وسط تسلل النظام والميليشيات الإيرانية: تزايد التوتر شرقي الفرات في سوريا

منهل باريش
حجم الخط
0

تشابك الخيوط في وجه «قسد» سيجعلها تقدم تنازلا صغيرا للعشائر العربية من خلال الإسراع بتشكيل مجلس عسكري جديد وآخر مدني يُعطي حصة عادلة من الموارد لسكان المنطقة.

عقد المجلس العسكري في قوات سوريا الديمقراطية «قسد» اجتماعه الفصلي بحضور مظلوم عبدي القائد العام لـ«قسد». وقالت القوات في بيان رسمي، نُشر على موقعها الرسمي عقب انتهاء الاجتماع الأربعاء إن المجتمعين أكدوا حرصهم على عدم تحويل مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرتها إلى «ساحة صراع وتصفية حسابات بين القوى الإقليمية والدولية».
وقبل الاجتماع بيوم، رفض عبدي أن تصبح مناطق سيطرة قواته شمال شرقي سوريا «ساحة معركة» بين أمريكا وإيران، رغم أنه مدعوم من الأول.
وأوضح في حديث لموقع «المونيتور» أن المجموعات المدعومة من إيران بدأت بالعفل باستهداف مواقع «قسد».
وركز اجتماع أكبر سلطة عسكرية في «قسد» على مناقشة هجمات الدولة التركيّة الأخيرة على المنطقة، والتي استهدفت «البُنية التحتية والمدنية والمؤسسات الخدمية وكذلك المدنيين، وجرى تقييم الأضرار التي خلفتها بشكل واسع» حسب ما جاء في بيان «قسد». واتهم «المجلس» أنقرة بالسعي من أجل الاستفادة من الحرب الدائرة في غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل واستثمارها من خلال تكثيف هجماتها الأخيرة. وفي سياق منفصل، أعلنت «قسد» مسؤولية قوات النظام السوري وحلفائه عن الهجمات الأخيرة التي شنت ضدها شرقي دير الزور، لافتة إلى أن النظام أرسل المجاميع المرتبطة به إلى مناطق سيطرته في «محاولة لزرع الفتنة وبث الفوضى» ونوه المجلس العسكري إلى نجاح تشكيلاته بانجاز عملية «تعزيز الأمن» وهي العملية التي بدأتها «قسد» مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، وأعلنت انتهاءها في 9 أيلول (سبتمبر) إلا أن الاشتباكات بين مسلحي العشائر ومقاتلي «قسد» لم تتوقف مطلقا منذ انطلاقها قبل ثلاثة أشهر من الآن.
ومع استمرار الهجمات في شرق سوريا، تتزايد الاتهامات الموجهة للشيخ ابراهيم الهفل زعيم قبيلة العكيدات بالتنسيق مع النظام السوري وقادة الحرس الثوري الإيراني في الضفة اليمنى لنهر الفرات، حيث يتواجد الهفل أغلب وقته هناك في حين يتسلل خفية بعض الوقت إلى مسقط رأسه في بلدة ذيبان معقل مشيخة قبيلة العكيدات التاريخي.
وبعد مرور نحو سبعين يوما على إعلان «قسد» انتهاء العمليات ضد منتفضي العشائر العربية، لم تنفذ وعود قائدها عبدي بإعادة هيكلة المجلس العسكري في دير الزور وهو تشكيل عربي يتبع لها، ولا أعادت هيكلة المجلس المدني التابع لـ«الإدارة الذاتية» وبقيت حالة التهميش لأبناء دير الزور على حالها رغم الموارد الطبيعية الكبيرة التي يضع المقاتلون الأكراد يدهم عليها، مثل النفط والغاز والقمح إضافة إلى المياه والكهرباء. في حين تتذرع «قسد» بمسألة عدم تمثيل المجلسين لكافة القبائل العربية، ويقول أبناء المنطقة إن المشكلة الرئيسية هي التهميش والتمييز ضد السكان العرب وعدم اعطائهم حقهم من موازنة الخدمات العامة.
وفي إطار محاولة «قسد» التخفيف من حجم الغضب ضدها، عقدت الاجتماع الثاني بين بعض الوجهاء من قبيلة العكيدات وممثلين عسكريين أمريكيين من «التحالف الدولي لمحاربة داعش» منذ التوتر الحاصل قبل ثلاثة شهور. واعتبرت «قسد» أن «الشيوخ والوجهاء المجتمعين أوضحوا تمسك عشائر المنطقة بمشروع الإدارة الذاتية وأن أبناء القبائل والعشائر منخرطون ضمن صفوف قسد».
وفي منطقة شرق الفرات، تشكل عودة القيادي العشائري في بلدة الشحيل عمار الحداوي أبو يعرب إلى المنطقة حدثا هاما في ظل الانقسام الحاصل في المنطقة وتنازع العشائر العربية بين «قسد» من جهة وبين النظام السوري وإيران من جهة أخرى. وحظي الحداوي باستقبال عشائري جيد خصوصا وان القيادي في «قسد» محمد الرمضان الملقب بـ«الضبع» كان على رأس مستقبليه، وهو من رتب عودته إلى الشحيل. ويذكر أن الحداوي كان أحد ابرز وجهاء مدينة الشحيل وهو من قاد المفاوضات مع تنظيم «الدولة الإسلامية» عام 2014 من أجل تسليم البلدة إثر انسحاب فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة من دير الزور وسيطرة التنظيم على أغلب المحافظة. وهو التاريخ الذي غادر به الحداوي دير الزور إلى تركيا بخلاف الرواية التي تقول أنه أصبح قياديا في التنظيم وبقي عامين قبل خروجه من دير الزور.
ويذكر أن الحداوي كان عضوا في وفد المعارضة إلى مؤتمر سوتشي، وسجن في تركيا عام 2019 واطلق سراحه، ثم اعتقل مرة أخرى وأسقطت السلطات التركية بطاقة الحماية المؤقتة عنه، وتنقل بين منطقة درع الفرات وتركيا قبل أن يقرر العودة إلى مسقط رأسه الشحيل.
في سياق آخر، ارتفع عدد الهجمات التي تتبناها «المقاومة الإسلامية في العراق» ضد القواعد الأمريكية إلى 74 هجومًا منذ إعلان الهجمات في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث جاءت الهجمات ردا على اجتياح الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة ـ والتزاما بما يعرف بـ«وحدة الساحات» في محور المقاومة الإسلامية الذي تقوده إيران.
وفي مؤتمر صحافي قالت نائبة السكرتير الصحافي في وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» سابرينا سينغ، الخميس، أن آخر الهجمات ضد القواعد الأمريكية حصل يوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر). وحملت سينغ إيران المسؤولية عن تمويل مجموعات مسلحة بواسطة «الحرس الثوري الإيراني» ومن بينها «حزب الله» اللبناني، وميليشيا «أنصار الله» التي يقودها عبد الملك الحوثي في اليمن. وهددت «المقاومة الإسلامية في العراق» أمريكا في حال استمرار العدوان الإسرائيلي ضد غزة معلنة «استعدادها وجهوزيتها، لتصعيد العمليات العسكرية داخل العراق وخارجه».
والجدير بالذكر أن فصائل الحشد الشعبي الشيعي العراقية الموالية لإيران والنشطة تحت مظلة دعائية فقط، هي «المقاومة الإسلامية في العراق» أوقفت استهداف وقصف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، كما أوقفت ميليشيا «الحوثي» استهدافها مدينة ايلات جنوب إسرائيل، على الرغم من تأكيدها عدم الالتزام بالهدنة الحاصلة بين حماس وإسرائيل برعاية دولة قطر وجمهورية مصر.
وقبيل أيام قال السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأمريكية العميد بات رايدر، إن وكلاء إيران يستغلون «الحرب» الجارية في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق. وصرح أنه في حالة العراق وسوريا «تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر».
مصدر عسكري في قوات النظام السوري، أعلن انه في تمام الساعة 1:35 من فجر السبت، تنفذ «إسرائيل عدوانا جويا من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في محيط مدينة دمشق، وتصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها، واقتصرت الخسائر على الماديات». وأكد مصدر لـ«القدس العربي» في منطقة السيدة زينب جنوبي دمشق استهداف مزرعة في المنطقة ما أدى لمقتل عنصرين من عناصر الميليشيات الموالية لإيران دون تحديد اسم الفصيل الذين ينتمون إليه.
تشير اتهامات مظلوم عبدي المباشرة لمخابرات النظام السوري بدعم بعض الجماعات شرق الفرات إلى توتر ملحوظ في العلاقة مع النظام، ناهيك عن تعقيدات العلاقة مع الحرس الثوري الإيراني الذي يدعم بعضا من الجماعات العشائرية بالاستناد على أقاربهم العاملين معه على الضفة المقابلة لنهر الفرات. وتشابك الخيوط في وجه «قسد» يحتم عليها فكفكة التشابك الحاصل وعلى اعتبار ان المناورة بين الدول والجماعات دائما ما تؤدي إلى خسارة الجماعة، فهذا سيجعل «قسد» تفاضل بين تقديم تنازل صغير للعشائر العربية من خلال الإسراع بتشكيل مجلس عسكري جديد وآخر مدني يُعطي حصة عادلة من الموارد ولا يترك أبناء دير الزور عطشى بسبب شح المياه الصالحة للشرب في حين شرفات منازلهم تطل على نهر الفرات، أو أن يظلوا يبتاعوا برميل المحروقات بأغلى مما يباع في إدلب أو في مناطق سيطرة النظام وبين قراهم يقع أكبر حقول النفط في سوريا قاطبة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية