا إلى جنب مع مفوض شرطة العاصمة البريطانية لوضع المؤسسة الأمنية على طريق الإصلاح المنهجي والثقافي بعيد المدى”.
وأضاف خان “أنه لا يمكن تجاهل هذه العنصرية أو مراوغتها، قائلا إن هناك اتجاها سياسيا مقلقا للغاية للتقليل من شأن وجودها أو حتى إنكارها”.
وأشار إلى أنه لن يرتاح حتى يحصل سكان لندن على خدمة الشرطة التي يستحقونها، “خدمة تمثيلية وموثوقة ومناسبة حقا للغرض”.
وأشار خان إلى أنه بعد 25 عاما من التحقيق في مقتل الشاب الستيفن لورانس ونشر تقرير ماكفيرسون عنه، فإنهم مدينون لستيفن وعائلته وسكان لندن اليوم بمواصلة النضال، حتى تصبح العنصرية، العلنية والمؤسسية، من مخلفات الماضي، وليست “وصمة عار على حاضرنا أو آفة على مستقبل أطفالنا”.
يُشار إلى أن ستيفن لورانس من سكان لندن السود قُتل في الـ 18 من عمره في هجوم بدوافع عنصرية أثناء انتظاره حافلة يوم 22 أبريل/نيسان 1993، ونُشر تقرير ماكيفرسون بشأن الحادث في 1999.
ووصف خان نشر ذلك التقرير بأنه نتاج حملة دؤوبة لعائلة لورانس، خاصة والدته “الملهمة” البارونة دورين لورانس، قائلا إن تلك كانت لحظة تاريخية في مسيرة العلاقات العرقية البريطانية.
وأوضح أنه إضافة إلى ما ذكر التقرير عن الإخفاقات الدامغة لشرطة العاصمة، فقد قدم لأول مرة اعترافا رسميا بما كانت مجتمعات السود في لندن تعرفه منذ فترة طويلة، وهو أن شرطة العاصمة مصابة بالعنصرية المؤسسية.
وقال إن ذلك التقرير كان حافزا ليس فقط للتغييرات في القانون، ولكن لصحوة مجتمعية عن وجود العنصرية المؤسسية وتأثيرها الخبيث، ولفتح أعين الجمهور على التكلفة البشرية لهذه الآفة، فضلا عن لفت الانتباه إلى حقيقة أن العنصرية المؤسسية لم تقتصر على الأرجح على الشرطة، بل كانت سمة من سمات المؤسسات والمنظمات الأخرى أيضا.
ولفت إلى أنه في حين تم إحراز بعض التقدم في السنوات الأخيرة في معالجة العنصرية المؤسسية في الشرطة وأماكن أخرى، بعد ربع قرن من إصدار تقرير ماكفيرسون، فلا يزال هناك الكثير من العمل الذي كان يجب أن يُنجز من قبل.
وأضاف أن المراجعات الرسمية تؤكد استمرار العنصرية المؤسسية، بدليل الوفيات غير المتناسبة بين السود خلال جائحة كوفيد-19، وعدم المساواة في نظام العدالة الجنائية، ووفيات النساء السود أثناء الحمل أو الولادة بأكثر من 4 مرات من النساء البيض في بريطانيا.
أول مسلم يُنتخب رئيساً لبلدية لندن
وختم خان مقاله بالقول إنه من الواضح أن العنصرية المؤسسية ليست مجرد مشكلة ملحة فقط، ولكنها مسألة حياة أو موت لسكان لندن والبريطانيين السود اليوم.
وكان حزب المحافظين البريطاني، علق السبت، عضوية نائب البرلمان لي آندرسون، بعد قوله إن رئيس بلدية لندن صادق خان خاضع لسيطرة متشددين إسلاميين.
وخان هو أول مسلم يُنتخب رئيساً لبلدية لندن، وعضو بحزب “العمال” المعارض، وهو أيضاً هدف متكرر لانتقادات المحافظين، بسبب أسلوب تعامله مع الإجراءات الأمنية في العاصمة البريطانية، ومنها المسيرات المؤيدة للفلسطينيين.
واحتشد، يوم الأربعاء الماضي، مئات المحتجين المؤيدين للفلسطينيين أمام البرلمان، خلال تصويت على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعلى الصياغة المستخدمة تحديداً.
وقال لينزي هويل، رئيس مجلس العموم، إنه خالفَ الإجراءات البرلمانية المعتادة المتعلقة بالتصويت بسبب تهديدات سابقة بالعنف تلقاها بعض أعضاء المجلس بسبب آرائهم عن الصراع.
وقال آندرسون لقناة (جي.بي نيوز) التلفزيونية، الجمعة: “لا أعتقد في الواقع أن هؤلاء الإسلاميين المتشددين يسيطرون على بلادنا. لكن ما أعتقده هو أنهم يسيطرون على خان، ويسيطرون على لندن. لقد قدّم عاصمتنا إلى رفاقه في واقع الأمر”.
وقال خان للصحافيين إنه يعتبر تعليقات آندرسون عنصرية ومعادية للإسلام، وإنها “تصبّ الزيت على نار الكراهية للإسلام”.
ووسط الانتقادات المتزايدة لتعليقات آندرسون، قال حزب المحافظين إنه قرر أنه لا يمكن لآندرسون أن يمثل الحزب في البرلمان.